بعد خسائر العدو الفادحة مؤخراً.. تحركات أميركية شملت لقاءات سرية، لاستئناف مفاوضات وقف الحرب بين حماس وإسرائيل
يصل إلى إسرائيل، غدا الأحد، مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سولفيان لبحث مجموعة من الملفات مع القيادة الإسرائيلية، في مقدمتها مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى، وترتيبات اليوم التالي في غزة، والعملية العسكرية في رفح والمساعدات الإنسانية للقطاع، وسط خلافات إسرائيلية داخلية حادة بشأن هذه الملفات.
وتأتي زيارة سوليفان بعد أيام من زيارة قام بها المبعوث الأميركي الخاص للمنطقة بريت ماكجورك إلى الدوحة، بحث فيها مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني استئناف جهود مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى التي توقفت مؤخراً بعد ظهور خلافات مبدئية بين إسرائيل وحركة “حماس” بشأن وقف الحرب.
خلافات إسرائيلية داخلية حادة
وقد طفت على السطح في إسرائيل، قبيل وصول جيك سوليفان، خلافات حادة بين أعضاء مجلس الحرب والطاقم الأمني والسياسي بشأن الملفات التي سيجري بحثها مع المسؤول الأميركي، خاصة مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى وترتيبات اليوم التالي للحرب في غزة.
ففيما طالب عدد من أعضاء الحكومة ومجلس الحرب، بينهم وزير الدفاع يوآف جالانت وعضوا مجلس الحرب بيني جانتس وجادي أيزنكوت بتجميد العملية العسكرية الجارية في غزة، والشروع في مفاوضات لتبادل الأسرى تضمن إعادة كل المحتجزين الإسرائيليين، طالب أعضاء آخرون في الحكومة ومجلس الحرب، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، بمواصلة الحرب وتوسيع العملية العسكرية في رفح، وبقاء الجيش الإسرائيلي في القطاع إلى حين إيجاد حكم بديل لحركة “حماس”.
ويطالب أعضاء في الحكومة، خاصة وزيرا المالية بتسلئيل سموترتش والأمن القومي إيتمار بن جفير، باحتلال قطاع غزة بصورة دائمة، وإعادة بناء المستوطنات التي جرى إخلاؤها من القطاع في عام 2005.
طريق مسدود
وتوقفت المفاوضات غير المباشرة بين “حماس” وإسرائيل قبل نحو أسبوعين، لدى رفض الجانب الإسرائيلي ورقة قدمها الوسطاء ووافقت عليها الحركة.
وقالت مصادر وثيقة الصلة بهذه المفاوضات إن السبب الرئيس لرفض إسرائيل لهذه الورقة أنها نصَّت على أن تنتهي الهدنة الممتدة على 3 مراحل بـ”هدوء مستدام” عرفته الورقة بـ”وقف العمليات العسكرية والعدائية”.
وقالت المصادر: “وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود لأن إسرائيل ترفض أي تعبير عن وقف الحرب، ولأن حركة حماس ترفض أي اتفاق لا ينص على وقف الحرب”.
اعتراضات إسرائيل
وقدَّمت إسرائيل 5 اعتراضات على الورقة الأخيرة التي وافق عليها الوسطاء، خاصة الجانب الأميركي، وشملت أعداد وفئات المحتجزين الإسرائيليين، وأعداد وفئات الأسرى الفلسطينيين الذين سيُطلق سراحهم، ومبدأ وقف إطلاق النار، ومبدأ رفع الحصار.
وقال مسؤول في “حماس”: “حاولت إسرائيل فتح الورقة الأميركية من جديد، وطالبت بإطلاق سراح 33 إسرائيلياً على قيد الحياة في المرحلة الأولى، وخفضت أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين سيجري إطلاق سراحهم من 50 أسيراً مقابل كل إسرائيلي إلى 30 أسيراً مقابل المدني و40 أسيراً مقابل المجندة.
وتابع: “كما طلبت إسرائيل بحق الاعتراض على 150 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام العالية في تبادل الأسرى”، مضيفاً: “رفضت أي نص يتحدث عن وقف إطلاق النار ورفع الحصار بعد انتهاء فترات الهدنة الثلاث”.
وأكد مسؤولون في حماس أن الحركة لن تعود إلى أسلوب التفاوض القديم، لكنها ستدرس أي عرض تفاوضي وسترد عليه وفق المبادئ الأساسية التي جاءت في الورقة الأخيرة، رافضين أي تنازل عن أي أسير فلسطيني من المحكومين بالسجن مدى الحياة، وأي تنازل عن مبدأ وقف الحرب ومبدأ رفع الحصار.
وقف شكل الحرب
وكشفت مصادر دبلوماسية غربية، أن الجانب الأميركي سيبحث مع الجانب الإسرائيلي وقف الشكل الحالي للحرب من جانب واحد، والانسحاب إلى الحدود، والانتهاء من العملية العسكرية في مدينة رفح، والشروع في مفاوضات لتبادل الأسرى مع “حماس”.
لكن العديد من المراقبين والخبراء في إسرائيل يقولون إن العقبة الكبيرة أمام هذه الجهود تكمن في مسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لمواصلة الحرب على غزة بهدف تحقيق أهدافه شخصية تتمثل في بقائه في الحكم، وبقاء ائتلافه الحكومي مستقراً، وعدم الوصول إلى فتح ملف المسؤولية عن الفشل الإسرائيلي في هجوم حماس في 7 أكتوبر.
النصر المطلق المستحيل
وجاء في مقال للخبير العسكري عاموس هرئيل في صحيفة “هآرتس”: “الدرس الرئيسي الذي تريد الإدارة في واشنطن نقله إلى إسرائيل، منذ فترة طويلة، هو أن النصر المطلق (الذي يسعى له نتنياهو) لم يتحقق لأميركا في العراق”.
وأضاف: “وحتى منذ بدء الحرب، عندما كان الحوار بين أميركا وإسرائيل أكثر ودية بكثير، فقد أبلغت جهات أميركية رفيعة في المحادثات مع نظرائهم الإسرائيليين مخاوفها من انزلاق إسرائيل في غزة إلى تكرار مسار العراق”.
وجاء في مقال آخر للكاتب ناحوم بارنياع في صحيفة “يديعوت أحرنوت”: “مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان سيصل هذا الأسبوع إلى إسرائيل، وسيبذل جهوداً أخرى لصياغة مسار سيمكن، على الأقل، من البدء في تخطيط اليوم التالي”.
وأضاف: “وقبل ذلك سيحاول وقف العملية العسكرية في رفح والتي تقض مضاجع الرئيس الأميركي (جو بايدن) وزعماء الدول العربية، لا سيما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي”.
وبحسب بارنياع، حصل سوليفان على وعْد من إسرائيل بأن يجري تأجيل توسيع العملية العسكرية في رفح إلى ما بعد انتهاء زيارته، لكن نتنياهو أعلن، قبيل وصول المسؤول الأميركي، أن “الحديث عن اليوم التالي في الوقت الذي فيه حماس ما زالت على حالها، هو فقط حديث فارغ من المضمون”.
سوليفان في السعودية
وكشفت مصادر مطلعة عن تحركات أميركية في منطقة الشرق الأوسط، تشمل السعودية وقطر وإيران وإسرائيل، سعياً لإحياء المفاوضات المجمدة بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل من اجل التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة وإتمام صفقة
تبادل الأسرى والمحتجزين.
وأعلن البيت الأبيض، امس الجمعة، أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان سيزور السعودية، اليوم السبت، للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن المحادثات مع ولي العهد السعودي ستتطرّق إلى “القضايا الثنائية والإقليمية، بما في ذلك الحرب في غزة”، بالإضافة إلى “الجهود الجارية لتحقيق سلام وأمن دائمين في المنطقة”.
وكان موقع “أكسيوس” قد أشار، الثلاثاء، إلى أن زيارة سوليفان المرتقبة إلى السعودية كانت مقررة في أبريل، لكن تم تأجيلها في اللحظة الأخيرة عندما أصيب سوليفان بكسر في أحد الأضلاع.
دول المحتجزين في غزة
والتقى جيك سوليفان، الأربعاء، سفراء 17 دولة لهم مواطنون محتجزون في غزة لمناقشة الجهود المبذولة لإطلاق سراحهم، علماً بأن هؤلاء المواطنين يحملون هذه الجنسيات إلى جانب جنسيتهم الإسرائيلية.
وقال مصدران شاركا في الاجتماع إن سوليفان أبلغ السفراء أن الولايات المتحدة تعتقد أن زعيم حماس يحيى السنوار أمر رجاله بالانسحاب من محادثات القاهرة، الأسبوع الماضي، ليس بسبب عملية الجيش الإسرائيلي في رفح، لكن لأنه يأمل أن تؤدي المواجهة في المفاوضات إلى زيادة الضغط الدولي على إسرائيل لوقف الحرب.
وقال سوليفان للسفراء إن هناك حاجة إلى مزيد من الضغط على حماس، لكنه شدد على أن الضغط العسكري وحده لا يكفي وأن هناك حاجة أيضاً إلى الضغط السياسي على حماس للعودة إلى طاولة المفاوضات وقبول الاتفاق المقترح، وفقا للمصدرين اللذين شاركا في الاجتماع.
وقد طلب مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن من السفراء نقل هذه الرسالة إلى حماس مباشرة، من خلال وسطاء أو من خلال تصريحات علنية.
وتتناقض هذه التصريحات مع الموقف الإسرائيلي الذي رفض مسودة الاتفاق التي أعلنت حركة حماس قبولها بعد تدخل الوسطاء، لا سيما أن مسؤولين إسرائيليين اتهموا نتنياهو علناً بالتعنت في المفاوضات ورفض “صفقة مقبولة” خوفاً على حياته السياسية، ورضوخاً لتهديدات شركائه في الائتلاف الحكومي من اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة في حال توقفت
الحرب في غزة.
ونقل موقع “والا” عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي يريدون تقديم أفكار جديدة إلى الحكومة الإسرائيلية، الأحد، بشأن المضي قدما في التوصل إلى اتفاق.
مفاوضات مع إيران
وتتزامن هذه التحركات الأميركية مع تقارير عن عقد اثنين من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن محادثات غير مباشرة مع مسؤولين إيرانيين في سلطنة عمان، هذا الأسبوع، في محاولة لتجنب تصعيد الهجمات بالمنطقة بحسب مصادر مطلعة.
ونقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن المصادر قولها إن المحادثات، التي شارك فيها بريت ماكجورك، مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، وأبرام بالي القائم بأعمال المبعوث الأميركي لإيران، تعد أول جولة محادثات بين الولايات المتحدة وإيران منذ يناير.
وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران تتمتع بنفوذ كبير على وكلائها في المنطقة، بما في ذلك حزب الله في لبنان، والميليشيات الموالية لطهران في سوريا والعراق والتي شنت هجمات ضد القوات الأميركية، فضلاً عن الحوثيين في اليمن، والذين ما زالوا يهاجمون السفن في البحر الأحمر.