الإمارات تعتزم الاحتفاظ بالعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، رغم الغضب العالمي إزاء تزايد عدد ضحايا حربها الآثمة على غزة
قالت 4 مصادر على دراية بسياسة حكومة الإمارات إن أبوظبي تخطط للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل على الرغم من الاستنكار الدولي بشأن الخسائر المتزايدة الناجمة عن عدوان الاحتلال على قطاع غزة، ولا تريد أن تخسر “مكاسب” حققتها من التعاون مع تل أبيب منذ تطبيع العلاقات بينهما، ضمن ما يعرف بـ”اتفاقيات أبراهام” عام 2020، وفقا لما نقلته وكالة “رويترز”.
وقالت الوكالة، في تقرير ترجمه “الخليج الجديد”، إن الإمارات لا تزال تأمل في أن يكون لعلاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بعض التأثير على العدوان الحالي على غزة، مع حماية مصالحها الخاصة.
وينقل التقرير عن مسؤول إماراتي قوله إن الأولوية العاجلة لدولة الإمارات العربية المتحدة هي ضمان وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية.
تهدئة الموقف العربي
وأوضحت المصادر الأربعة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أنه بالإضافة إلى التحدث إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، عملت الإمارات على تهدئة المواقف العامة التي اتخذتها الدول العربية بحيث تكون هناك إمكانية العودة إلى حوار واسع بمجرد انتهاء الحرب.
وأشارت المصادر إلى أنه وسط ذلك المأزق، يزداد إحباط الإمارات بشكل متزايد تجاه شريكها الأمني الأكثر أهمية واشنطن، التي تعتقد أنها لا تمارس ضغوطا كافية لإنهاء الحرب في غزة.
وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، هذا الأسبوع، إن واشنطن بحاجة إلى إنهاء الصراع بسرعة وبدء عملية لحل القضية الإسرائيلية الفلسطينية المستمرة منذ عقود من خلال معالجة اللاجئين والحدود والقدس الشرقية.
قلق على “اتفاقيات أبراهام”
ولفتت “رويترز” إلى أن أكثر ما يقلق الإمارات هو تضرر “اتفاقيات أبراهام” التي دشنت علاقات مع دولة الاحتلال وسمحت لأبوظبي أن تكون رئس حربة لتطبيع دول أخرى مع تل أبيب.
ففي حديثها يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث تشغل الإمارات مقعدًا متناوبا، قالت السفيرة لانا نسيبة إن أبوظبي سعت من خلال “اتفاقيات أبراهام” مع إسرائيل والولايات المتحدة إلى تحقيق الرخاء والأمن في شرق أوسط جديد من خلال التعاون. والتعايش السلمي.
وأضافت أن “الأضرار العشوائية التي لحقت بشعب غزة سعيا لتحقيق أمن إسرائيل تهدد بإطفاء هذا الأمل”.
وقال مسؤول أوروبي كبير لرويترز إن الدول العربية أدركت الآن أنه من غير الممكن بناء علاقات مع إسرائيل دون معالجة القضية الفلسطينية.
لا تريد خسارة مكاسبها
وقالت المصادر إن الإمارات تواصل استضافة سفير إسرائيلي، ولا يوجد احتمال لإنهاء العلاقات الدبلوماسية، التي تمثل أولوية استراتيجية طويلة المدى لأبوظبي، والتي لا تزال قلقة من مشروع إيران وتهديداتها، وترى أن علاقاتها مع تل أبيب توفر لها بعض الحماية من طهران.
وطورت دولة الاحتلال الإسرائيلي والإمارات علاقات اقتصادية وأمنية وثيقة في السنوات الثلاث التي تلت التطبيع، بما في ذلك التعاون الدفاعي.
وزودت تل أبيب أبوظبي بأنظمة دفاع جوي بعد هجمات صاروخية وطائرات مسيرة على الأخيرة في أوائل عام 2022 شنتها حركة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن.
وقال أحد المصادر، وهو دبلوماسي كبير مقيم في الشرق الأوسط: “إنهم (الإماراتيون) لديهم مكاسب لا يريدون خسارتها”.
قلق من الحكومة اليمينية الإسرائيلية
ومع ذلك، حتى قبل هجوم “حماس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت أبوظبي تشعر بالقلق إزاء فشل الحكومة اليمينية الإسرائيلية في الحد من توسع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والزيارات المتكررة التي قام بها الإسرائيليون المتدينون اليمينيون إلى المجمعات الذي يضم المستوطنات اليهودية بالقرب من المسجد الأقصى، ثالث أقدس المواقع في الإسلام.
وكان المجمع، الذي يقدسه اليهود باعتباره بقايا معبدين قديمين، منذ فترة طويلة نقطة اشتعال للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ولم يستبعد أي من المصادر الأربعة أن تقوم الإمارات بتخفيض أو قطع علاقاتها إذا تصاعدت الأزمة.
وقالت مصادر إن تهجير السكان الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية إلى مصر أو الأردن كان خطا أحمر بالنسبة لأبوظبي.
وقال جيمس دورسي، وهو زميل بارز في جامعة سنغافورة الوطنية، إن الحرب في غزة أفقدت مصداقية فكرة أن التعاون الاقتصادي وحده يمكن أن يبني منطقة مستقرة.
وقال لـ”رويترز”: “الشرق الأوسط الجديد يبنى على أرض هشة للغاية”.
كراهية حماس
وتلفت “رويترز” إلى عامل آخر مهم يحكم رد فعل الإمارات على ما يحدث حاليا في غزة، وهو كراهيتها لحركة “حماس”، باعتبارها محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، التي تناصبها أبوظبي العداء، وساعد على الإطاحة بهم في مصر بواسطة السيسي في 2013.
وفي حين انتقدت أبوظبي سلوك إسرائيل في الحرب، فقد أدانت أيضا حماس بسبب الهجوم. وترى الإمارات أن الحركة الفلسطينية المسلحة والجماعات الإسلامية الأخرى تشكل تهديدا لاستقرار الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
وقال أحد المصادر “حماس ليست منظمتهم المفضلة… إنها الإخوان المسلمون في نهاية المطاف”.
وكانت الإمارات في صدارة الحملة على جماعة الإخوان المسلمين، أقدم منظمة إسلامية في العالم العربي، في مصر.
وقد ساندت تحرك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيرا للدفاع للإطاحة بالرئيس الأسبق المنتمي للجماعة محمد مرسي في عام 2013 عقب احتجاجات حاشدة مناهضة لحكمه. وقدمت الإمارات لمصر دعما بمليارات الدولارات بعد عزل مرسي.