جامعات العالم تنتفض دعما لغزة، والجامعات العربية “تنعم بالأمن والهدوء !!”

بقلم: د. كاظم ناصر

امتد الحراك الطلابي العالمي الذي بدأ في الجامعات الأمريكية إلى أوروبا وأستراليا وأمريكا اللاتينية وشمل جامعات عريقة أمريكية، وبريطانية، وفرنسية، وكندية، وأسترالية، وسويسرية، ومكسيكية، وهولندية لها مكانتها المميزة على الصعيد العالمي عبر الطلاب خلالها عن الغضب الشعبي تجاه حرب الإبادة الجماعية البربرية الإسرائيلية الأمريكية المتواصلة على غزة، وطالبوا بوقفها، وأعربوا عن دعمهم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وحثوا جامعاتهم على إيقاف تعاملها مع الشركات ومصانع الأسلحة التي تزود إسرائيل بأسلحة تستخدمها في قتل الفلسطينيين وتدمير غزة، وساهوا في عولمة القضية الفلسطينية، وفضح إسرائيل وكشفها كدولة عنصرية فاشية ترتكب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، ونتيجة لمواقفهم النبيلة الداعمة للحق الفلسطيني قامت السلطات في الولايات المتحدة، وفي بعض الدول الأوروبية بالتصدي لهم واعتقال أعداد كبيرة منهم، واتهامهم بمعادات السامية.
هذه الدول التي تتغنى كذبا ونفاقا بإيمانها وتمسكها بقيم المساواة، والعدالة، وحرية الأديان، وحرية التعبير تكيل بمكيالين؛ والدليل على ذلك هو أنها تعاملت مع الطلاب في جامعاتها بأساليب وحشية كدول دكتاتورية، واعتبرت مظاهراتهم تهديدا للتعليم ومعاداة للسامية، لكنها سمحت رسميا بتنظيم المظاهرات المعادية للإسلام ورفضت إيقافها، ولم تعتقل أحدا ممن شاركوا بها، خاصة أولئك الذين قاموا بحرق القرآن الكريم وتمزيقه والدوس عليه، متجاهلة بذلك قدسية الكتب السماوية وكرامة المسلمين أجمعين، ورحبت وشجعت وسيست المظاهرات الطلابية والجماهيرية في دول منافسة، أو معادية للغرب كالصين وروسيا وإيران وغيرها.
ومقارنة بما حدث في تلك الجامعات بقيت الأغلبية الساحقة من الجامعات العربية بطلابها وأساتذتها ” آمنة هادئة ” مستسلمة لأنظمة البطش والفساد والاستسلام العربية ولم تحرك ساكنا لنصرة غزة. فما الذي حدث لجامعاتنا وتسبب في هذه اللامبالاة وهذا الخنوع المشين والاستسلام لإرادة أعداء أمتنا؟ وألا يدرك طلابها وأساتذتها ان ما ترتكبه دولة الاحتلال من جرائم في غزة لا يهدد وجود الشعب الفلسطيني فقط، وإنما يهدد مستقبل ووجود دولهم أيضا!
صمت جامعاتنا على ما يجري في غزة يعني أن أنظمة التسلط العربية قد نجحت في محاصرتها والتحكم بها بتعميم الخوف والرعب، ومصادرة الحريات، ومنع حرية التعبير، وتسليم المراكز القيادية فيها لعملاء للسلطات والمخابرات، والتحكم بالمناهج التعليمية وإفسادها، خاصة مناهج كليات الآداب، والعلوم الاجتماعية، والدراسات الإنسانية، والدينية، والقانون التي من المفترض أن تزود المجتمع بكفاءات شبابية مثقفة قادرة على قراءة الأوضاع السياسية والاجتماعية في وطننا العربي والتفاعل معها، والدفاع عن حرية وأمن ومصالح وكرامة أمتنا.
الطلاب والأساتذة في عدد كبير من جامعات العالم تحدوا حكوماتهم المؤيدة لدولة الاحتلال وحربها على غزة، وهبوا لنصرة فلسطين، وعرضوا أنفسهم للاعتقال والطرد، وأظهروا بذلك نبلهم ووعيهم ودعمهم للحق والعدل، واستنكارهم لجرائم الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال، بينما معظم الجامعات العربية هادئة مستكينة يستمتع طلابها وأساتذتها بالاستسلام لحكام الخيانة عملاء أمريكا وإسرائيل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى