“لن يُسكتني أحد”.. رشيدة طليب فدائية فلسطينية تقاتل ببسالة في قلب الكونغرس الأمريكي (المحتل)/ فيديو

 

 

واشنطن – قالت النائبة الفلسطينية الوحيدة في الكونغرس الأمريكي رشيدة طليب: “لن يُسكتني أحد”، وإنها لن تتوقف عن دعم الحقوق الفلسطينية، والتحدّث عن العدل والسلام.

وفي تقرير مطوّل في صحيفة “أوبزيرفر” البريطانية، أعدّه روبرت تيت ولورين غامبينو عن النائبة التي عنّفها الكونغرس، الأسبوع الماضي، أشارا إلى أنه في الوقت الذي دخل فيه جيش الاحتلال الإسرائيليالى غزة، وسط تصاعد أعداد الضحايا المدنيين، واجهت طليب، يوم الثلاثاء، لوماً وتعنيفاً من الكونغرس بسبب تعليقات بشأن الحرب.

ودافعت، وهي تحمل صورة  جدتها، التي تعيش في الضفة الغربية المحتلة، عن موقفها، وأعلنت: “لن أسكت”، و”لن أسمح لكم بتشويه كلماتي”، و”لا أصدق أنّ عليّ قول هذا، لكن الفلسطينيين ليسوا شيئاً مستهلكاً”.

وكانت تتحدث بصوت متهدّج، حيث وصلت نائبة مينسوتا، إلهان عمر، لكي تخفّف عنها، وإظهار التضامن بين المسلمتين في غرفة الكونغرس. وقالت طليب: “صرخات الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين ليست مختلفة بالنسبة لي”.

وفي وقت متأخر من ذلك المساء، انضم 22 نائباً ديمقراطياً إلى الجمهوريين وعنّفوا طليب، وهي عقوبة خطوة أقل من الطرد.

ومع دقّ المطرقة على الطاولة، قام أقرب حلفائها من التقدميين، وكلّهم من أصحاب البشرة الملونة، بتطويقها وكأنهم يقيمون حولها حاجز حماية. وكان المشهد بلورة للتكريس الشرس والاحترام الذي تتمتع به طليب، واحدة من 14 ولداً لأبوين هاجرا إلى الولايات المتحدة، بين أصدقائها وحلفائها والطاقم المساعد، وحسب الداعمين لها الكثير من أبناء مقاطعتها الانتخابية في ميتشغان.

ولكنه يكشف عن العواطف الشديدة بين نقاد الديمقراطية، البالغة من العمر 47 عاماً، في ميتشغان، وعلى الأقل منذ هجوم “حماس”، الشهر الماضي.

وتقدم بقرار التعنيف ضد طليب النائبُ الجمهوري عن جورجيا ريتش ماككورميك، الذي اتهمها بالترويج “لسرديات خاطئة في ما يتعلق بهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، التي نفذتها “حماس” ضد إسرائيل، ولدعوتها إلى تدمير دولة إسرائيل”. وجعل القرار النائبة طليب، العضو رقم 26 ممن صدرت قرارات ضدهم في مجلس النواب، منذ تأسيسه في عام 1789.

وجاء القرار يوم الثلاثاء بعد نجاتها من مشروع مماثل، ونتيجة لوجود شعار: “من النهر إلى البحر، فلسطين حرة”. وفي فيديو نشر على منصات التواصل الاجتماعي اتهمت طليب جو بايدن بدعم “الإبادة”، ودعت لوقف فوري للنار في غزة. ورغم الضرر الذي حصل لمشرّعة معروفة باجتهادها والضمير الحي نيابة عن الناخبين الذين تمثلهم، فإنها أشارت إلى عدم تراجعها، ما يعكس العناد الذي وصفه بايدن نفسه عندما التقت به قبل عامين على مدرج المطار في ديترويت، وتحدثت إليه بشأن الفلسطينيين، ووصفَها بالمحاربة.

وقال عباس عليوة، الإستراتيجي الديمقراطي البارز، الذي عمل سابقاً كمدير لأعمال المشرّعة: “لن يردعها قرار اللوم الذي مرّره مجلس النواب، ولا تصدق أي عظمة في جسدي هذا”. وقال: “رشيدة هي شخص بمهمة، وهي تُحمى بقوة الناس الذين تحب، ولن يوقفها أي شيء، والسؤال هو فيما إن كان أفراد عائلتها يستحقون البقاء على قيد الحياة، وهي مسألة حياة أو موت ومرتبطة مباشرة بها”.

وقال عليوة إن التكريس حصّنها من الانتهاكات الشخصية الصادمة التي تشن على السياسيين الآخرين. وتذكر المكالمات المتزايدة لهاتفها ومكتبها والهجمات الكلامية ضدها بعدما قامت “فوكس نيوز” وبقية القنوات المتطرفة بانتقاد آرائها. و”عندما بدأتُ العمل معها، لم أصدق المرات التي ظل فيها الهاتف يرن”، و”لا يمكنك تخيل الكلمات الحقيرة وغير المقبولة التي جمعت في جمل. وهي جمل حافلة بالتمييز الجنسي والعرقي والإسلاموفوبيا، بل هي كلها جميعاً”.

وظلت طليب، التي وُلد والدها في بيت حنينا، قرب القدس، الهدف الرئيسي لداعمي إسرائيل الأقوياء الذين زعموا أن آراءها وخطابها معاد للسامية. ولاقت بعد الهجمات، في الشهر الماضي، هجمات من الجمهوريين والديمقراطيين لبيانها الأولي الذي عبّرت فيه عن الحزب لخسارة أرواح الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكنها لم تذكر “حماس”، مع أنها دعت “إلى إنهاء الاحتلال، وتفكيك نظام الفصل العنصري”. وأثارت النيران من نقادها عندما كانت واحدة من تسعة ديمقراطيين صوّتوا ضد قرار في مجلس النواب، وعبروا فيه عن التضامن مع إسرائيل بعد هجمات “حماس”، ومرر القرار بواقع 412 صوتاً ضد 10 أصوات. وعبّرت عن معارضتها للقرار، في كلمتها يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر، وقالت إن القرار “لا يقدم فحصاً جدياً لجذور العنف الذي نراه، ويؤكد على سياسة فاشلة مضى عليها عقود”. وأضافت أن الدعم العسكري غير المشروط، فشل في جلب السلام للمنطقة. وقالت إن “تحقيق سلام دائم وعادل يحصل فيه الفلسطينيون والإسرائيليون على نفس الحقوق المتساوية، ولا يخشى أشخاص على أمنهم، ويحتاج إلى وقف الحصار والاحتلال ونظام نزع الإنسانية والتمييز العنصري”.

واتهمها نقادها باستخدام شعار “من النهر إلى البحر”، في وقت بررت فيه طليب وحلفاؤها الشعار بأنه “دعوة ملهمة للحرية وحقوق الإنسان والتعايش القوي”، أما النقاد فيقولون إنه شعار مؤيد لـ “حماس” يدعو لمحو إسرائيل. وقال النائب الديمقراطي عن إلينوي براد شنايدر إن طليب تبنّت الشعار ورفضت حذف تغريدة لامت فيها إسرائيل على تفجير المستشفى الأهلي العربي المعمداني، رغم إنكار إسرائيل وتقييم المخابرات الأمريكية أن الانفجار نتج عن صاروخ أُطلق خطأ، وأدى لمقتل مئات من الأشخاص الذين احتموا بساحته. وقال: “أصرت النائبة طليب على استخدام لغة نارية تضخم وبخطورة دعاية حماس وتضليلها”، و”تعرف النائبة طليب أهمية وأثر كلماتها، ولكنها تصرّ على اختيارها، ونحن نواجه مرحلة خطيرة والنوايا والمشاعر فيها على حد السكين”.

وحتى بيرني ساندرز، السناتور الذي طالما انتقد وبقوة إسرائيل، ولم يدع لوقف إطلاق النار، انتقد استخدام طليب الشعار. وقال إن طليب “صديقة” تشعر بالصدمة من الدم في غزة، ولكن “علينا أن نناقش بجدية كيفية الخروج من هذا الجحيم والوضع الصعب والحفاظ على الديمقراطية وجلب السلام للعالم”.

وقال النائب عن نيويورك، جمال بومان، والذي دعم وقف إطلاق النار في غزة، إن التركيز على الشعار هو “حرف للأنظار”، ووصفَ طليب بأنها “واحدة من الأقوياء والعاطفيين الذين عرفهم”. وقال: ” تدعو النائبة طليب للسلام والعدالة وحقوق الإنسان” و”من الخطأ والتضليل التلميح بأنها تريد الدعوة للتدمير أو العنف. وهي لا تدعم “حماس”، وعلينا عمل كل ما بوسعنا لوقف العنف ضد المدنيين”.

وطالب المحافظون من طليب أن تزيل العلم الفلسطيني، حيث قالوا إنه يعبّر عن عدم الاحترام في أعقاب هجوم “حماس”. ودعا نائب جمهموري لمنع الأعلام الأجنبية في الكونغرس، فيما لبس النائب عن فلوريدا بريان ماست، زياً عسكرياً من وقت خدمته بالجيش الإسرائيلي. وكتب على إكس: “حصلت طليب على عَلَمِها وحصلت على الزي العسكري”.

وقال ماست لاحقاً: “هناك عدد قليل من الضحايا الفلسطييين الأبرياء، ولا أعتقد بأننا سنطلق باستخفاف المصطلح على الضحايا المدنيين الأبرياء النازيين”. وهي تعليقات يعتقد بعض الديمقراطيين أنها تستحق قرار تعنيف ولوم.

وأدت صراحة طليب لجعلها هدفاً للجماعات المؤيدة لإسرائيل، وقررت مجموعة جي ستريت الليبرالية سحب مصادقتها على حملتها عام 2018 لأنها تدعم حل الدولة الواحدة الذي يناقض دعوة المجموعة لحل الدولتين.

وفي خطاب ألقته عام 2021 بقاعة مجلس النواب، قالت طليب معارضة مشروع قرار لإرسال مليار دولار لتمويل نظام القبة الحديدية إن الحكومة الإسرائيلية تدير نظام “أبارتهايد”، وهو وصف أدى إلى غضب الداعمين القدماء من الديمقراطيين لإسرائيل.

وصوّتت طليب، التي طالبت باشتراط الدعم لإسرائيل مع ثمانية نواب ضد القرار. ولدى طليب داعمون يهود ممن قاموا بتنظيم مظاهرات بواشنطن وطلبوا وقف إطلاق النار.

وقالت بيث ميلر، المديرة السياسية لمنظمة صوت يهودي من أجل السلام: “النائبة طليب شخصية رائعة حقاً، وواحدة من النواب في الكونغرس الذين يهتمون بالناس”، و”لديها دفء وحب وتجعل الجميع يشعرون بأنه مرحب بهم، وبالأمن. وهذا مهم لأننا نرى هذه الحملة الرهيبة من التشويه التي تحوّلها ضد ما تمثله، وهي الشخص الذي يهتم بالإسرائيليين الذين قتلوا، وكذلك الفلسطينيين الذين قتلوا، ونحن فخورون بها كحليف في هذا”.

وحتى إيفا بوغوردت، المتحدثة باسم منظمة “إن لم يكن الآن” وتعاونت مع الصوت اليهودي من أجل السلام، ترى أن طليب ضحية حملة تشويه وعنصرية ضد الفلسطينيين، يقوم بها الساسة الجمهوريون الذين يرونها كتهديد لرؤيتهم عن مستقبل أمريكا كبلد لدعاة التفوق العنصري. و”كيهودية وأمريكية أشعر بالرعب من تداعيات الاستهداف المستمر لطليب، لأن سلامة اليهود والفلسطينيين مرتبطة معاً”. وقالت إنها لا تتخيل ما واجهته.

وقال داوود وليد، مدير فرع مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية في ميتشغان، إن طليب كأول نائبة فلسطينية أمريكية تحمل عبئاً كبيراً، وهي تواجه سياسة أمريكا من إسرائيل.

لكن طليب لا تتصرف وحيدة، ففي ديربورن، التي تعيش فيها أكبر جالية عربية أمريكية، فإن الدفاع عن الحقوق والعدالة الفلسطينية شخصي لهم، و”للناس بالمنطقة، هذا أمر لا علاقة له بالسياسة الخارجية”، و”هؤلاء الناس الذين تتأثر أفراد عائلاتهم مباشرة بالاحتلال والقنابل التي ترمى على المدنيين”.

ورغم الدعم الذي تلقاه في منطقتها، إلا أن أعداء النائبة يأملون بأن يؤدي موقفها الناقد من الحرب إلى تحد لها من وسط الحزب، كذلك الذي يواجه الشاكين من إسرائيل.

وفي ديترويت هناك حملة إعلانات قوية من أنصار إسرائيل تذكّر بمواقفها السابقة من رفض تمويل القبة الحديدية، ورفضها، الشهر الماضي، للتضامن مع إسرائيل، وأن دعوتها لوقف إطلاق النار “تسمح للإرهابيين بإعادة تجميع صفوفهم”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى