ذكرى النكبة ما قبل وبعد السابع من أكتوبر

بقلم: عبد الهادي الراجح

تمر الذكرى السادسة والسبعون للنكبة العربية الكبرى في فلسطين هذا العام في وضع يختلف عن كل الأعوام السابقة عربيا وإقليميا ودوليا ، ولأول مرة منذ السقوط في معاهدة كامب ديفيد وملحقاتها تعود قضية فلسطين لواجهة الأحداث وتتصدر عناوين وسائل الإعلام المختلفة في كل دول العالم ، بعد تجاهل طويل نتيجة السقوط العربي الرسمي في مستنقع كامب ديفيد وما تبعها من صفقات ظلامية أبرمت من خلف ظهر الشعب العربي ، ولعل أخطرها صفقة أوسلو التي فاقت بخطورتها السقوط الأول ( كامب ديفيد)، وذلك في ضوء الظروف العربية والعالمية بعد حرب تدمير العراق وسقوط الاتحاد السوفيتي ، حيث أصبحت أمريكا ، التي هي أم الصهيونية، هي من يقود العالم ، رغم فشلها في كل الساحات الدولية .

لقد شهدت الفترة التي عقبت جريمة أوسلو تسابق بعض الأنظمة الناطقة بالعربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني وخطب وده ،معتقدة كما أوهمتها أمريكا انه سيكون الحامي لهم من جمهورية إيران الإسلامية .

وكان التفكير الصهيوني في التطبيع كالعادة مع دويلات الخليج العربي لأسباب اقتصادية يعلمها الجميع ، وعلى رأسها العربية السعودية ، وأصبحت اللقاءات والمؤتمرات مع الصهاينة علنية وعلى عينك يا تاجر ، بعد أن كانت خلف الأبواب المغلقة ، ولسان حالهم يقول هل تريدوننا أن نكون ملكيين أكثر من الملك نفسه ؛ إذا أصحاب القضية أصبحوا هم من يطبعوا وينسقوا أمنيا مع العدو متجاهلين أن منظمة التحرير ذاتها تم خطفها خاصة بعد رحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات أبو عمار ، بعد أن فرض على الرئيس الشهيد أبو عمار المدعو محمود عباس ليكون خليفته ،وهو الذي كان له رأي منحرف اتجاه المقاومة أعلنه على رؤوس الأشهاد.

في ظل تلك الظروف الحالكة بالظلام والقهر ، ولد فجر السابع من أكتوبر المجيد حيث في ساعات معدودة أعاد القضية العربية الفلسطينية لواجهة الأحداث ، وأن تكون كما كانت تاريخيا القضية الأولى للأمة العربية ولكل أحرار العالم .

ورغم حالة التدمير والإبادة التي قادتها وأشرفت عليها الولايات المتحدة الصهيونية وحلفاؤها في الغرب والشرق وحتى من بعض الأنظمة العربية الخائنة لدعم الكيان الصهيوني المنهار منذ الساعات الأولى لفجر السابع من أكتوبر ،حيث كانت الصفعة القوية للمشروع الامبريالي الصهيوني برمته متمثل بالكيان الصهيوني اللقيط وعرب أمريكا من الخونة الذين سقطوا سياسيا وأخلاقيا حتى أصبح العالم كله يفكر ماذا بعد نهاية الحرب المجنونة وماذا بقي من الشرعية لبعض الأنظمة الناطقة بالعربية أمام الشعوب التي ابتليت بها .

وقد جاءت مواقف الشعوب الحرة في كل دول العالم حتى داخل أشد المناصرين للكيان الصهيوني أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وغيرها ، لتكشف المستور تحت المجهر .

ترى من الأولى برفع قضية حرب الإبادة على غزه أمام المحكمة الدولية، جنوب إفريقيا أم الدول العربية؟ ؛ أليس محزنا أن تنضم دولة بحجم مصر العربية وتركيا المتأسلمة لجنوب أفريقيا بدلا أن يكون العكس ؟

أما الكيان الحاكم في جزيرة العرب فهو لا أرى لا أسمع لا أتكلم ، ولماذا لا تكون هذه الدول هي المبادرة برفع الدعوى أمام المحاكم الدولية وينضم إليها أحرار العالم بعد أن تجاوز الإجرام وحرب الإبادة الصهيوني كل الحدود ، ولكنه المخاض الذي أفرزته ملحمة السابع من أكتوبر التي تأتي هذا العام بعد أن زرعت الأمل، وأعادت الامل في العودة لملايين النازحين واللاجئين من العرب الفلسطينيين واصبح هذا الحلم قابلا للتحقيق ، ولأول مرة يشعر كل عربي وكل حر في العالم أن الكيان الصهيوني أكذوبة امبريالية أثبتت عجزها حتى عن حماية قطعانها .

وماذا لو أن أمريكا وأتباعها في الغرب والشرق لم يحركوا الأساطيل والدعم المطلق للكيان المنهار اقتصاديا وعسكريا وسياسيا في المحافل الدولية ، فماذا سيكون مصير هذه الكذبة الصهيونية المسماة بإسرائيل ، وماذا لو وجدت المقاومة في فلسطين، وغزة تحديدا، دعما عربيا حقيقيا بعد تلك الملحمة العظيمة التي كشفت أكذوبة الجيش الذي لا يقهر .

ذكرى النكبة العربية في فلسطين هذا العام لها مذاق خاص يتعلق بحق العودة للوطن ، وكنس الاحتلال الصهيوني ، لها مذاق كتبته دماء الشهداء الطاهرة وتضحيات الأبطال في ساحات الميدان لتكون رسالة ووصية لكل الأجيال ؛ أن الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت، كما قال سماحة السيد حسن نصر من الله ، وان قوته الخرافية هي نتيجة تفرقنا وضعفنا كعرب، كما قال الزعيم جمال عبد الناصر .

نعم.. السابع من أكتوبر أحيا فينا حلم العودة، واثبت أن فلسطين لن تكون وطنا لغير العرب الفلسطينيين.. وما الغد لناظره ببعيد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى