يُكثر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (علماني) من اقتباسات التوراة في خطاباته، منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ففي مؤتمر صحفي، مساء امس الاول السبت، قال نتنياهو: “أصلي من أجل سلامة جنودنا: عسى الله أن يهزم أمامهم الأعداء الذين قاموا ضدنا! ليخضع أعداءنا لهم، ويكللهم بالخلاص والنصر”.
كما اقتبس نتنياهو من “سفر التثنية 17:25”: “أذكر ما فعله بك عماليق”، في إشارة إلى خروج اليهود من مصر.
وأضاف نتنياهو: “نتذكر ونقاتل”.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قال نتنياهو في خطاب له: “بقوتنا المشتركة، وبإيمان عميق بعدالة قضيتنا وبأبدية إسرائيل، سوف نحقق نبوءة إشعياء 60: 18: “لَنْ يُسمَعَ الظُّلمُ فِي أرْضِكِ فِيمَا بَعْدُ، وَلَنْ يَكُونَ هُنَاكَ خَرَابٌ وَدَمَارٌ ضِمنَ حُدُودِكِ. سَتُسَمِّينَ أسوَارَكِ خَلَاصًا، وَبَوَّابَاتِكِ تَسْبِيحًا”.
واعتبر، في خطاب يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول، أن “قيام إسرائيل معجزة ومثال للإيمان والعمل، وجاء في سفر صموئيل: لا تكذب أبدية إسرائيل”.
وفي خطاب يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، قال نتنياهو: “تذكروا إنكم تواصلون درب أبطال شعب إسرائيل، من يشوع بن نون، ويهوذا المكابي، وأبطال 5708 (سنة عبرية سبقت حرب 1948)، وجميع حروب إسرائيل”.
وفي العادة، نادرا ما كان يقتبس نتنياهو من التوراة في خطاباته.
وقال الحاخام إلحنان ميلر، وهو محلل إسرائيلي يساري التوجه، لوكالة “الأناضول”: “أثناء الحرب تقتبس القيادة من التوراة ومن الكتب الدينية، وهذا أمر اعتيادي في فترات الحروب”.
ميلر أضاف: “أيضا في حروب سابقة استمعنا إلى اقتباسات نصوص دينية من التوراة في خطابات رؤساء ألوية الجيش المرعوبين”.
وتابع: “نعم، تكرر الأمر في خطابات نتنياهو، وهذا غير عادي، وهو في جزء منه يخاطب القاعدة اليمينية والمتدينة في إسرائيل”.
واعتبر ميلر، أن استخدام نتنياهو اقتباسات من التوراة هو “أيضا جزء من لعبة علاقات عامة، فهذا هو الوجه الذي يريد أن يعرضه للشعب بأنه مؤمن وملتزم، ولكن باعتقادي أنه جزء من مسرحية”.
ومضى قائلا: “نتنياهو مهووس، وهو الآن مشغول فقط بالعلاقات العامة أكثر من أي شيء آخر.. ما قام به في هذا الشأن ليس مفاجئا، فهو يستخدم كل أدوات الإعلام في خطاباته”.
كما يستخدم نتنياهو في خطاباته عبارة “سينتصر الخير على الشر.. والنور على الظلام” و”شعب إسرائيل حي”.
ويبدو مستقبل نتنياهو السياسي على المحك، إذ يحمّله كثيرون داخل إسرائيل المسؤولية عن هجوم حركة “حماس” المفاجئ في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الذي قتل فيه أكثر من 1500 إسرائيلي، وحاول الأحد تحميل المسؤولية للجيش والاستخبارات قبل أن يتراجع ويعتذر.
ومنذ 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، يترأس نتنياهو، زعيم حزب الليكود، الحكومة الراهنة، التي توصف في الإعلام العبري بأنها “أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل”.
ولليوم الـ 24 يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية مكثفة على الأحياء السكنية بغزة، قتل فيها 8306 فلسطينيين، بينهم 3457 طفلا و2136 سيدة، بحسب بيانات رسمية.
بين نتنياهو وأبو عبيدة
وقد سلطت صحيفتا “لاكروا” الفرنسية و”يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، الضوء على نبوءتين تحدث عنهما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والمتحدث العسكري لحركة حماس، المعروف بـ “أبو عبيدة”، بشأن مستقبل الاحتلال الإسرائيلي والدولة العبرية.
وذكرت “لاكروا”، في تقرير لها، أن “نبوءة إشعياء” تحدث عنها نتنياهو خلال خطاب متلفز يوم الأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لتبرير تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قائلا: نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام وسينتصر النور على الظلام”.
وتشير هذه الكلمات إلى سفر إشعياء، وهو نص رئيسي من العهد القديم، يتحدث عن سبي الشعب اليهودي إلى بابل وعودتهم، بالإضافة إلى إعادة بناء الهيكل في القدس، وهو حسب غالبية الدراسات الكتابية، عمل جماعي، نصفه تقريبا كتبه النبي إشعياء، ويتكون من 66 فصلا، ويتناول نهاية منفى الشعب اليهودي، وإعادة بناء الهيكل في القدس، ونهاية الزمان.
واستمد نتنياهو تشبيهه من مقطع من الفصل التاسع من سفر إشعياء يقول إن “الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما قد أشرق. وعلى سكان أرض الظلمة أشرق نور”، وكأن إسرائيل هي أهل النور الذين يجب أن ينتصروا على أهل الظلام أي فلسطين، في السياق الجيوسياسي الحالي.
وانتقدت عالمة الكتاب المقدس، آن ماري بيليتييه، ما وصفتها بـ “الإشارة المبتذلة” لنتنياهو، وقالت إن الذي يسير في الظلام في سفر إشعياء ليس “العدو” المجاور، بل الشعب اليهودي نفسه، الذي يمر “بكل تأكيد بمحنة سياسية وروحية”، مشددة على أن معنى النص لا يدعم ما ذهب إليه نتنياهو، خاصة أن هذا الكتاب معقد للغاية و”لا يمكن فهمه إلا في ضوء السياق التاريخي في ذلك الوقت”.
وفي المقابل، لوّح أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، في كلمته الأخيرة بتحقيق ما سماه “لعنة العقد الثامن”، قائلا: “زمن انكسار الصهيونية قد بدأ، ولعنة العقد الثامن ستحلّ عليهم، وليرجعوا إلى توراتهم وتلمودهم ليقرؤوا ذلك جيدًا”.
و”لعنة العقد الثامن” نظرية تاريخية مقلقة للإسرائيليين، تفيد بزوال إسرائيل قبل حلول الذكرى الثمانين لتأسيسها، أي عام 2028، وسبق ان أشار إليها، العام الماضي، إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، وأبدى مخاوفه منها في مقال كتبه لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وقال باراك: “على مر التاريخ اليهودي لم تعمر دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين، فترة الملك داود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الدولتين تفككتا في العقد الثامن”، محذرًا من الانقسامات الداخلية، ومطالبًا الإسرائيليين بحساب النفس خوفًا من تحقيق هذه النبوءة.
وأشار إلى أن المشروع الصهيوني الحالي، هو المحاولة الثالثة في التاريخ، مضيفا: “وصلنا إلى العقد الثامن الذي بشّر في الحالتين ببداية تفكك السيادة، نحن كمن استحوذ عليهم الهوس، وذلك بتجاهل صارخ لتحذيرات التلمود، ونعجل النهاية”.
المصدر | الأناضول