المتباكون المشفقون الندّابون.. مروّجون لليأس
بقلم: رشاد أبو شاور
أقصد من يدّعون الشفقة على آلام أهلنا ويتباكون ويندبون ويشككون بالحرب وأهوالها دون أن يحددوا بالضبط من يقصدون، وهدفهم المعلن المفضوح أنهم يحملون المقاومة والمقاومين أوزار الدمار في مدينة غزة وأخواتها ومخيماتها وبلداتها، فالموت الذي ينقّض على أهلنا ويحصد أرواح الكثيرين بخاصة الأطفال والأمهات في حرب يراد لها أن تكون حرب إبادة بدأت بشنها العصابات الصهيونية مباشرة بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين المسمّى بالانتداب، وبالرعاية البريطانية حتى إعلان دولة الكيان الصهيوني، ولن أذكّر بمصلحة بريطانيا في زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي، والذي تمدد واتسع بتقاعس (حكّام عرب) وكياناتهم الهزيلة، وبتبعيتهم وتواطؤهم..ثمّ بعد أفول شمس الإمبراطورية البريطانية حُسمت تبعية الكيان للإمبراطورية الأمريكية، وهيمنت أمريكا على آبار النفط في بلاد العرب والدويلات التي نُصبّت عليها، أمّا ما نراه أمام أعيننا فهو استمرار للاستتباع الرسمي، والفشل في خلعه ومعه الحدود التي رُسمت وأضعفت ومزّقت الأمة التي يتجلى تخليها علنا عن فلسطين، والتطبيع، والتآمر علنا على المقاومة المبهرة في قطاع غزة منذ 7تشرين أوّل 2023..بحيث التف جيش العدو الصهيوني وفصل الحدود بين قطاع غزة ومصر علنا ليحكم الطوق والخنق..ومع ذلك فسلطات مصر( المحروسة) تلعب دور الوسيط!.
في مصر، وربّما في غيرها من بلاد العرب يتم استئجار نسوة للندب على ميّت ليس له من يندبه، وقد يشققن ثيابهن، وماذا يهمهن لو ظهرت عوراتهن ما دمن يتقاضين أجورهن لقاء صراخهن على فقيد لا يفتقدنه، ولا يعرفن اسمه، وما دمن مستأجرات فلا يؤرقهن أن يتصرفن كبائعات يكشفن عوراتهن، وهن يتصرفن بمبالغة طمعا في الشهرة كندابات يلطمن ويشققن الأثواب ويستحققن أُجورهن ..أمّا الثواب فلا أمل لهن فيه لأنهن لا يعرفن شيئا عن صفات وأخلاقيات(المرحوم) ولا يقلقهن إن كان بلا أخلاق لصا وبائع ضمير وآكل حقوق…
في روسيا، في زمن الأفاق يلتسين –لا ننسى غورباتشوف الموزوّر البائع للغرب- برز مصطلح يهّم البشرية كلها، وأقصد البشرية الساعية للتحرر من هيمنة الغرب بقيادة الإمبراطورية الأمريكية مصاصة دماء الشعوب، مشوهة حياة البشر، وذلك المصطلح وصل إلى بلاد العرب، فهو جاء فاضحا لما بعد الطابور الخامس..وأخذ موقعه الدقيق في فضح وإدانه مثقفي التبعية المزورين البائعين خُدّام الأعداء المهيمنين على مقدرات الشعوب، أنهم مثقفو وكتاب ومفكرو الطابور السادس، المنتدبين لترويج الياس، وخلط الوعي، والهزء من الفكر الثوري المنتمي لقضايا الشعوب الفضّاح لوحشية الإمبريالية المهيمنة على العالم بقيادة الإمبراطورية الأمريكيّة…
الواقع يفضحهم مهما زوروا ودلسوا وكذبوا، والفكر الثوري المستند إلى قضايا الشعوب متحفز ومشتبك مع تضليلهم وكذبهم وكاشف لتزويرهم، وهو يضعهم حيث يستحقون كمرتزقة مستأجرين..ورغم ذلك فهم يواصلون أداء دورهم التزويري التضليلي خدمة للهيمنة الأمريكيّة، ودورهم تزوير الوعي وتخريب ثقافة المقاومة وتضليل الشعوب عن قضاياها.
في حالتنا الفلسطينية لن أذكر اسم أي واحد من هؤلاء، فهم يتمنون ذلك لأن ذكرهم يرفع من تسعيرتهم، وهم لا تهمهم سمعتهم لعدم حرصهم على سمعة مباعة، مهما بذلوا من جهود لتمريرها على القرّاء والسامعين، يعني كتابة أو مشاهدة على فضائية مهما تذاكت فهي مستأجرة، وتصب في خدمة أعداء حقوق الشعوب، واليوم في معركة طوفان الأقصى يفتضح أمرهم، فهم لاذوا في الصمت في البداية لأنهم فوجئوا بالحدث الذي هزّ العالم، ثمّ استلوا ( كمبيوتراتهم) وبدأوا العزف، ولقد شرعوا في تدوين بكائياتهم، وندبهم، وإبداء حرصهم الشديد على دم الأهل في قطاع غزة، ورفعوا سؤالا يبدو ملغزا ولكنه يفضحهم تماما، ولا يمكن تمريره على أهلنا ونساء شعبنا المؤمنات اللواتي يودعن الأبناء والبنات والأزواج مترحمات عليهم كشهداء، لاعنات لأمريكا ورئيسها المجرم بايدن الذي يأمر باستمرار بتزويد جيش العدو بالمزيد من الأسلحة وبخاصة المحرّمة في حروب كالحرب على قطاع غزة الذي مقاوموه الأبطال لا يملكون سوى أسلحة بسيطة أُذّل بها الجيش المدعي أنه رابع جيش في العالم!..والذي حوّلته مقاومة طوفان الأقصى إلى مهان مرذول مفضوح غارق في اليأس وبلا أخلاق لأنه يقتل الشعب الفلسطيني في مدن وبلدات ومخيمات القطاع لعجزه عن المواجهة …
يسأل كُتّاب الطابور السادس، عربا وبعض الفلسطينيين: هل كانت هناك ضرورة لهذه الحرب؟!
لمن يوجهون السؤال الذي يشتقون منه أسئلة أكثر تفاهة وسطحية وانعدام انتماء؟.
يقفزون على أسئلة كثيرة: يوم 31أيلول1993وقع قادة فلسطينيون مع قادة الكيان الصهيوني منهم الجنرال الذي اغتيل فيما بعد رغم أنه من (أبطال) الكيان منذ نشوئه(رابين) وشمعون بيرس أبو مشروع القنابل الذريّة الذي منحته فرانسا للكيان الصهيوني مكافأة على المشاركة في العدوان الثلاثي على مصر الناصرية، وبرعاية أمريكية لا تتميّز بأدنى نزاهة مثلها الرئيس كلينتون..وبعد ثلاثين عاما ممتدة: على ماذا حصل الشعب الفلسطيني يا إعلاميي الطابور السادس؟! وماذا تقترحون على شعب فلسطين في الضفة والقطاع.. المزيد من الصبر أكثر من ثلاثين سنة؟!.
أنتم لا تريدون أن تروا معاناة أهلنا في الضفة والقطاع: نهب مزيد من الأرض، والماء، والاقتصاد المستتبع، وزج الألوف في الأسر- من أفرج عنهم أفرج العدو عنهم مضطرا مقابل أسرى منه- أي بعمليات تبادل، وبعض الأسرى قضوا وراء جدران زنازين سجون العدو أكثر من أربعين سنة..وما زال في الأسر مئات الأبطال المحكومين بمؤبدات..أفلا يعني هؤلاء الأبطال وأعمارهم التي سُرقت في سجون العدو شيئا لكم..وكيف تقترحون تحريرهم؟!.
من شن الحرب على قطاع غزة ويمارس التدمير للأبنية على رؤوس ساكنيها، ومن يزود المجرمين الصهاينة بالقنابل المحرّمة دوليا؟ وما هو دور أمريكا منذ طار الرئيس الصهيوني بايدن وعانق نتنياهو وقادة كيان الإجرام والتدمير والقتل الوحشي، وأعلن أنه صهيوني وأمر بتزويد جيش العدو بكل أنواع أسلحة التدمير، وبدعم الكيان بالمليارات بحجة الدفاع عن النفس..وتتساءلون عن هذه الحرب التي تشّنها أمريكيا و( إسرائيل)؟!.
لماذا تأخذ ـأمريكا الفيتو رافضة منح الفلسطينيين دولة؟ ألا تمنح كيان الاحتلال سنوات الانتظار وتضليل القيادة الفلسطينية لتمكين الكيان الصهيوني من وضع اليد على المزيد من الأرض والماء والحصار الخانق كما حوصر قطاع غزة؟!.
الحرب ليست خيار شعب فلسطين، فهي شُنّت عليه سرّا ثم علنا منذ احتل الإنجليز فلسطين إلى يوم رحيل بريطانيا، ثم احتضنت أمريكا الكيان ووظفته لدور غير خاف…
تباكيكم كذب ونفاق وخدمة لمشغليكم، وأسئلتك تضليلية و..مكشوفة لا يمكن تمريرها على شعبنا وأحرار أمتنا. أمريكا هي العدو و(إسرائيل) أداة تخريبها وقتلها ونهبها في الوطن العربي..وأنتم مستأجري أعداء تحرير فلسطين وكل المقاومين لتحريرها..وغزّة تفضحكم جميعا.