“نيويورك تايمز”: قادة الجيش الصهيوني يخشون من حرب “أبدية”، ويريدون وقف النار في غزة حتى لو أدى ذلك لبقاء حماس
نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، اليوم الثلاثاء، عن مسؤولين قولهم إن كبار جنرالات إسرائيل يريدون بدء وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك لبقاء حركة حماس.
كما نقلت الصحيفة عن المسؤولين تأكيدهم أن الهدنة ستكون أفضل طريقة لاستعادة المحتجزين الذين يقدر عددهم بـ120.
وأضاف المسؤولون أن جنرالات إسرائيل يعتقدون أن قواتهم تحتاج لوقت للتعافي في حال حرب برية ضد حزب الله، كما يظنون أنه يمكن للهدنة مع حماس أيضا أن تسهل التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.
ونقلت الصحيفة عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق قوله إن الجيش يدعم بالكامل صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، وذكر أن مسؤولي الجيش يعتقدون بإمكان العودة والاشتباك مع حماس لاحقا.
وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين إسرائيليين إن الجيش يخشى من حرب وصفها بـ”الأبدية” تتآكل فيها طاقاته وذخائره تدريجيا.
وقال المسؤولون إن “إبقاء حماس في السلطة حاليا لاستعادة المحتجزين يبدو وكأنه الخيار الأقل سوءا لإسرائيل”، وفق تعبيرهم.
يأتي ذلك، بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، امس الاثنين، إن الجيش الإسرائيلي يتقدم إلى “نهاية مرحلة القضاء” على “جيش” حركة حماس في قطاع غزة.
وأضاف نتنياهو متحدثا أمام مجموعة من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين والدوليين الذين يدرسون في كلية الأمن القومي “لقد عدت أمس من جولة في فرقة غزة، وشاهدت هناك إنجازات عظيمة جدا للقتال الذي يجري في رفح. إننا نتقدم نحو نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس”.
كما قال “سنواصل ضرب فلول حماس”، مشيرا إلى أنه سيتم تحقيق أهداف الحرب من إعادة المختطفين، والقضاء على القدرات العسكرية والحكومية لحماس، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا، بل وأكثر من ذلك إعادة سكاننا في الجنوب وفي الشمال إلى منازلهم سالمين”.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قالت امس الاثنين إن القيادة السياسية في تل أبيب أعطت ضوءا أخضر للقيادة العسكرية لإنهاء المرحلة الحالية من الحرب على غزة والانتقال تدريجيا خلال هذا الشهر للمرحلة الثالثة.
وفي التفاصيل، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن رغبة قادة الجيش الإسرائيلي في التوصل لوقف إطلاق النار مع حركة حماس في قطاع غزة، ويرونها أسرع الطرق للتوصل إلى اتفاق سريع لإعادة المحتجزين.
وأشارت الصحيفة إلى أن جنرالات جيش الاحتلال، يعانون من نقص المعدات لمواصلة القتال بعد أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ عقود، ويرون أن جنودهم بحاجة إلى الوقت للتعافي في حالة اندلاع حرب برية ضد حزب الله في لبنان.
ويريد كبار قادة الجيش الإسرائيلي البدء في وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك إلى بقاء حماس في السلطة في الوقت الراهن، وهو الأمر الذي يؤدي إلى توسيع الخلاف بين الجيش ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي عارض الهدنة التي من شأنها أن تسمح لحماس بالبقاء على قيد الحياة في الحرب، بحسب الصحيفة.
ويعتقد قادة الجيش أن الهدنة ستكون أفضل وسيلة لإطلاق سراح نحو 120 ما زالوا محتجزين في غزة، أحياء وأمواتاً، وذلك وفقاً لمقابلات أجريت مع ستة مسؤولين أمنيين حاليين وسابقين.
ووفقاً للمسؤولين، الذين تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم للصحيفة الأميركية، فإن الهدنة مع حماس قد تسهل أيضاً التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.
ورأت نيويورك تايمز أن موقف الجيش من وقف إطلاق النار يعكس تحولاً كبيراً في تفكيره على مدى الأشهر الماضية، حيث أصبح من الواضح أن نتنياهو يرفض التعبير عن خطة ما بعد الحرب أو الالتزام بها. وقد أدى هذا القرار في الأساس إلى خلق فراغ في السلطة في القطاع، الأمر الذي أجبر الجيش على العودة والقتال في أجزاء من غزة كان قد أعلن «تطهيرها من مقاتلي حماس».
وقال إيال هولاتا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي حتى أوائل العام الماضي، والذي يتحدث بانتظام مع كبار المسؤولين العسكريين، إن «الجيش يدعم بشكل كامل صفقة المحتجزين ووقف إطلاق النار».
وأضاف «إنهم يدركون أن التوقف في غزة يجعل التهدئة أكثر احتمالاً في لبنان. ولديهم ذخيرة أقل، وقطع غيار أقل، وطاقة أقل مما كان لديهم من قبل – لذلك فإنهم يعتقدون أيضاً أن التوقف في غزة يمنحنا المزيد من الوقت للاستعداد في حالة اندلاع حرب أكبر مع حزب الله».
ومن غير الواضح كيف عبرت القيادة العسكرية بشكل مباشر عن آرائها لرئيس الحكومة، ولكن كانت هناك لمحات من إحباطها في العلن، فضلاً عن إحباط رئيس الوزراء من الجنرالات.
ويبدو أن نتنياهو يشعر بالقلق إزاء أي هدنة تبقي حماس في السلطة لأن هذه النتيجة قد تؤدي إلى انهيار ائتلافه، حيث قال أجزاء من الائتلاف إنهم سينسحبون من التحالف إذا انتهت الحرب دون هزيمة لحماس.
حتى وقت قريب، كان الجيش يزعم علنا أنه من الممكن تحقيق هدفي الحرب الرئيسيين للحكومة في وقت واحد: هزيمة حماس وإنقاذ المحتجزين. والآن، خلصت القيادة العليا للجيش إلى أن الهدفين غير متوافقين، بعد عدة أشهر من بدء الشكوك تساور الجنرالات.
ومع رفض نتنياهو علناً الالتزام باحتلال غزة أو نقل السيطرة إلى زعماء فلسطينيين بديلين، يخشى الجيش الإسرائيلي من اندلاع «حرب أبدية» تتآكل فيها طاقاته وذخيرته تدريجياً حتى مع بقاء المحتجزين وقادة حماس ما زالوا طلقاء.
وفي مواجهة هذا السيناريو، يبدو إبقاء حماس في السلطة في الوقت الحالي مقابل استعادة المحتجزين الخيار الأقل سوءاً بالنسبة لإسرائيل، وفقا لمسؤولين إسرائيليين.
وعندما طُلب من الجيش التعليق على ما إذا كان يؤيد الهدنة، أصدر بياناً لم يتطرق بشكل مباشر إلى هذا السؤال. وجاء في البيان أن الجيش يسعى إلى تدمير «القدرات العسكرية والحكومية لحماس، وإعادة المحتجزين، وعودة المدنيين الإسرائيليين من الجنوب والشمال إلى منازلهم سالمين».
ولكن في تصريحات ومقابلات أخرى صدرت مؤخرا، أعطى قادة عسكريون تلميحات علنية حول ما توصلوا إليه بشكل خاص.
في مقابلة تلفزيونية أجريت معه في التاسع عشر من يونيو/حزيران، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانييل هاغاري: «إن أولئك الذين يعتقدون أننا قادرون على محو حماس مخطئون، إن حماس فكرة، وحزب سياسي، وهي متجذرة في قلوب الناس».