غزة العزة.. فضحت كل العورات !!

بقلم: عبد الهادي الراجع

منذ يوم السابع من اكتوبر المجيد تغيرت حركة التاريخ فيما يخص الصراع العربي الصهيوني، وكيف استطاعت مجموعة من اشاوس القسام لا تتجاوز 1200 فدائي فقط أن تسقط هيبة الكيان الصهيوني المدجج بأحدث الأسلحة وآخر ما انتج من مصانع الأسلحة الأمريكية، والمزود أيضاً بأحدث ما وصلت اليه التكنولوجيا التي ترى حتى النملة في قلب الحجر .
وفي ساعات تم تحييد كتيبة غزة الصهيونية وهي نخبة جيش العدو، وتم اقتياد قطعانها كالبهائم مع الاعتذار من البهائم على هذا التوصيف، وفي لحظات سقطت اسطورة العدو واصبح جيشه الذي قيل لنا أنه جيش لا يقهر، مجرد آلة قتل تستخدم أحدث الأسلحة الأمريكية وتبرر جرائهما بما لا يقبله عقل بشري اللهم إلا العقل الأمريكي الصهيوني وهو حالة واحدة مع الكيان.
غزة أثبتت لنا منذ السابع من اكتوبر اننا في السابق لم نكن نحارب مع الاحترام والتقدير لتضحيات الجيوش العربية التي نثق أن أفرادها وضباطها قاتلوا ببسالة وشرف وأمانة، ولكن قياداتهم السياسية لم تكن كذلك، ولو أخذنا مثالاً حرب السادس من اكتوبر المجيدة سنجد بطل العبور المزيف أنور الساداتي في اليوم الثاني من الحرب يهاتف الصهيوني هنري كيسنجر عبر الخط الساخن ليخبره أنه لن يتوسع أكثر مما وصلت إليه قواته، أي أن حربه حرب تحريك وليس حرب تحرير، الأمر الذي جعل العدو الصهيوني يحول ثقل جيشه بدعم أمريكيا نحو الجبهة السورية وحدث ما يعلمه الجميع حتى ظن الكثيرون منا أن تطوير الهجوم المصري يوم 14 اكتوبر كانت مؤامرة ساداتية صهيونية علي الجيش المصري البطل والتصوير إنه يحارب امريكيا والعدو الصهيوني معاً وهذا لا قبل له فيه كما اعلن الساداتي نفسه وقد دمر لمصر مائتان وخمسون دبابة في ذلك اليوم المشؤوم الأمر الذي أدى لفتح ثغرة الدفرسوار.
لكن اليوم في الحالة الغزاوية ليس هناك أنور ساداتي ولا دفرسوار، ولكن يوجد رجال يحبون الموت والاستشهاد بكرامة كما يحب الصهاينة الحياة، وعلى هذا استطاع ألف ومئتي فدائي أن يفعلوا ما يشبه المعجزة في السابع من اكتوبر، واسقاط هيبة العدو الصهيوني المجرم ، ورأينا كيف تحركت اساطيل أمريكا واتبعاها براً وبحراً وجواً حتى أن حاكم فرنسا دعا إلى ما اسماه تحالف دولي لمحاربة المقاومة الفلسطينية بغزة وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي واسقطت غزة بصمودها كل شعارات الطبشور في الشرق والغرب على السواء مع احترامنا لمواقف روسيا والصين ولكن السابع من اكتوبر وما تلاه أثبت أن موضوع تعدد الاقطاب التي تنادي به روسيا والصين وكل الأحرار بالعالم لا يزال أمل وحلم بعيد المنال رغم الحاجة الأممية له ولا يزال العالم بكل أسف يحكم بشريعة الغاب التي تقودها أمريكا .
العدوان المستمر على غزة بعد السابع من اكتوبر تجاوز كل الحدود وحتى استيعاب العقل البشري، هو عدوان صهيوامريكي نازي فاشي انتقامي هدفه محاولة تشويه فجر السابع من اكتوبر المجيد ولكن هيهات هيهات فقد كشف ذلك اليوم المجيد هشاشة الكيان الصهيوني وأنه مجرد محمية أمريكية وحارس مسؤول عن الحراس من الأنظمة الوظيفية في أمتنا العربية ومن يخرج عن الطاعة الحارس الصهيوني موجود ، هذا هو الأمر الذي دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يقول بصريح العبارة وبدلاً من المراجعة بعد فضح الكذب والمزاعم الصهيونية التي سوقها له نتنياهو عن الاغتصاب وقتل الأطفال وقطع رؤوسهم وإذ به يقول (لو لم تكن اسرائيل موجودة لأوجدناها) ولكن المؤلم أن هناك أنظمة عربية متواطئة بل وداعمة لتدمير غزة بذريعة التخلص من حماس وهذا الشيء الوحيد الذي صدق به العدو الصهيوني عندما أعلن بأن هناك انظمة عربية تدعم حربه التدميرية على غزة ، فأمريكا تحتقر اتباعها من العرب والمسلمين وحتى ماء الوجه لم يسمح لتلك الأنظمة التابعة أن تخرج بعد لقائها في الرياض الذي اسموه قمة عربية اسلامية شاركت به سبع وثلاثون دولة اجتمعت بعد سبعة وعشرين يوماً على الاجرام العدواني وليتها لم تجتمع وكأنها تأخرت عامداً كل تلك الأيام حتى يكمل العدو مهمته المستحيلة التي أعلن عنها بتركيع المقاومة الباسلة في غزة وعلى راسها حركة حماس التي تجاوزت انتمائها الاخواني لتصبح حركة تحرر وطني تمثل كل العرب والفلسطينيين بشكل خاص وهذا وعي سياسي يحسب لها، وكيف لا وهي من اسقط هيبة قاعدة الاستعمار الغربي في المنطقة ومن جعلت كل عربي وفلسطيني بشكل خاص يفخر بأنه ينتمي لهذه الأمة الثائرة المناضلة التي لا ينقصها الا قيادات حقيقية عسكرية وسياسية لتعود كما كانت أمة مهابة لها مكان بين الأمة وليس ميدان رماية للآخرين كما هي اليوم للأسف.
شكراً يا غزة لان صمودك الاسطوري اسقط ورقة التوت عن هذا العالم المنافق وكل المتشدقين بحقوق الانسان بشكل خاص واليوم من هو الخارج عن كل ما هو انساني وعقل بشري أن يصدق التمثال الذي يرمز للحرية في الولايات المتحدة لكن الحرية بمفهومها لها وجه آخر غير الوجه الطبيعي لها .
شكراً غزة فقد كشفتِ حقيقة بعض العرب حكام وغير حكام وحتى الفلسطينيين من عرب أوسلو، وكيف أن عباس وزمرته من مركز أمن رام الله لحماية العدو مستعد أن يأتي على ظهر دبابة صهيونية لحكم غزة التي لا ولن تقبل حكم الخونة والعملاء .
شكراً يا غزة فقد تفوقت بصمودك الاسطوري على كل ما هو مستحيل، وتفوقت على صمود لينيغراد السوفياتية التي كانت مدعومة من الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ناهيك انها جزء من دولة عظمي وهي الاتحاد السوفيتي (في ذلك الوقت).
أما انت يا غزة فإن اخوتك من العرب كانوا كأخوة يوسف متآمرين عليه قاصدين التخلص منه، ولو نظرنا للمظاهرات والمسيرات في العالم التي لم يشهدها التاريخ لذاب أغلبنا خجلاً حتى أن الكثير من اليهود أنفسهم في كثير من دول العالم تظاهروا تضامناً معك يا غزة ، في الوقت الذي لا زال البعض يردد شعارات الطبشور منذ خمس وسبعين “خيبر خيبر يا يهود ” وكأن اليهود في العالم على قلب رجل واحد، وهذا غير صحيح وهم يقعون بنفس ما تقوم به الصهيونية بتصوير الحرب على أنها حرب دينية، والحقيقة إنها حرب مصالح تحت عنوانين مختلفة وتجمع كل المتناقضات دينية وثقافية واقتصادية واستعمارية والأخيرة هي الحقيقة التي يتم اخفائها
شكرا يا غزة فقد جعلت لنا عيداً للنصر وأملا كبيرا بالعودة والتحرير اسمه ملحمة السابع من اكتوبر، وكل جرائم العدو التي طالت كل ما هو كائن حي في غزة يهدف محو ذلك اليوم المجيد من الذاكرة الجمعية للأمة العربية .
شكراً يا غزة فقد زرعت فينا الشيء الذي لا يموت، وهو الأمل الذي تولد منه الحياة، واننا قادرون وعائدون لفلسطين التاريخية من البحر للنهر.. ولا نامت اعين الخون والجبناء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى