حرب التحرير الشعبية طريقنا إلى فلسطين

بقلم: د. زيد احمد المحيسن

 

عرفت الشعوب منذ فجر التاريخ أن الأماني الكبيرة تحتاج إلى عمل وتضحيات جسيمة، وأن الإعتماد على الذات هو الحل الأمثل والخيار المنطقي والعقلاني في تدبير الأمور وحل المعضلات.

فالشعب العربي الفلسطيني الذي عانى من التشريد واللجوء في أصقاع الأرض، أصبح واعياً أن ما حكّ جلدك مثل ظفرك، وأن الإعتماد على الغير طريق غير مجدي ولا يحقق الأهداف.

غزة العزة .. منذ شهر تخوض معركتها المفصلية مع العدو الصهيوني المحتل، تقاتل عدواً شرساً، تسلح بكافة تكنولوجيا ومعدات الغرب العسكرية المادية والمعنوية وأسند ظهره إلى القوة الإمبريالية العالمية ممثلة بزعيمها الولايات المتحدة وحلف الناتو، ومن مثلها من أنظمة التطبيع والردة العربية.

غزة اختارت طريق ” حرب التحرير الشعبية “، إنها حرب وخيار الشعوب المقهورة المنطلقة إلى الحرية وتقرير المصير والإستقلال، ويبدو أن التاريخ العربي حالياً يكرر نفسه، فالواقع العربي الحالي ليس بأفضل من واقع بدايات النكبة عام 1948، فمنذ أكثر من سبعة عقود ونيف والشعب العربي الفلسطيني يكافح ويناضل من أجل التحرير وطرد الأحتلال الصهيوني الجاثم على الجسد الفلسطيني الطاهر وإقامة دولته المستقلة على الثرى العربي الفلسطيني.

لقاء ذلك انطلقت الثورات منذ ذلك الحين وتكونت تنظيمات عسكرية عربية فلسطينية ” باسم الجهاد المقدس “، وبدأت أعمال المقاومة؛ وكانت رؤية البندقية والمقاومة هي الخيار الأمثل والخطوة الأولى في الطريق الصحيح من أجل تحقيق غاية النضال الوطني الفلسطيني وهو تحرير الأرض العربية من الاحتلال الصهيوني.. لكن الواقع العربي في تلك المرحلة بكامل ما فيه من دول ومؤسسات سياسية واجتماعية وعسكرية، كان واقعاً مؤلماً فاسداً عفناً بإمتياز تسوده روح الانهزامية والتخاذل وعدم الجدية في العمل، وتتسلط عليه قيادات تقليدية غير كفؤة ارتبط البعض منها بالاستعمار بصورة مباشرة وغير مباشرة وبمصالحه في المنطقة، والآخر كانت تحركه دوافع شخصية خالية من المصداقية والوطنية ويعمل من خلال قصوره الذاتي والمصلحي ضارباً عرض الحائط بطبيعة فهم الصراع مع الصهيونية العالمية وأطماعها في المنطقة العربية والعالم، والتي تقوم على دعائم القوة وقضم الأرض وتغيير الديموغرافيا من خلال بناء المستوطنات وتعبئتها بقطعان المستوطنين والمهاجرين الجدد من الخارج.

غزة اليوم بالرغم من التخاذل العربي والصمت الدولي تقاتل لوحدها في ميادين الرجولة والبطولة والشرف، وتحمل على كاهلها الدفاع عن شرف الأمة العربية والإسلامية والعالم الحر، تقاتل بأبهى صورها وأنقاها وأشرفها، دون معيل أو مساند، فقد أدركت انه لم يعد أمامها خيارات كثيرة سوى خيار الإندفاع إلى الأمام ومواجهة العدو المتغطرس في عقر تواجده، بعد حصار دام أكثر من سبعة عشر عاماً من التجويع والإفقار والتنكيل ومحاولة ذبحها من الوريد إلى الوريد أمام انظار العالم والمنظمات الدولية التي لم تحرك ساكناً يذكر.

قضية فلسطين ليست صراع حدود يسهل السيطرة عليه او استيعاب تبعاته، إنها قصة شعب هُجر من أرضه قسراً وأمام العالم منذ أكثر من سبعة عقود ونيف.. ومن هنا فإن وحدة المقاومة والبندقية أصبحت ضرورة حياتية أمام الشعب العربي الفلسطيني، ويجب أن تنتهي صراعات الداخل بين الضفة وغزة بغير رجعة وتلتحم بقية فصائل المقاومة والحركات الشعبية وتسند روح المقاومة، فالخيار الوحيد أمام الشعب الفلسطيني أصبح ماثلا للعيان، وهو حرب التحرير الشعبية، فهو الطريق الأمثل لتحرير الأرض وإقامة الدولة، وكما قال القائد الرمز جمال عبد الناصر” رحمه الله ” : ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .

وإنها لخطوة مباركة على طريق التحرير.

والمجد والخلود لشهداء فلسطين وأمتنا العربية الماجدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى