في عيد العمال العالمي ونضالات عمال غزة

بقلم: د. زيد احمد المحيسن

كتب اوجست سبايز المناضل والشهيد العمالي الاممي رسالة يوم إعدامه الى ولده جيم جاء فيها :- «ولدي الصغير، عندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت، ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أننى بريء، وأموت من أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت، وعندما تكبر ستفخر بابيك وتحكى قصته لأصدقائك” .

وقفت النقابات العمالية عبر التاريخ الانساني في الخطوط الامامية للنضال من اجل العدالة الاجتماعية والمطالبة بالحقوق العمالية المشروعة ، وقدمت في سبيل ذلك ومن خلال نضالاتها المطلبية والمستمرة قوافل من الشهداء عبر مسيرة نضالاتها الطويلة، وعُمدت هذه المسيرة بالدماء الزكية من اجل الحصول على المكتسبات العمالية والنقابية، ولا زالت صرخات العامل النقابي الشهيد – اوجست – تدوّي في الافاق عندما قال كلمته الخالدة: “سيأتي اليوم الذي يصبح فيه صمتنا في القبور اعلى من اصواتنا”.. وهذه الرؤيا لهذا النقابي تتحقق الآن على الساحة العالمية مزيدا من المكتسبات والانجازات للطبقة العاملة ومزيدا من الاحترام والثناء.

لقد كافحت الطبقة العاملة في الماضي ولا زالت مستمرة حاضرا في نضالها السلمي في بعض الدول من اجل الاعتراف بها وبدورها التقدمي في بناء الاوطان، والسماح لها بحرية التنظيم النقابي والضمانات التقاعدية والصحية والاجتماعية.، وبالرغم من تأكل وتراجع دورها الكبير في التأثير في المشهد العام في الآونة الاخيرة، الا ان كل هذا ما كان له ان ينجز لولا صبر الطبقة العاملة وتضحياتها المريرة والجسيمة مع جشع الراسمالية العالمية المتوحشة.

لقد تفننت الرأسمالية العالمية في استغلال جهود الطبقة العاملة دون مراعاة للحالة الانسانية لهذه الطبقة، وفرضت سلطة الدولار على كافة الاعتبارات الانسانية والاخلاقية، ولكن بمشروعية النضال السلمي والتمسك بالمبادئ الخالدة حققت الطبقة العاملة الكثير من الانجازات والمكتسبات الحقوقية، واصبحت قوة يحسب لها كل حساب في مشاريع الربح والخسارة وكقوة فاعلة وليس مفعولا بها مهيضة الجناح كما كانت في سابق العصور الصناعية . .

ونحن في الاردن نشارك العالم في كل عام احتفالات العمال في عيدهم، ونثمن ونقدر انجازاتهم ودورهم الريادي في خدمة بلدنا ونهضته الصناعية والزراعية والمعمارية والخدماتية وفي كل مجالات العمل المهني واليدوي، وفي هذا اليوم نرفع لهم قبعاتنا ونحيي منجزاتهم الوطنية فهم اصحاب الهمة العالية والعزيمة الصادقة، وهم اصحاب الانجاز اللامحدود، فكل شارع معبد وكل جسر مشيد وكل نفق مبني وكل مصنع يدور وكل شجرة تنمو وكل بناء يعلو تشهد لهم بهذا العطاء الموصول.. فهم الحاضر بكل انجازاته ومعانيه وهم المستقبل بكل اشراقاته وصباحاته المتفائلة وهم اولا واخيرا رواد العطاء والبناء المثمر.

تحية اجلال واكبار لجميع العمال في كافة مواقع البناء والاعمار الذين شادوا بكدهم وجهدهم وعرقهم ودمائهم الطاهرة اماكن العبادة ودور الفن والمصانع والمساكن والسدود والطرقات ودور العلم ومنارات الفكر، وروضوا الطبيعة الثائرة وجعلوا من الارض جنة تنتظر مولد عصر الاخاء الانساني.. اليهم جميعا نبادلهم مشاعر الغبطة والامتنان والاحترام، ونستذكر في هذا المقام قدوتنا نبينا العربي محمد (صلعم ) حين قبل يد رجل يكتسب بها قوته من تعب يديه وعمله، وقال: “هذه يد يحبها الله ورسوله”، فهل بعد هذا التكريم النبوي في تاريخنا الخالد من تعظيم للعمل وللعمال في عيدهم العالمي المجيد،

وفي غمرة احتفالاتنا بعيد العمال علينا ان نتذكر وان لا يغيب عن بالنا او ذاكرتنا بأن لنا اشقاء في قطاع غزة وفلسطين من الطبقة العاملة يعيشون الان ومنذ سنوات في ظروف الحصار تشكل خطرا على حياتهم وعلى حياة اسرهم ، فهم علاوة على حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضدهم في غزة وفلسطين فهم ملاحقون ومطاردون ومنكل بهم جسديا ونفسيا، فهم بين شهيد او جريح او طريد او معتقل او سجين.. فهذه حال الحركة العمالية في غزة وفلسطين اليوم إضافة الى حرب الإبادة الجماعية الممنهجة والمخطط لها من قبل دول الاستعمار العالمي.

ان مجرد تذكرهم بالدعم المادي والمعنوي في هذه الظروف الحالية هو اقل الواجب الوطني والديني والقومي والأخلاقي والإنساني ، ان دعم الطبقة العاملة في فلسطين هو دعم للمقاومة البطلة التي تدافع عن شرف الامة العربية ومقدساتها منذ سنوات، وهي ما تزال تقدم الروح والدماء الطاهرة النقية في سبيل الحق والواجب وحماية العرض والأرض معا.
.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى