كتاب “العرب والحراك الفلسفيّ اليَوم” إصدارٌ جديد من “أفق”

لطالما شكّلت الفلسفة موضوعًا جدليّاً في العالم العربيّ، بين من يمجّد تراثنا الفلسفيّ، وبين من ينكرُ وجود فلسفة عربيّة اليوم، ويعتبر أنّ الجهود الفلسفيّة العربيّة تقتصرُ على التّرجمة أو تقليد أفكار الغير، وبالتالي لا ترقى إلى مستوى إنتاج خطاب فلسفيّ عربيّ جديد. لكنّ لا بدّ مع ذلك من الإقرار بتوافُر حراكٍ فلسفيّ في العالَم العربيّ تتجلّى مظاهره في تنشيط البنية التحتيّة لهذا الحراك من جهة، ولاسيّما في منطقة الخليج العربيّ، وفي حيويّة نصوصٍ فلسفيّة عربيّة تتجاوز سؤال الخصوصيّة والكَونيّة من جهةٍ ثانية، مُفصحةً بإشكاليّاتها ومُقارباتها عن تشابكات أسئلة الواقع العربيّ مع زمنه العَوْلميّ وإرهاصاته، ومُرتقيةً بطروحاتها إلى مستوى العالَميّة.

للإضاءة على هذا الحراك، ولمناسبة يوم الفلسفة العالميّ، أطلقت مؤسّسة الفكر العربيّ، إصدارها الجديد الخاصّ من “أفق” بعنوان “العرب والحراك الفلسفيّ اليوم” الذي شارك في تأليفِ نصوصه الخمسة والثّلاثين، نخبةٌ من الفلاسفة والخبراء المختصّين من مختلف الدّول العربيّة.

يدور الكتاب حول فضاءين رئيسيّين للحراك الفلسفيّ، يتمّ استكشافهما عبر مجموعةٍ من المقالات التي توزّعت على قسمين. يحمل القسم الأوّل عنوان “في الحاجة إلى الفلسفة”، ويتضمّن خمسة عشر نصّاً تتناول قضايا فلسفيّة عامّة، مُبرزةً أهميّة الفلسفة في عصرنا الحاضر، وعلاقتها بالاقتصاد والسّياسة والدّين والقانون، فضلاً عن دور التفلسف في عصر التكنولوجيا والرقميّات.

أمّا القسم الثاني من الكتاب، فحمل عنوان “الفلسفة وأحوالها في الفضاء العربيّ”، واستكشف في نصوصه العشرين التحدّيات التي تواجه الفلسفة في العالم العربيّ، مستعرضاً معوّقات ومقوّمات الإبداع الفلسفيّ في منطقتنا، وسُبل تحرير الفلسفة العربيّة من قيود السلفيّة والتبعيّة.

هذا ويسلّط الكِتابُ الضوءَ على شخصيّاتٍ فلسفيّة عربيّة بارزة تتمتّع بأثرٍ واضحٍ في المشهد الفكريّ، مثل زكي نجيب محمود، وعبد الرّحمن بدوي، وأنطون سعادة، وشارل مالك، وعبد اللّه العلايلي، وحسين خمري، وناصيف نصّار، وغيرهم. كما يسلّط الضوء على عددٍ من المبادرات المتعلّقة بتنظيم مؤتمرات وإنشاء جمعيّات وإصدار مجلّات فلسفيّة، كما على عددٍ من تجارب تدريس الفلسفة في المدارس الثانويّة والجامعات العربيّة، وكيف يُمكن لهذه المبادرات والتّجارب أن تُسهِم في الإعلاء من شأن الفلسفة، وتوعية الناس بأهميّتها، وتعزيز التّنمية الفكريّة والثّقافيّة.

ولا يغفل الكتابُ عن التطرُّق أيضاً إلى دَور المرأة العربيّة في الحراك الفلسفيّ الرّاهن، وما إذا كان بوسعها إنتاج نموذجٍ مُغايرٍ لفيلسوفات الغرب يُحاكي البيئة العربيّة وظروفها.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى