بعكس أوروبا، بريطانيا تتوجه يساراً.. حزب العمال يحصد الأغلبية البرلمانية البريطانية، لينتهي بذلك حكم حزب المحافظين
منح الناخبون البريطانيون حزب العمال (يسار وسط)، الأغلبية البرلمانية في البلاد، لينتهي بذلك حكم حزب المحافظين الذي استمر لحوالي 14 عاما، وذلك في الوقت الذي بدأ فيه اليمين المتشدد بإحكام قبضته في أوروبا.
وذكر تقرير لشبكة “سي إن إن” الأميركية، أن نتائج الانتخابات البريطانية جاءت بعدما شهدت الانتخابات الأوروبية التي جرت في يونيو، انتخاب عدد تاريخي من المشرعين من أحزاب اليمين المتطرف لعضوية البرلمان الأوروبي.
وتسببت نتائج الانتخابات الأوروبية في فوضى عارمة، جعلت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعلن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، فاز في الجولة الأولى منها حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
كما تشكلت حكومة يمينية متطرفة في هولندا هذا الأسبوع، وفق “سي إن إن”، التي أضافت أن إيطاليا أيضًا تشهد حكومة هي الأكثر يمينية منذ حكم الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني. ولم يجعل ذلك من وصول اليمينيين الشعبويين إلى السلطة مفاجأة في أوروبا.
وذكر التقرير أن هناك عدة أسباب وراء “الطفرة الشعبوية”، غالبا ما تكون مختلفة في كل دولة على حدة، لكن بشكل عام ترجع إلى “معاناة عدة دول أوروبية من تباطؤ الاقتصاد وارتفاع معدلات الهجرة وزيادة أسعار الطاقة”.
ويلقي كثيرون اللوم في تلك الأزمات على الاتحاد الأوروبي وسياساته.
لكن في بريطانيا، فتحت الانتخابات العامة أبواب داونينغ ستريت أمام زعيم حزب العمّال، كير ستارمر، حسب ما أظهر استطلاع لآراء المقترعين.
ووفقاً لنتيجة الاستطلاع التي نشرتها التلفزة البريطانية، سيحصل حزب العمّال (يسار وسط) على 410 من أصل 650 مقعداً في مجلس العموم، متقدماً بفارق شاسع على المحافظين الذين ستنحصر حصّتهم بـ131 مقعداً في أسوأ نتيجة انتخابية لهم منذ مطلع القرن العشرين، وفق فرانس برس.
بدوره، حقّق حزب “إصلاح بريطانيا” المناهض للمهاجرين نتيجة أفضل من المتوقع، بحصوله على 13 مقعداً نيابياً، حسب الاستطلاع.
وتفتح هذه النتيجة الباب واسعاً أمام حزب العمال لتشكيل حكومة، في حين أنها تمثّل هزيمة مدوية للمحافظين الذين تقلّصت حصتهم من 365 نائباً انتخبوا قبل 5 سنوات إلى 131 نائباً فقط.
أما حزب الديمقراطيين الليبراليين (وسط) فسيحصل في البرلمان المقبل على 61 نائباً.
وقد سارع ستارمر إلى شكر ناخبيه، وقال: “إلى جميع من قاموا بحملات لحزب العمّال في هذه الانتخابات، إلى جميع من صوّتوا لنا ووثقوا في حزب العمّال الجديد، شكراً لكم”.
وسيتبوّأ المحامي السابق منصب رئيس الوزراء بعد 9 سنوات فقط على دخوله عالم السياسة و4 سنوات على توليه منصب زعيم حزب العمال.
وأضاف في خطاب ألقاه بعد إعادة انتخابه في دائرته الانتخابية في شمال لندن: “الناخبون هنا وفي كل أنحاء البلاد قالوا كلمتهم، وهم مستعدون للتغيير ولإنهاء سياسة الاستعراض، وللعودة إلى السياسة بوصفها خدمة للجمهور”.
لماذا اختلفت بريطانيا؟
قال تقرير الشبكة الأميركية، إنه على الرغم من عدد المقاعد المتوقعة لحزب العمال، فإن اليمين البريطاني “لم يمت”، ومن المتوقع أن يتفوق المحافظون على الرغم من الليلة المخيبة للآمال، حيث أن توقعات استطلاعات رأي خلال الحملات الانتخابية، كانت تشير إلى هزيمة أسوأ.
كما أشارت “سي إن إن” إلى أن حزب الإصلاح بقيادة اليميني المتشدد، نايجل فاراج، سيتجاوز التوقعات، وهو الحزب الذي وقف بشدة وراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وذكر التقرير أنه من المحتمل أن يكون الانقسام بين فاراج واليمين قد ساعد ستارمر في زيادة أغلبيته البرلمانية، لكن في الوقت نفسه سيكون من المستحيل تجاهل اليمين المتشدد في البرلمان الجديد، حيث “ينمو نفوذه بشكل أكبر”.
وتواجه بريطانيا نفس المشاكل التي تعاني منها دول أوروبية أخرى. وحال تعثر ستارمر كرئيس للوزراء، فإن الفرصة ستكون سانحة أمام استمرار اليمين المتشدد في الاستحواذ على عقول العامة، كما حدث في دول أخرى، وفق “سي إن إن”.
واعترف رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، اليوم الجمعة، بهزيمته في الانتخابات العامة، وقال بعد فوزه بمقعد في البرلمان “فاز حزب العمال بهذه الانتخابات العامة، اتصلت بالسير كير ستارمر لتهنئته بفوزه”.
وأضاف في تصريحات نقلتها رويترز: “اليوم سيتم تداول السلطة بطريقة سلمية ومنظمة وبحسن نية من جميع الأطراف. وهذا أمر ينبغي أن يمنحنا الثقة جميعا في استقرار بلادنا ومستقبلها”.