المختلفون على جلد الدب قبل صيده.. بلينكن قد يطرح على 6 وزراء خارجية عرب “خيارات” في غزة ما بعد حماس
بينما تكثف القوات الإسرائيلية هجومها على قطاع غزة، بدأ دبلوماسيون في الولايات المتحدة والأمم المتحدة تقييم خيارات “ماذا بعد” إذا تمكنت إسرائيل من الإطاحة بالحركة التي تدير القطاع، والتحديات التي يواجهونها في هذا الصدد ضخمة.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر مطلع إن تلك المناقشات تشمل خيارات مثل نشر قوات متعددة الجنسيات بعد انتهاء التصعيد الأحدث في الصراع في غزة وتشكيل إدارة مؤقتة بقيادة فلسطينيين، لكنها تستبعد السياسيين المنتمين لحماس، ومنح دور مؤقت لملء الفراغ في الأمن والإدارة لدول جوار عربية وإشراف مؤقت من الأمم المتحدة على القطاع.
ووصف مصدر أميركي آخر العملية بأنها لا تزال في “طور طرح الأفكار” بشكل غير رسمي.
بلينكن في عمّان
ومن المتوقع ان يكون وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد بحث، اليوم السبت خلال زيارته العاصمة الأردنية عمان، سبل وقف الحرب في غزة، وذلك في اجتماع مع نظرائه في كل من الأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر وممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقال بيان للخارجية الأردنية إن الوزراء العرب سيؤكدون خلال الاجتماع الموقف العربي الداعي لوقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وعاجل للقطاع، كما يبحثون مع بلينكن كل تداعيات وسبل إنهاء هذا التدهور الخطير الذي يهدد أمن المنطقة برمتها.
وهناك أسئلة رئيسية بشأن الوضع منها ما إذا كانت إسرائيل ستتمكن فعلا من القضاء على حماس كما توعدت وما إذا كانت الولايات المتحدة وغيرها من الدول سيلتزمون بالمشاركة بجنود للفصل بين إسرائيل والفلسطينيين بما يتخطى تردد بشأن الأمر قائم منذ فترة طويلة.
وقال البيت الأبيض يوم الأربعاء الماضي: “ليس هناك خطط ولا نوايا” لنشر قوات أميركية على الأرض في قطاع غزة.
“الأسوأ في حرب غزة لم يأت بعد”
كما لم يتضح أيضا إن كانت السلطة الوطنية الفلسطينية التي لها حكم ذاتي محدود في مناطق من الضفة الغربية ستكون قادرة أو راغبة في تسلم إدارة القطاع.
وطرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم الثلاثاء احتمالات “تجديد وإحياء” السلطة الوطنية لكن إدارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلاحقها شبهات بتهم الفساد وسوء الإدارة.
وأي كيان سيسعى لفرض السلطة على قطاع غزة بعد الحرب سيضطر أيضا للتعامل مع الانطباع العام بين الفلسطينيين بأنه مدين بالفضل في ذلك لإسرائيل.
وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي “نعلم أن هناك الكثير من الأسئلة حول غزة ما بعد الصراع وكيف سيبدو الأمر، ونحن بالتأكيد نطرح على أنفسنا بعضا من هذه الأسئلة نفسها ونتحدث مع شركائنا بما في ذلك إسرائيل”.
وأضاف “نعلم أن أيا كان ما سيبدو عليه الأمر لا يمكن أن يبدو كما كان عليه الحال في السادس من أكتوبر. لا يمكن لحماس أن تظل مسيطرة. لكننا لم نتوصل إلى أي إجابات نهائية، ولن نكون قادرين على ذلك دون التشاور الوثيق مع شركائنا الإقليميين”.
وحتى إن تمكنت إسرائيل من الإطاحة بقيادات حماس، سيكون من شبه المستحيل القضاء على الشعور المؤيد للحركة بين سكان القطاع بما يزيد من مخاطر تعرض أي جهة تتولى إدارته لهجمات جديدة وهو ما قد يتضمن تفجيرات انتحارية.
ويقول آرون ديفيد ميلر وهو مفاوض أميركي سابق في ملف الشرق الأوسط “إذا نجح الإسرائيليون في سحق حماس، أعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية تشكيل هيكل حكم هناك لديه مشروعية وفاعل”.
وتابع قائلا “احتمالات ماذا بعد ذلك بالنسبة لي خيالية”.
وتتزايد تلك النقاشات في وقت توسع فيه إسرائيل هجومها الجوي والبري والبحري الشرس على القطاع، لكنها أيضا مدفوعة بما يعتبره مسؤولون أميركيون إخفاقا من إسرائيل في الخروج بتصور لما بعد المواجهة النهائية.
العراق وأفغانستان ودروس مستفادة
يقول مسؤولون أميركيون في محادثات خاصة إنهم ونظراءهم الإسرائيليين تحدثوا عن استخلاص الدروس المستفادة من أخطاء وعثرات وقعت فيها واشنطن في غزوها للعراق وأفغانستان بما شمل الافتقار للإعداد والاستعداد لما تلا ذلك.
ومن بين الخيارات التي ناقشها مسؤولون أميركيون تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحفظ النظام. ويمكن أن تشمل مزيجا من دول أوروبية وعربية رغم أن ليس هناك أي حكومة أبدت صراحة استعدادها للمشاركة في مثل تلك القوة.
وعلى الأرجح لن يرغب الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أنهى في 2021 وجود بلاده العسكري الذي استمر عقدين في أفغانستان، في التورط في عمل عسكري مباشر في صراع أجنبي جديد بينما يسعى لإعادة انتخابه رئيسا في 2024.
طرح بعض المحللين السياسيين أيضا فكرة نشر قوة تدعمها الأمم المتحدة في قطاع غزة، إما على شكل قوة حفظ سلام رسمية تابعة للأمم المتحدة مثل الموجودة على الحدود بين إسرائيل ولبنان أو قوة متعددة الجنسيات بموافقة الأمم المتحدة.
لكن دبلوماسيين يقولون إن مثل تلك الخطوة ليست محل نقاشات في الأمم المتحدة وهو تحرك سيتطلب موافقة الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وعددها 15.
وتواجه مثل تلك المهام في العادة عقبات ضخمة. في أكتوبر 2022، طلبت هايتي مساعدة دولية لقتال عصابات تنتهج العنف. وبعد عام، أقر مجلس الأمن الدولي تشكيل بعثة أمنية أجنبية إثر تأخيرات بسبب مواجهة صعوبات كبرى في إيجاد دولة مستعدة لقيادة تلك المهمة. وتقدمت كينيا لذلك، لكن هايتي لا تزال في انتظار وصول البعثة فعليا لها.
ومما يعقد الأمور أكثر، ستعارض إسرائيل على الأرجح أي دور أمني للأمم المتحدة خاصة بعد أن انتقد مسؤولون إسرائيليون الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش بسبب قوله إن هجوم حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل “لم يأت من فراغ”.
وتتوقع إسرائيل أن يطول أمد الحرب لكنها تقول إنها ليست مهتمة بإعادة احتلال قطاع غزة.
أمران يقلقان القادة العسكريين الأميركيين بشأن إسرائيل وحماس
يقيم خبراء من خارج المنطقة، معروف عن بعضهم درايته بتفكير صناع السياسة الأميركيين، تصورات عما قد يكون عليه الحال في قطاع غزة بعد الحرب.
ويقول دينيس روس، المفاوض السابق لملف الشرق الأوسط ومستشار البيت الأبيض، إنه في حالة التمكن من تجريد حماس من “سلطتها القوية” ونزع السلاح في قطاع غزة “فإن ذلك قد يفتح الطريق أمام تشكيل إدارة مؤقتة بحكومة تكنوقراط يقودها فلسطينيون يعملون تحت نوع ما من المظلة الدولية أو الإقليمية أو كليهما”.
وقال إن التفاصيل ستتطلب نقاشا معقدا تقوده الولايات المتحدة مع السلطة الفلسطينية وأطراف أخرى كبرى معنية ولها مصالح في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
لكن ليفلح ذلك، يقول روس إن على إسرائيل أن تحد الإطار الزمني لوجودها العسكري في قطاع غزة وإلا فإن أي كيان يحكم سيفتقر إلى الشرعية في عيون سكان القطاع.
اقترحت مقالة كتبها روس واثنان من زملائه في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن بمجرد انسحاب إسرائيل، يمكن أن يقوم بالدور الأمني في قطاع غزة “كونسورتيوم من خمس دول عربية توصلت لاتفاقات سلام مع إسرائيل.
لكن هناك بعض التشكك في إمكانية التوصل لمثل هذا الترتيب. وقال ميلر الذي يعمل الآن في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن: “الدول العربية لن ترسل جنودا على الأرض لقتل فلسطينيين”.