لماذا ساوت محكمة العدل الدولية بين الضحية والجلاد ؟؟

بقلم: عبد الهادي الراجح

لا شك إن قرار محكمة العدل الدولية بصدور مذكرة اعتقال بحق المجرمين الصهيونيين بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالات، هو قرار تاريخي بكل المقاييس ، ولأول مرة نرى قادة الإجرام الصهيوني مطلوبين لمحكمة العدل الدولية ؛ لارتكابهم جرائم حرب إبادة جماعية في قطاع غزة، على اثر الدعوة التي أقامتها مشكورة عظيم الشكر دوله جنوب إفريقيا بمساندة بعض الدول المحترمة من العالم .
القرار كما أسلفت تاريخي بكل المقاييس ، ولأول مرة ينظر العالم ويتذكر أن هناك شعبا عربيا فلسطينيا يتعرض لحرب إبادة وتهجير قصري منذ ستة وسبعين عاما ، أي منذ النكبة العربية الكبرى بفلسطين عام 1948م ، ولكن المعيب بالقرار انه ساوى بين الضحية والجلاد بين القاتل المجرم وبين المقتول البريء، بين أصحاب الحق والصهاينة المجرمين القتلة ، حيث يتضمن اعتقال قادة المقاومة يحيى السنوار وإسماعيل هنية ومحمد ذياب المصري المعروف بالضيف القائد العسكري لكتائب الشهيد عزالدين القسام .
وللأسف تجاهل القرار مجرما سفاحا لا يزال حرا طليقا رغم انه قتل المئات من الأبرياء العرب الفلسطينيين في السجون الظالمة، وحتى في الأماكن العامة والساحات أمام ذويهم من خلال تسليح قطعان المستوطنين الصهاينة، وهو المجرم أتمار بن غفير وما يسمى بوزير المالية الصهيوني سموتريتش ، والذي منع وصول المساعدات الدولية حتى عن سلطة مخفر رام الله رغم كل ما تقدمة للصهاينة من خدمات ، كما إن المحكمة تجاهلت مَن طالب بضرب غزه بقنبلة نووية، والمأساة انه وزير بيئة ويدعى أميحاي الياهو، ناهيك عن تجاهل المحكمة لمحاسبة القادة الصهاينة الذين قتلوا واحرقوا كل مقومات الحياة في غزه ولم تسلم من شرورهم حتى دور العبادة والمنظمات الدولية ذات العمل الإنساني والكوادر الطبية والصحية والإعلامية ، والهمجية والبربرية الصهيونية التي لم تعرفها حتى فضائع النازية والفاشية ، ومع ذلك للأسف تتجاهل المحكمة كل ذلك وتساوي بين الضحية والجلاد .
بل وتركت كل الجلادين واكتفت بإصدار مذكره باعتقال رئيس وزراء القتلة الصهاينة ووزير دفاع الإجرام الصهيوني ، لكن ماذا عن الباقين إلا إذا رأت المحكمة أن ابن غفير وسموتريتش والياهو وشلومو كارهي ، هم حمائم سلام لم يشاركوا بقتل وتدمير كل سبل الحياة في غزه الصامدة وعموم فلسطين .
أما عن عملية السابع من أكتوبر والنظر إليها من عدالة المحكمة الدولية كما لو أنها جريمة حرب وليست حقا مشروعا بالمقاومة لشعب تحت الاحتلال منذ 76 عاما ، وإصدار مذكره بتوقيف قادة المقاومة لجانب القتلة الغزاة ، فأن ذلك مخالف لكل قوانين الأرض والسماء بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة ذاته الذي أعطى الحق بالمقاومة لكل شعب احتلت أرضه .
ويبدو أن المأخذ على عملية السابع من أكتوبر المجيدة أنها أيقظت الضمير الإنساني في كل العالم ، فلأول مرة نرى التحرك حتى في دول حلف الشيطان الأطلسي بقياده أمريكا التي لولا دعمها وحلفائها وعملائها من إعراب اللسان خاصة من جعلوا أوطانهم خط دفاع أول عن قطعان الصهاينة ؛ لتم سحق العدو في الساعات الأولى المباركة لفجر السابع من اكتوبر .
ولأول مره نرى هذه الحالة الثورية في الشارع الأمريكي والأوروبي خاصة طلبة الجامعات الذين هم قاده المستقبل في أوطانهم ، ولأول مره نرى هذا الزخم والتأييد لقضيتنا العربية الأولى فلسطين في الشارع الغربي رغم كل ما تملكه الصهيونية من إعلام ذي إمكانيات ضخمة جدا ، ولكن الصورة القادمة من مأساة غزه وعموم فلسطين تفقع العيون الصهيونية الوقحة وتخرس إعلام السوء وتزوير الحقائق وكل صوره خلفها مأساة شعب عانى ويعاني منذ 76 عاما .
لذلك نطالب المحكمة بإصدار مذكره جلب لكل قاده الصهاينة وقاده الجيش الصهيوني، فهل وصل لعدالة المحكمة قصة الجندي الصهيوني الذي دخل لبيت غزاوي مدمر ولم يبق من أهل البيت إلا طفل رضيع جريح فاجهز علية وهو يتمنى قتل كل طفل غزاوي حتى لو كان في بطن أمه، وعن الجنود الصهاينة الذين سرقوا بيوت أهل غزه وكل ما وجدوه خاصة الذهب والأشياء الثمينة بعد ترحيل أصحاب البيوت بالقوة .
نتمنى أن لا تكون المحكمة الدولية تبحت عن أكباش فداء للصهاينة، بعد أن زكمت جرائمهم أنوف العالم، وحركت ما تبقى من الضمير الإنساني وأصبح التجاهل مستحيلا .
أما عن قادة المقاومة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وغيرهم فهم في حاله دفاع عن النفس والوطن والأرض والعرض وليسوا محتلين أو طارئين ، نعم قرار جلب نتنياهو ووزير دفاعه قرار تاريخي ولكنه – كما أسلفنا – غير عادل لأنه ساوى بين الضحية والجلاد، وبين القاتل والمقتول.. فهل هذه عدالة ودولية كمان !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى