هوان مصر .. تُخفي عدد الشهداء وتسلم محور صلاح الدين لإسرائيل !!!

بقلم: مجدى حسين*

لا أحسب أن مصر فى تاريخها المديد وصلت إلى هذا المستوى من الهوان والذل .. 8 شهور متواصلة تقوم اسرائيل بمذبحة متواصلة لا مثيل لها على أرض غزة تحت أنف مصر وأمام ناظريها .. وهى لا تأبه. وشغلنا النظام طويلا وكثيرا بخطر التهجير وليس بخطر الإبادة لأكثر من 2 مليون إنسان عربى مسلم .. ونصح اسرائيل بنقل أهل غزة إلى النقب مؤقتا ، حتى يقضى على ” الارهاب ” ثم يعيدهم مرة أخرى . وأكد دوما أن خيار السلام استرتيجى أى غير مرهون بحدوث أى شىء حتى وإن كان مذبحة جماعية للفلسطينيين خارج حدود مصر . أعلن النظام – وليست هذه أول مرة – أن مصر تخلت عن قيادة العرب والمنطقة وأنها مشغولة بلقمة عيشها ، والسير بجوار الحائط وأنها لا تملك ترف أى احتكاك مع اسرائيل أو سيدتها أمريكا ، بالعكس فالعلاقات معهما استراتيجية لأن السلام الاستراتيجى معهما بالذات . رغم أن أحوال مصر تنحدر بكل المقاييس والأرقام والمؤشرات منذ نصف قرن وحتى الآن تحت مظلة هذا السلام المزعوم .

ومنذ شهرين بدأنا نسمع نغمة تقول : لا ، كله إلا رفح . كله إلا محور صلاح الدين ، الذى تحكمه نصوص كامب ديفيد المقدسة ، والذى ينص على أن المنطقة د فى فلسطين المحتلة بعمق 4 كيلومتر لا يسمح فيها بوجود دبابات أو معدات عسكرية ثقيلة . أما معبر رفح فقد التزمنا بالرؤية الاسرائيلية وأنه تحت الاشراف الاسرائيلى الكامل على أساس ملحق واهن عام 2005 يسمح باشراف مشترك لسلطة رام الله على المعبر بوجود أوروبى وكاميرا اسرائيلية وهو الاتفاق الذى سقط عام 2007 بانفراد حماس بالسلطة بعد نجاحها فى الانتخابات . وهذه كلها تفاصيل لا قيمة لها عندما يكون الحديث عن مجزرة بحجم مجزرة غزة . ولكن الاسرائيليين لم يحترموا السلطة المصرية لا فيما يتعلق بالمعبر وسيطروا عليه منذ أيام ولا فيما يتعلق بمحور صلاح الدين واستولوا عليه كله تقريبا اليوم الثلاثاء .

بالأمس حدث اشتباك بين الجنود المصريين والاسرائيليين فى منطقة معبر رفح ، وبغض النظر عن التفاصيل ومن بدأ الاشتباك ، ما يهمنا كيف انتهى الأمر وكيف تتم تسويته وماهى النتيجة النهائية ؟

ما يهمنا هو الاشارة إلى الحقائق الرهيبة التالية : ان الاشتباك أدى إلى استشهاد 4 جنود مصريين وليس واحدا كما قيل ثم قيل اثنان ، استشهاد 4 مصريين وفقا لموقع واللا العبرى الاستخبارى . كما أدى الاشتباك إلى إصابة اثنين من الجنود الاسرائيليين بجراح خطرة جدا وإصابة ثالثة متوسطة وفقا لقناة الحرة الأمريكية . وتم الاعلان من الجانبين المصرى والاسرائيلى أن الأمر يتم تسويته عبر تحقيق مشترك . ومن الواضح أنه تم الاتفاق على رواية واحدة تقول باستشهاد جندى مصرى واحد فقط وحجب باقى المعلومات بما فى ذلك إصابات الجيش الاسرائيلى . ومن الغريب أن يوافق الجانب المصرى على رواية تسيىء للجيش المصرى الذى لا يفلح فى إصابة أى جندى اسرائيلى . بل والأخطر من ذلك بدأ استخدام تعبير مقتل أحد أفراد تأمين الحدود باعتباره من رجال الشرطة وكأن مصر ملتزمة تماما بكامب ديفيد المقدسة ولا تخرقها ، وعدم الاشارة إلى الدبابات الاسرائيلية التى لم تلتزم بكامب ديفيد وخرقت حدود ال 4 كليومترا ، بل وفقا للرواية الاسرائيلية الأولى فهذه الدبابات هى التى قصفت الجنود المصريين وهذا يفسر لماذا الشهداء أربعة بالإضافة لعدد من الجرحى ؟ وسمعنا تصريحات مصرية تتحدث عن الواقعة باعتبارها مسألة عرضية وغير مهمة ولا يمكن أن تؤثر على كامب ديفيد ” المقدسة ” .

أما مجزرة رفح فلم تعد مطروحة أصلا فهى شأن داخلى اسرائيلى .

توحيد الرواية حول واقعة الاشتباك ، وإخفاء الخسائر الحقيقية لاسرائيل ومصر ، هو عنوان تصفية ” سوء التفاهم ” ، هو عنوان تسليم النظام المصرى معبر رفح وممر صلاح الدين للعدو الاسرائيلى .. ومع ذلك لا يزال يتمسك بكامب ديفيد المخروقة المقدسة .

إهانة مصر تتكرر على كل محاور أمنها القومى : محور منابع نهرالنيل وسد النهضة الذى أصبح أمرا واقعا بحيث أعلنت الحكومة عدم زراعة القمح لتوفير المياه . محور السودان الذى يضيع على يد الصديقة الامارتية الصهيونية رائدة وممولة الدعم السريع مع بريطانيا وأثيوبيا وأمريكا واسرائيل ، وشرق ليبيا الذى لم يعد صديقا ، والسعودية التى لم تعد صديقة رغم إعطائها أهم جزيرتين ونفكر فى تسليم شاطىء راس جميلة لها لتغلق الممر المائى لتيران وتسلمه لاسرائيل ، وهذا تخليص حق ديون مصر التى تعجز عن سدادها للسعودية فى صورة وديعة بالبنك المركزى ، وهذه الامارات الصغرى تشترى مصر الكبرى بالتقسيط ونصحو كل يوم على جزء من مصر أصبح يتبع الامارات التى تعتنق دينا جديدا موحدا مع اسرائيل .

دعوت وسأظل أدعو عقلاء مصر من مختلف التيارات أن يجتمعوا لبحث ودراسة المنحدر الذى وصلت إليه مصر . فلا يمكن أن تكون هذه هى نهاية القصة . ومصر لن تنتهى بإذن الله .

*باحث إسلامي و كاتب مصري

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى