“طوفان الاقصى” يفرض واقعاً سياسياً جديداً على أرض فلسطين
بقلم: عبدالرحيم الريماوي/ رام الله

يواصل الاحتلال شن حرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني والبنية التحتية.. “قتل الاطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، وقصف المباني والابراج السكنية والمشافي والمدارس والمخابز، وقطع الكهرباء والماء، وفرض حصار شامل في تجاهل صارخ لحقوق الانسان بمساندة غربية لاضعاف واستئصال المقاومة، وتحديدا حركتي “حماس والجهاد الاسلامي”.. “طوفان الاقصى” لعب دورا مركزيا في استعادة الصراع الى جذوره واعاد ضرورة حل القضية الفلسطينية، وفرض المفهوم السياسي الوطني التحرري على كافة الصعد “الدولية والاقليمية والعربية والاسلامية”.
“طوفان الاقصى” اسقط مفهوم الجيش الذي لا يقهر، والحق الهزيمة الساحقة الماحقة به، بضرب مفهوم التفوق العسكري الامني والاستخباراتي والتكنولوجي، حيث حاول “الاحتلال تسويقه وفرضه على المنطقة بالقوة العسكرية الكرتونية المدعومة امريكيا وغربيا، ولا شك ان اهتزاز صورة قوة الجيش الاحتلالي دوليا واقليميا، قد دفع الادارة الامريكية الى تقديم حزمة مساعدات بقيمة 14.3 مليار دولار، وارسال أكبر حاملات طائراتها إلى سواحل فلسطين لحماية الاحتلال ومخططاته التضليلية والمخادعة للرواية الصهيونية التلمودية لفلسطين التاريخية.
القصف الجوي العنيف والشامل لقطاع غزة اليوم، وقتل الالاف من الاطفال والنساء والشيوخ بذريعة محاربة التنظيمات والمقاومة المسلحة الفلسطينية المتمتعة بمعنويات وقوة عسكرية سياسية واعلامية ونفسية عالية متكاملة، يستهدف فيما يستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الى الدول العربية المجاورة، في محاولة احتلالية لشطب وازالة الحل السياسي للقضية الفلسطينية عبر اقامة الدولة الفلسطينية، ودفن النكبة والنكسة من تاريخ الامتين العربية والاسلامية، لبث الحياة التلمودية الصهيونية المصطنعة في المنطقة على انقاض الرواية والتاريخ والحضارة العربية والاسلامية الفلسطينية، ودفن قرارات الشرعية الدولية والاممية التي شكلت ارضيية لحل القضية الفلسطينية، بدءا من قرار 181 و 194 و 338 و 242.
الاحتلال يريد الحاق هزيمة شاملة ونهائية بالفلسطينيين الذين كانوا يمثلون راس حربة حركة التحرر العربية في الستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي حتى جاء اتفاق اوسلو عام 1993 الذي مثل الخطوة الاولى في ضرب صمود “م.ت.ف” في بيروت عام 1982، وشعار الحرية والاستقلال الذي تبنته الانتفاضة الكبرى عام 1987، وشكل بكل اسف خطوة تراجعية على طريقـ”اعادة بناء الشرق الاوسط الجديد” وفق سيناريو الاضطهاد وشطب قضية الشعب الفلسطيني عن الخارطة العالمية، برعاية ومساندة امريكية وغربية يهدف الى فرض مفهوم تطبيعي تقسيمي للمنطقة لتجزىة المجزأ وتحويل الاقطار والامة العربية الى ملل واثنيات وطوائف وقبائل متناحرة ، و”نسف مفهوم الهوية والقومية العربية، وكيّ الوعي العربي الاسلامي القومي الذي ارسى مداميكه الاولى القائد العربي الكبير الراحل الخالد جمال عبدالناصر، بعد انتصار ثورة يوليو عام 1952.
“طوفان الاقصى” ذكر دول العالم بالمأساة الفلسطينية، واستعاد فرض الواقع السياسي العربي والاسلامي الجديد من الصراع على أرض فلسطين، بتبني “القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعالمين العربي والاسلامي”، رغم محاولة الاحتلال تشويه ودعشنة صورة حركة التحرر الوطني الفلسطيني على ارض فلسطين اليوم، في تجاهل مفضوح للاسباب الحقيقية للصراع العربي الفلسطيني الاحتلالي الممتد على مدار قرن من الزمان.
فشل الجهود العربية بضمان امن وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين من الهجمات الصاروخية التي تنفذ على مدار الساعة، للتخلص من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، يفرض على المقاومة والاحزاب والتنظيمات الفلسطينية وكل الوان الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والاكاديمي والثقافي و”حزب الكنبة” رفع سقف التنسيق البيني لجسر وردم الهوة الخلافية السياسية والاجتماعية البينية، والاسراع ببلورة استراتيجية وبرامج واليات عملية ميدانية “بمساندة عربية واسلامية ودولية واقليمية صديقة” في “اصلبها تبني تطبيق وتنفيذ القرارات الدولية لحل الصراع على ارض الواقع، 181 و 194” ومواجهة حرب الابادة والعدوان الاحتلالي الهادف لمحو الشعب الفلسطيني ومصيرهم الوطني وتشويه حقيقتهم التاريخية والوجودية المتجذرة في كل فلسطين التاريخية.
الانظمة العربية والاسلامية والشعوب والدول الصديقة مطالبة بعدم تضييع الوقت بالتفكير في استئناف والعودة للتسوية والمفاضات الثنائية وعنوانها التطبيع “جربت على مدار ثلاثة عقود مضت”، بل يجب العمل اليوم على “اجبار الادارة الامريكية” التي تخلت عن تشدقها بقيم العدالة والحرية والديمقراطية والمساواة، بالتوقف عن تقديم المساعدات المالية والعسكرية واللوجستية والتكنولوجية لحماية الاحتلال اذا ارادت تجنيب المنطقة من الانفجار الذي قد يشعل نيران الحرب الاقليمية في أي لحظة، بعد خروج المسيرات الشعبية الاوروبية والعربية والاسلامية المؤيدة للحق الفلسطيني، والدفاع عن حقه في الوجود على أرضه وحق تقرير المصير، ورفضا للعدوان العسكري الاحتلالي على غزة وهو يقتل الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين بالآلاف.
وكل الشكر للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي قال بالامس، إن الفلسطينيين لم يكونوا أبدا إرهابيين ولن يكونوا كذلك، مؤكدا أن “ما يحدث في غزة جرائم كاملة الأركان ضد الإنسانية وجرائم حرب”.. وأضاف تبون، في لقاء له بولاية الجلفة التي تقع جنوبي الجزائر يوم الاحد الماضي، الفلسطينيون يدافعون عن وطنهم وحقوقهم المشروعة”.
31/10/2023