الانتخابات التشريعية الفرنسية وإشكانية تكوين حكومة
بقلم: خليل البخاري/ المغرب*
انتهت الانتخابات التشريعية بفرنسا بعد الإعلان عن فوز ثيار الجبهة الوطنية الشعبية التي تمثل اليسار الفرنسي وهي مكونة من : الخوبة الاشتراكي والحزب الشيوعي وفرنسا الأبية والخضر، بينما كانت نتائج حزب الرئيس ماكرون كارثية. فالرئيس ماكرون يواجه خصمين هما: اليمين المتطرف بقيادة حزب التجمع الوطني، وآئتلاف الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم أحزاب الإشتراكيين وأقصى اليسار والخضر ويقود هذا الإئتلاف حزب فرنسا الأبية ونعيمه جون لوك ميلونشون.
لقد تحطم طموح حزب التجمع الوطني في الانتخابات التشريعية الفرنسية على صخرة صحوة الفرنسيين من جهة اليسار والوسط الذي دق جرس الإنذار أمام الشعب الفرنسي مع تقدم اليمين المتطرف في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، وحصل فيها على 33% من أصوات المقترعين، وجاءت الجبهة الشعبية الجديدة ثانيا بنحو 28% وأخيرا تكتل معا في ذيل القائمة.
لقد انقلب غرور وغطرسة اليمين المتطرف حيث بادر بارديلا مع زعيمته ماري لوبان في الساحات أمام مناصريهم يشترطون معاييرهم لتشكيل الحكومة وآعتقادا منهم بإمكانية حصولها على أغلبية مطلقة مريحة.
إلا أن الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية تميز التصويت بالعقلانية بخلاف الحولة الاولى الذي كان فيه التصويت عقابيا ضدا على سياسة ماكرون وأخطائه المتعددة منها دعم اوكرانيا في خربها مع روسيا ومساندته لإسرائيل في الخرب على غزة وتبعيته المطلقة للولايات المتحدة الأمريكية، قلبت الأمور رأسا على عقب. والأسباب تعود إلى تصريحات زعماء ومرشحي اليمين في أعقاب نتائج الجولة الأولى، ثم الرفض المبدئي من الفرنسيين لسيطرة اليمين المتطرف على مقاليد الحكم وأخطاره الشوفينية والاقتصادية على مستقبل فرنسا، وكذلك إستشعار المهاجرين من مختلف الإثنيات الخطر الداهم لا سيما أن أقطاب اليمين هددوا بآرتكاب مجازر تهجير ضدهم وضد أبنائهم، اضافة الى كراهية اليمين المتطرف للأجانب وخاصة المهاجرين والعنصرية مناهضته للنساء والزيادة في الحد الأدنى من الاجور ..مما دفعهم للمشاركة بقوة في الانتفاضة الانتخابية. كنا أن التصويت الفرنسي جاء ردا على نتائج الانتخابات البرلمانية للإتحاد الاوربي التي فاز فيها اليمين المتطرف .
إن تحالف الجبهة الشعبية الجديدة في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية ساهم في تحقيق تقدم ملموس في الانتخابات إستنادا لبرنامج السياسي والاقتصادي والداعم للقضية الفلسطينية وموافقته الرافضة طرد المهاجرين والمطالب بتخفيض الضرائب وتخفيض سن التقاعد.
ولعل ما يثير الانتباه في مخرجات الانتخابات التشريعية الفرنسية هو أن الجمعية الوطنية(البرلمان) ستكون ولأةل مرة في التاريخ معلقة ومكبلة. فالنتائج المعلن عنها في الانتخابات التشريعية لا تساعد عل وجود تكثل قادر على تشكيل حكومة وحده ولا يوجد لدى أي من الكثل الأغلبية المطلقة..وبالتالي سيكون الرئيس الفرنسي ماكرون مضطرا إلى نسج تحالفات مع قوى مختلفة من خلال السعي لشق جبهة اليسار كما سيحاول ماكرون تأسيس إئتلاف مع أنصار البيئة والاشتراكيين وسيضطر في هذه الحالة إلى تقديم تنازلات متبادلة للوصول إلى قواسم مشتركة او سيذهب ماكرون إلى تشكيل حكومة تكنوقراط تحت قيادة رئيس حكومة معتدل.
إن مخرجات الانتخابات التشريعية بفرنسا وبريطانيا شهدت انتصار اليسار بفرنسا وفوز حزب العمال ببريطانيا مما ساهم في إيقاف الند اليميني المتطرف في القارة العجوز، وخلق حالة من التوازن النسبي بين مختلف القوى.. فالتاريخ علمنا أن أوربا اليمينية المتطرفة قد تجر العالم إلى أجواء مشحونة وعنصرية. وربما إلى حرب تدمر الحياة البشرية. والدليل هو أنه خلال مرحلة الثلاثينات من القرن الماضي حكمت القوى الماشية ألمانيا وإيطاليا وجرّت العالم إلى الخرب العالمية الثانية 1938م
* أستاذ مادة التاريخ