موقع “ريسبونسبل ستيتكرافت” الأمريكي.. إسرائيل لن تنتصر في غزة، واقرأوا دروس التاريخ في الجزائر وفيتنام
يثبت التاريخ، عبر حروب احتلال عديدة، ولاسيما التجربة الأمريكية في فيتنام والإسرائيلية في لبنان، أنه لا يمكن لإسرائيل أن تنتصر في حرب احتلال قطاع غزة، بحسب مارشال بو، في تحليل بموقع “ريسبونسبل ستيتكرافت” الأمريكي (Responsible Statecraft).
مارشال بو قال، في التحليل إن “حماس ليس لديها جيش، بل جناح عسكري (كتائب القسام) جيد التنظيم والتمويل، ويتألف من مقاتلين فدائيين”.
وشدد على أن “الجيش الإسرائيلي لا يخوض حربا لمكافحة تمرد في غزة، بل حرب احتلال، فقد غادر الإسرائيليون غزة عام 2005 (بعد احتلالها في عام 1967)، والآن عادوا كمحتلين”.
ويشن جيش الاحتلال، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى مساء الثلاثاء 19 ألفا و667 شهيدا، و52 ألفا و586 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب سلطات القطاع والأمم المتحدة.
ومقارنا بين حرب مكافحة التمرد وحرب الاحتلال، قال بو إنه “في حرب الاحتلال (كما في غزة)، يوجد مقاتلون ومدنيون معادون للاحتلال. وهؤلاء المدنيون هم الفارق الحاسم، فمهما كانت ميولهم السياسية، فإنهم يرفضون قوات الاحتلال”.
وتابع: “قد لا يكون المدنيون مقاتلين نشطين، ولكن من المرجح، على أسس قومية، أن يقدموا المساعدة للمقاتلين”، بينما في “حروب مكافحة التمرد” لا يتمتع المقاومون بأي دعم من المدنيين.
و”من هذا المنطلق، فإن حروب الاحتلال، التي تطلق عليها قوى الاحتلال في أحيان كثيرة “حروب مكافحة التمرد”، كانت شائعة ومميتة في العصر الحديث، كما حدث مع البريطانيين في ماليزيا، والأمريكيين في فيتنام، والفرنسيين في فيتنام والجزائر، والسوفييت في أفغانستان، والأمريكيين في العراق وأفغانستان”، كما زاد بو.
وأردف: “في هذه الحالات، كان من الصعب تحديد هوية المقاتلين، ولكن، وهو أمر مهم للغاية، كان الكثير من السكان معاديين لقوات الاحتلال، ما جعل العمليات العسكرية أكثر صعوبة”.
حرب فيتنام
بو مضى قائلا إن “حرب فيتنام توضح بشكل أفضل مدى صعوبة خوض حرب احتلال، ناهيك عن الفوز فيها، على الرغم من كل ما فعلته الولايات المتحدة”.
وأوضح أن واشنطن “أرسلت 2.6 مليون عسكري إلى فيتنام الجنوبية على مدار الحرب، وفي ذروة العمليات، كان يوجد أكثر من نصف مليون، واحتلت جزءا كبيرا من فيتنام الجنوبية”.
وزاد بأن “أحد الأماكن التي احتلتها كانت مقاطعة كوانج نجاي على الساحل الشمالي الشرقي لفيتنام الجنوبية، ومن الواضح أن هذا هو المكان الذي وقعت فيه مذبحة ماي لاي”.
وتابع أن “القوات البرية الأمريكية في كوانج نجاي طاردت واشتبكت مع مقاتلي “الفيتكونج” (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام)، لكن الأمريكيين واجهوا سكانا معاديين بشدة لهم، فقنصوا الأمريكيين وزرعوا الفخاخ المتفجرة والألغام، وساعدوا “الفيتكونج”، ضمن أعمال المقاومة المناهضة لأمريكا”.
وضع غزة
“وفي غزة، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه في وضع مماثل لما واجهه الجيش الأمريكي في مقاطعة كوانج نجاي، فالإسرائيليين يخوضون حرب احتلال لغزة”، بحسب بو.
وأوضح أن “حماس ترفض وجود القوات الإسرائيلية في غزة، وكذلك معظم السكان يكرهون الجيش الإسرائيلي ولا يريدونه في القطاع”.
ولفت إلى أن نتائج استطلاع للرأي أجراه مؤخرا المركز الفلسطيني لمسح السياسات والأبحاث أظهرت أن 57% من سكان غزة يرون أن “حماس” كانت “على حق” في مهاجمة إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي، وقال 97% إن الإسرائيليين يرتكبون “جرائم حرب” في غزة.
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، هاجمت “حماس” في ذلك اليوم قواعد عسكرية ومستوطنات، فقتلت نحو 1140 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
بو قال إن “وجود سكان معاديين بشكل موحد تقريبا يجعل العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي صعبة للغاية، إذ ينظر الجيش إلى جميع سكان غزة (2.4 مليون فلسطيني) على أنهم يشكلون تهديدا”.
وتابع أن “المخاطر الكامنة في حرب الاحتلال تجلت بوضوح في 15 ديسمبر الجاري، عندما قتل الجيش الإسرائيلي ثلاثة أسرى إسرائيليين (بالخطأ) في مدينة غزة؛ حين اعتقد أنهم يشكلون تهديدا، على الرغم من أنهم كانوا غير مسلحين ويلوحون براية بيضاء”.
وفي العصر الحديث، لم تنته حروب الاحتلال بشكل جيد لقوات الاحتلال، و”يدرك الجيش الإسرائيلي هذه الحقيقة جيدا، إذ خاض حرب احتلال في جنوب لبنان وخسرها بشكل متقطع بين عامي 1982 و2000، ويتعين علينا أن نرى (في غزة) ما إذا كان الإسرائيليون قد تعلموا حقا هذا الدرس”، كما ختم بو.
المصدر | مارشال بو/ ريسبونسبل ستيتكرافت