مُخرجات الحرب على غزة

بقلم: خليل البخاري/ المغرب*

 

حفرت الحرب على قطاع غزة لنفسها مكانة متميزة في التاريخ ، كما دفعت بالقضية الفلسطينية نحو صدارة تفكير العالم وأولياته واهتماماته، فلولا آلات الإبادة الجماعية الإسرائيلية الدائرة رحاها بغزة دون رحمة ودون هوادة، لما تفاعلت معها شعوب المنتظم الدولي. وهذا يعني أن منبع التفاعل المحوري هو عدد الضحايا والقتل وليس التاريخ والجغرافيا أو الحقوق..

لقد كشفت الحرب على قطاع غزة الهوة العميقة في الخطاب الإعلامي القادر على الوصول إلى شعوب العالم غير العربية وغير المسلمة على أساس أن الأخيرة متضامنة، وهذه الهوة تتمثل في أصرار عجيب على مخاطبة غير العرب ملفاتهم.

إن الحرب على قطاع غزة تمثل في نظري المتواضع علامة فارقة في تاريخ حركة حماس الجهادية سيذكرها القاصي والداني.. ذلك لإن حرب غزة قد ظهّرت الصورة حتى باتت اكثر وضوحا بالنسبة للعالم كله، حيث تبدو على وجهها الاول نضال الشعب الفلسطيني من أجل دولة يعيش أهلها في سلام مستدام . وعلى وجهها الثاني دولة صهيونية نازية قائمة ليست صاحبة الأرض تفرض شرعية وجودها بالدم والحديد. وتعمل على إبادة السكان الأصليين. لذلك ستخسر إسرائيل الحرب الحالية مهما طال الزمن بغض النظر على ما ستؤول إليه الحال في غزة بل إنها تدخل حرب إستنزاف طويلة الأمد، ستحترق فيها وستنهار جبهتها الداخلية . لهذا يلوح في الأفق نهايتها.

إن الحرب على قطاع غزة كانت بمثابة ورقة التوت التي كشفت كل ما وراءها، وجعلت مستقبل إسرائيل محل سؤال عريض. وليس مستقبل غزة، او مستقبل فلسطين.

إن الحرب على غزة ليست حربا عسكرية وسياسية فقط بل حربا أخلاقية. إنها خرب قوة غاصب تعتقد أنه يمكنها فعل ما تريد وإقناع العالم بجرائمها النازية ضد مقاومة شرعية ،يتم دمغها بالإرهاب لمجرد أنها تقف في وجه المحتل الغاصب للأرض. إن الحرب على غزة، يبين للعالم الحر أن إسرائيل عبر تاريخها إعتادت على الضرب السريع فلم تعتد على المواجهة الميدانية وطول أمدها. وهذا ما أثبتته تجارب الأيام ومصدقه مراكز الرصد والدراسات والتحليلات العسكرية.

وصفوة القول لقد أثبتت عملية طوفان الأقصى صمود المقاومة الفلسطينية وإرادتها القوية ، كما كشفت حرب غزة عن زيف الأقنعة عن الحضارة الغربية المزيفة. فعملية طوفان الأقصى ليوم 7 أكتوبر 2023 ما هي إلا نتاج شعور الفلسطينيين بأنهم وحدهم من يتحمل الدفاع عن أرضهم وكيانهم وعرضهم وعرفهم دون غيرهم وان لا أمل في انتظارهم أي بصيص من الغرب أو غيرهم.

لقد ابانت الحرب على غزة عن صمت مقصود للعالم العربي والإسلامي كما كان يعتقد أصحاب عملية طوفان الأقصى، حيث لم يجدوا إلا بعض البيانات والإدانات والإستنكارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع . إن دلالات وأبعاد معركة طوفان الأقصى إنها خطوة بالاتجاه الصحيح نحو تحقيق هدف التحرير وهزيمة الكيان المصطنع، كما أربكت مسار التطبيع وساهمت في إخراج شعوب العالم الحر إلى الشوارع.

* أستاذ مادة التاريخ/ المغرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى