تحالف النظام والإخوان في مهاجمة ثورة يوليو وجمال عبد الناصر
بقلم: محمود كامل الكومي*
لم يكن العنوان من فراغ , لكنه الواقع الذي صار, وموسم لطم الخدود وشق الجيوب قد حل مع الذكرى الـ 72 ثورة يوليو بقيادة ناصر.
الأخوان لا تنسى ,أنها كانت تضمر القفز على ثورة يوليو, من خلال جنرال فرضه بعض الثوار بالنظر لرتبته رغم تدنى قدرته , امام الفريق عزيز المصرى الذى أراده جمال عبد الناصر والبعض من الثوار – وهم الشباب فى مقتبل العمر.
ولما كان قائد الثورة لاعب شطرنج محترف الإستراتيجية نمط تفكيره, فقد أدرك الخطة, حين طلب نجيب الرجوع الى الثكنات قبل أن تحقق الثورة الأهداف ليلائم الأجواء لتسطو على الثورة الخلايا المستترة فى زواريب مكتب الإرشاد, فحدد ناصر إقامة الجنرال, وأجهض مؤامرة الإخوان, وفوت عليهم فرصة تحقيق حلمهم , لتدمير مصر الوطنية العربية المدنية المتباهية بكل أصحاب الأديان السماوية.
لذا صار حقد الآلة الأعلامية الأعمى تقلب الحقائق أكاذيب وترى فى السد العالى أنه حجب السردين وفى عودة القناة لمصر من أعمال الشيطان الرجيم, ومن إقامة حكومة ناصر 1500 مصنع أنه التعدى على حرمة مافيا رجال الأعمال المتدلية ذقونهم وجلاليبهم حتى الأرض
فصار الغل والحقد بادعاء الكذب, بعيدُا عن الصالح العام , وفي شرعهم مقتل عبد الناصر في قبره سيحقق لهم الخلافة حتى لو كانت تحت ولاية أردوغان , أو تميم !
أما النظام, الذي انقلب على ثورة يوليو فى 15 مايو 1971 وبعد وفاة جمال عبد الناصر , فمزق الجسور بينه والدول العربية , وصار الصلح مع الصهيونية والتمدد مع الرأسمالية ونهب الفقراء, والى الآن مازال يحكم مصر, فقد تماهى مع الأخوان فى التشفى من نصير الفقراء, وصاحب الدوائر الثلاث العربية والأفريقية والإسلامية , وصراع الوجود مع الصهيونية, فكان ناصر فى شرعة رئيس الحكومة هو سبب أزمة الإسكان , فى محاولة لإطفاء نور المساكن الاقتصادية ووفرة المساكن الإيجارية وبأسعار زهيدة جعلت كل شاب يتعدى العشرين أسير بيت الزوجية، ذلك فى ستينات القرن الماضى عصر ناصر والثورة , وكان كلام رئيس الجمهورية عن تبديد ناصر الغطاء النقدى، قد صار دون مراعاة تقارير المؤسسات الدولية بأن خطة التنمية فى عهد ناصر حققت أكبر فائض شهدته مصر, وأن الخبراء الكوريون جاءوا ليدرسوا هذا التقدم .
ولم تكن تلك الادعاءات الباطلة اِلا من أجل أن يحذف من تاريخ مصر أن الثورة هى علم تغيير المجتمع إلى التقدم والمستقبل.
وان ما يتم الآن من رده ونهب للفقراء , و حكم مافيا تجار الأعمال, عملاء الصهيونية والرأسمالية العالمية, وصياغة التعاون مع أعداء الوجود , هو الذى كان يجب أن يسود , امتدادا لعهد الملكية والحاكم الغير مصري الذي يحميه الأحتلال الأنجليزى.
وأن ما ادت اليه سياسات الحكم منذ السادات الى الآن من استدانه , وإنشاء مشاريع لا تخدم الشعب وبيع مصانع الشعب وأصول مصر
والديون التي كبلت مصر وصارت مؤشر لاحتلالها من جديد, ومن تدني الطبقة الوسطى التي انتشلها عبد الناصر من الفقر ,واعادوها الى ما كانت عليه وتدنو بالفقراء إلى ما تحت الأرض, فى شرعهم سبب كل هذا الانهيار ثورة يوليو وزعيمها جمال عبد الناصر, بسبب أهم سقطاته أنه جعل التعليم والصحة بالمجان, وذوب الفوارق بين الطبقات!!!!!.
الآلة الإعلامية الجهنمية للأخوان , تحالفت مع أعلام كامب ديفيد تعزف نشاز البوم والغربان, الذى ينهش فى جسد جمال عبد الناصر المسجى فى مقبرته بسراى القبة منذ أكثر من نصف قرن جزاء ان قام بثورة أعادت الحكم للمصريين منذ الفراعنة , وجزاء أن حرر مصر من استعمار جثم على صدرها أكثر من سبعين عاما, وجزاء أن أعاد الأرض التي اقتطعها محمد على المقدونى لأسرته وللأجانب الذين أتوا معه , وكل من تواطأ على الزعيم عمر مكرم وانحاز للوالي الغاصب وعصبته , للفلاحين فحولهم من اقنان الى ملاك,
ولم يكن ذلك غريبا على الأخوان والنظام, فكلاهما يتخذ من الرأسمالية طريقا لتحقيق نزعته إلى القبض على البلاد, فشركات الأخوان التى استغلت الإسلام لمص دماء الشعب صارت عنوانا , والنظام أعاد الرأسمالية المتحالفة مع الصهيونية عنوان تتطفل فيه على الفقراء، فيما اى من الأخوان والنظام كان يستغل حاجة الفقراء فيمُن عليهم , بكرتونه الزيت والسكر والشاى, محللا لمص دم الفقراء .
وهم لذلك تحالفوا لقتل عبد الناصر فى قبره بعد أكثر من نصف قرن على الوفاة,لأنه نصير الفقراء, وصاغوا للراقصات المذكرات المفبركة , كما فعلت الإخوانية زينب الغزالى والنظامية الراقصه أعتماد خورشيد من تشويه لعبد الناصر وثورته, حتى يكفر الناس بكل قيم العدل والحرية والقومية العربية وفلسطين خالية من الصهيونية .
ومع كل مناسبة ناصرية , ثورة يوليو – ميلاد ناصر – وفاته – عيد الوحدة , تزداد حالة الحقد والغل على جمال عبد الناصر من الأخوان وقوى الرأسمالية المحلية أذناب صندوق الخراب والبنك الدولي, فيقذفون ثورة 23 يوليو وقائدها بكل الأكاذيب والأباطيل.. ولكن رغم مرور 72 عاما على ثورة يوليو و52 عاما على وفاة جمال عبد الناصر فان يزداد الرجل بريقًا وضياء عاما بعد عام, بدليل أنه إلى الآن , مسار حقدهما معًا، ومازال محور اهتمام كل المؤرخين فى العالم, والبطل القومى لكل الأحرار.
ولما كان ما سلف كذلك فقد سخروا جهودهم كل من خلال كتائبة الأليكترونية وآلته الإعلامية الجهنمية, لتصدير أشخاص وكتاب يحملون صور عبد الناصر بروفايل لهم, فيما هم يمارسون طقوس الدروشة والانجذاب, وتصوير عبد الناصر بأنه نبى مرسل من عند الله ( حاشا لله – مستغفرين), فى محاولة خبيثة , لتشويه الرجل حتى وهو فى قبره, والتدنى بإنجازاته, وتفريغ البطولة والقيادة والزعامة من مقوماته, ليكفر به العامة , وهو الذى عاش فى قلوبهم , لذا فهؤلاء الدراويش
الملتحفين بصور عبد الناصر وبفكره أجهل الجهلاء , هم الأخطر والذين يجب على العقلاء أن يتجاهلهم ويحاصروهم بعدم الرد على ما يثيرون من جدل سفسطائي يؤدي الى الجهل, وتفريغ كل ما له قيمة من قيمته, والمصادرة على كل رأي حر ينتقد باِيجابية.
وستظل كلمات المناضل يحيى حسين عبد الهادى هى أعظم ختام فى ذكرى ثورة الشعب والجيش فى 23 يوليو بقياده جمال عبد الناصر: “كلما أهالوا عليه التراب … أزداد بريقه …عبد الناصر .. هذا الرجل أُمَّةٌ وحدُه “.
عبد الناصر … هذا رجلٌ أَحَّبَه معظم شعبه الذى عاصره .. مصريون وعربٌ .. وقد تعددت التفسيرات حول سر هذا الحب الجارف ..
أعتقد أنه الصدق والإخلاص الكامل .. فالشعب إذا استشعر الصدق فى المسؤول مَنَحَه حُبَّه وتأييده بلا تحفظ ..
وقد كان عبد الناصر صادقاً لا يُمَّثِل .. صادقاً فى زُهدِه .. وصادقاً فى انحيازه للفقراء ..
وصادقاً فى إيمانه بالوحدة العربية وسعيه لها ..وصادقاً فى عدائه للاستعمار الجديد والقديم ..
بل كان صادقاً حتى فى استبداده ولَم يَدَّعِ أنه ديمقراطى (ورفض النمط الغربى للديمقراطية فى بلدٍ لم يتحرر بعدُ من أغلال الفقر فى حوارٍ علنىٍ شهير مع خالد محمد خالد) ..
هذا رجلٌ أصاب وأخطأ .. ونجح وفشل .. لكن بوصلته لم تتغير أبداً ..
والمصرى قد يغفر لابنه الفشل ولكنه لا يغفر التقصير .. قد يغفر الهزيمة ولكنه لا يغفر التفريط ..
وهذا الابن المصرى البار الشريف النظيف لم يُقَّصِر ولم يُفَّرِط .. وكان عَصِّيَاً على الفساد ..
لذلك أَحَّبَه معظم معاصريه من المصريين والعرب، وحارَبَه الاستعمار الجديد والقديم وأذياله فى منطقتنا .. ولا زالوا يحاربونه ..
شئٌ مدهشٌ أنهم كلما أهالوا عليه التراب …ازداد بريقه ..
وأن يكون الجسد الطاهر مُسَّجَى فى قبره منذ اثنين وخمسين عاماً ..
ويعيش جمال عبد الناصر..
خالص التهاني بالذكرى الـ 72 لثورة 23 يوليو 1952.
*كاتب ومحامي مصري