طوفان الحرب النفسية على “طوفان الأقصى”
بقلم: باسمه حداد
ما يجري تداوله الان من أخبار وأفكار تبدو انها مشاريع سياسيه، وما يدور من نقاشات واجتماعات، ووفد مستشارين امريكي بريطاني يتحاور مع مصر ودول عربيه اخرى ومجلس التعاون الخليجي، تحت عنوان (غزه ما بعد حماس) انما يتناول كيف سيكون عليه الوضع بعد غياب هذه الحركة المقاتلة؟ كما أن هناك بنوداً نوقشت مع السلطه الفلسطينيه من خلال دراسة اعدتها الادارة الامريكيه. والسلطة قبلت بعض البنود ورفضت بعضها الآخر، وهكذا… هذا من جانب، ومن جانب آخر هنالك وفود تحمل مشاريعاً لكيف يمكن ابعاد حزب الله عن الحدود، وحل المشاكل العالقه لضمان الاستقرار؟
كم يحتاج المرء من خفه عقل كي يصدق هذا الكلام وهم يستثنون حركه حماس، بل يأتون على ان قاعده حماس (انتهت) وان النقاشات التي تدور الان تتناول ما بعد حماس ؟ ألا يشترط قبل ذلك ان تتوفر هنالك مؤشرات لرجحان كفة كيان الاحتلال في الميدان؟ وان يحرز جيشه تقدما ويحقق اهدافا؟ هل استطاع الاحتلال تفكيك البنيه العسكريه لحماس وحزب الله؟ هل تم اعتقال كبار قاده حماس باسمائهم المعروفه؟ هل تم الدخول الى الانفاق وتدميرها؟ هل دخلوا على جنوب لبنان وسيطروا على الناقوره وبنت جبيل؟ هل قضوا على حزب الله او ابعدوهم عن الحرب لما وراء الليطاني؟
ما هو الاساس الذي يسمح لهؤلاء بالكلام غير الشعور بغباء من يتلقى؟ والاستخفاف بعقل من تطرح امامه هذه العناوين.؟ (وحرب تموز في لبنان مثال اكبر على عدم قدره اسرائيل لزحزحة حزب الله).
ما يزعج اسرائيل الان هو الميدان وهي وحلفاؤها يريدون الهاء الناس باكاذيب السياسة، لأنها تنزف في غزه، وجيشها يفشل في غزه، فما الحل؟
احد الحلول هو الحرب النفسيه، بأمل اشغال اهل غزه وخارجها بان حماس انتهت، فلماذا تشغل نفسك بالمظاهرات والبيانات، كما يحصل في الاردن ومصر وغيرهما في انحاء العالم، لماذا يا شعب غزه ما زلتم صابرين ومتماسكين؟ (حماس انتهت).
هذه الحرب النفسيه تعيد نفس النظريه في سوريا، عندما قالوا “ما بعد الاسد”، او “ايام الاسد معدوده”، واختاروا من يتراسها، ووصفوا دستورا جديدا، وما هو شكل الدوله، واعاده اعمارها، كل ذلك كان مجرد حرب نفسيه تستخف بعقل المتلقي.
هكذا تتجه اسرائيل لانها تفشل عسكريا لالهائنا عن الميدان، وصرف انظارنا عما يجري في الميدان، لوقف التحدث عن الميدان، ولوقف الدعم للميدان، ادخلونا في متاهات ونقاشات لما بعد غزه، لا – هذا لا يعقل – نناقش ونستمع لما بعد حماس بينما الميدان ما زال مشتعلا ويد حماس ما زالت هي العليا،
وعليه، فان ما نريده نحن احرار العرب الان، هو زياده الدعم للمقاومه لتحقق مزيدا من الصمود وتكبيد العدو مزيدا من النزف والخسائر،و لا نكترث بما يتقولون حول من يدير غزه بعد حماس لجهة تخصيص قوات عربيه واجنبيه لاداره غزه، او دور السلطه الفلسطينيه بعد ذلك، وانه سيكون هنالك حزام أمني، وقوات دوليه لحفظ السلام، وغير ذلك من افكار مطروحة للتداول حاليا؟ رغم انه لا يوجد أساس لأي فكرة من الأصل، فكلها مبنية على كيف تريد ان تربك الناس، وكيف ستنجح في الحرب النفسية على من يفكر ان يقف لجانب حماس بأي وسيلة، واحباط المظاهرات ومحاصره السفارات، ليؤكدوا انهم انتصروا على المقاومة،
لكن المقاومة لن تتوقف، بل ستصمد لشهور وسنوات، ولن يحلم أي اسرائيلي بالخروج من غزة معافى، بل سيتعرض العدو المحتل لكثير من النزف، وسيحمل اشلاء جنوده ودباباته حتى يصرخ للامريكان ويتوسل اليهم ليوقفوا اطلاق النار مقابل تبييض السجون، الكل مقابل الكل، ويتوسل لايجاد مخرج من هذا المازق باي صيغه ما، لأنه لم يعد قادراً على الصمود، والا فان الجيش الاسرائيلي سيطيح براسه، او ينقلب عليه، لانهم يريدون من يستطيع تحمل المسؤوليه، فيخرجون بحكومة جديده تطلب ايقاف النار وهدنة طويلة المدى وتبادل للاسرى لحين النظر بوسيله للتعامل مع غزه من جديد، وهذا يحتاج وقتا طويلا لاستعاده الاحتلال الوقوف على قدميه من جديد، وربما يقد تعلم درساً آخر بعد أحداث تموز لبنان، ثم حماس، وضربتان على الراس توجع.
واخيراً.. فان كل ما يدور الآن على السطح من أخبار لما بعد حماس في غزه، ما هو الا أوهام تستهدف التدمير الروحي والنفسي للفلسطينيين وداعميهم، وتتجه البوصلة الاسرائيلية الآن الى البرتغال وغيرها من الدول التي ستمتلئ بالمهجرين الصهاينه، وهذا يدل على ضعف الدولة وتفككها وانسحابها بأقل الخسائر، عاجلاً أم آجلاً.