مجزرة النصيرات من رصيف أمريكا “الإنساني”

بقلم: عبد الهادي الراجح

من أول ما قيل عن نية أمريكا الصهيونية عن إقامة رصيف مائي ادعت إدارة بإيدن انه لدوافع إنسانية ، كان لدينا شكوك بهذه الإنسانية المشبوهة لبايدن .

والعالم كله يعلم أن كل ما يتحرك في الكيان الصهيوني يأتي بالدعم الأمريكي المطلق ، وكان يقيننا أن هذا الرصيف ما هو إلا فخ أمريكي لن يخدم إلا المشروع الصهيوأمريكي قريبا وبعيدا ؛ لضرب المقاومة الوطنية والتضييق عليها بعد عجز الكيان الصهيوني وجيشه الإرهابي طيلة 8 أشهر من العدوان من انجاز أي شيء مما وعدوا قطعانهم به.

وقد كان بإمكان بايدن بكلمة واحدة أن يأمر نتنياهو وعصابة القتلة أن يفتحوا كل المعابر وهم صاغرين ،ولكن ما يحدث من إبادة بشرية وحصار الموت الذي يفرضه الصهاينة على شعب يعشق الحياة ولكن بكرامة وحرية ، وجعل الحياة أشبه بالمستحيل ، هو من صنع الصهيونية العالمية في الولايات المتحدة الصهيونية ، وما رصيف الموت الأمريكي إلا لأجل اختراق صهيوني لأمن القطاع الصامد في غزة ، وليس للمساعدات كما تزعم إدارة بايدن .

وأمريكا تملك أقوى الجيوش في العالم ، وما هذا القطاع المتواضع بمساحته الجغرافية ، يقصف ويدمر منذ أكثر من (247) يوما ، ويقف شامخا بأهله بوجه أقوى دول في العالم أمريكا ، بريطانيا ، فرنسا ، ألمانيا ومعظم دول الغرب الامبريالي ، ناهيك عن الخونة من صهاينة العرب ، وللأسف هذه الحرب البربرية الهمجية على قطاع غزة ما كان لها أن تقوم من الأساس لولا موافقة أشقاء السوء .

ولعل التغطية الإعلامية الأخيرة على ما قيل عن تحرير أربعة أسرى صهاينة عبر رصيف أمريكا الإنساني وكيف غطته وسائل الإعلام الصهيونية الناطقة بالعربية أمثال ( العربية وسكاي نيوز، والشرق الأوسط ) وهو ما خجل الإعلام الصهيوني ذاته في فلسطين المحتلة من نقله والتباهي به ؛ نظرا لإعداد الشهداء والجرحى الذي تجاوز (800) ، ولكن تركوا هذه المهمة القذرة لكلابهم من الإعراب الصهاينة لتسوق لهم بلغتنا العربية ما خجل الصهاينة من تسويقه .

فقط المجرم نتنياهو وحده من تباهى بها ووصفها بالتاريخية بكلمة مقتضبة لا تزيد عن الأربع دقائق على غير عادته ، أما رأس الصهيونية العالمية بالبيت الأسود فقد اكتفى بتهنئة ذوي الأسرى ، ولو وضعنا هذا الإنجاز المزعوم بعد أكثر من ثمانية أشهر (تحرير أربعة أسرى فقط) وبدعم ومساندة من أمريكا عبر رصيفها الإنساني وبريطانيا عبر طائرات التجسس ،لوجدنا انه لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به بقدر ما هو نصر للمقاومة الغزاوية الشجاعة .

صحيح أن الثمن غاليا وعزيزا أكثر من ثمانمائة بين شهيد وجريح معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ ، وهذا الإجرام هو ما يثلج صدور الصهاينة الذي كبدتهم المقاومة عدد من القتلى بنفس العملية بينهم قائد وحدة اليمام ويدعى ( ارنون زامورا) الذي رفضت عائلته استقبال أي من عصابة نتنياهو المجرم .

وهذه الجريمة احتفل بها إعلام الساقطين من الإعراب الخونة ، فقد طالعنا إعلامهم الصهيوني بنكهة النفط والغاز بالعناوين المشبوهة (جيش الدفاع الإسرائيلي يحرر أسرى من براثن حماس ، وآخر يقول جيش الدفاع يحرر أسرى في عملية نوعية) .
في نفس الوقت امتلأت شوارع تل الربيع المحتلة بآلاف الصهاينة المطالبين بإبرام صفقة مع المقاومة فورا ، ورأينا قبل المجزرة النائب الايرلندي (توماس غولد) يجهش بالبكاء ويدعو الله أن يصاب نتنياهو وعصابتة الأشرار بنفس جرائمهم بغزة ، وهو يصف رؤية طفل غزاوي مقطوع الرأس ، وبنفس الوقت وبالاتجاه المعاكس تماما قناة العربية السعودية تبث إعرابي يرتدي الدشداشة إياها ويطالب باقتلاع حماس من مستقبل غزة ، ولا أريد أن أذكر ما قاله ذلك الإعراب المتصهين حتى لا يصاب القارئ بالمزيد من القرف والإحباط من هؤلاء الخونة .

إذن مذبحة مخيم النصيرات التي وصل عدد ضحاياها إلى ما يزد على الثمانمائة بين شهيد وجريح دمائهم الطاهرة في أعناق أمريكا الصهيونية (صاحبة الرصيف الإنساني الذي جاء منه القتلة ) وبريطانيا أولا ، وكلابهم من الصهاينة في فلسطين المحتلة .
أما صهاينة العرب الذين يسوقون للعدو والآخرين منهم المشغولون بالمسائل الهامشية فقد تركوا أخوتهم في فلسطين وغزة تحديدا يتعرضون لحرب إبادة حقيقية ولا يجدون المتشفيات لعلاجهم بعد أن دمر العدو ومن ورائه أمريكا وبريطانيا كل شيء قابل للحياة في غزة، وأهلها المحبين للحياة ولكن بكرامة يخجل منها من فقدوا كرامتهم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى