العدو الصهيوني يتكبد مليار دولار أسبوعياً، جراء الحرب التي يشنها على المدنيين في قطاع غزة، بدعوى الأنتقام من حماس
الحرة / خاص – دبي
مع استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حركة حماس في قطاع غزة، يتلقى الاقتصاد الإسرائيلي سلسلة من الضربات، التي يمكن أن تعيق واحدا من أكثر الاقتصادات ازدهارا في العالم.
وتثير احتمالية امتداد الحرب لفترة طويلة واتساع رقعتها، المخاوف في المنطقة، بشأن إمكانية انتقال التأثيرات الاقتصادية من إسرائيل إلى دول أخرى.
وتجّلت هذه المخاوف بوضوح عندما سيطرت مداخلات المشاركين في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” المنعقد بالعاصمة السعودية الرياض، والذي يسمى أيضا بـ”دافوس الصحراء”.
وقال الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال الإسرائيلي، رمزي حلبي، في تصريحات لموقع قناة “الحرة”، إن “التكلفة المباشرة للحرب تصل إلى مليار دولار أسبوعيا”.
وأضاف: “الاقتصاد (في إسرائيل) لا يسير في الاتجاه الصحيح (في زمن الحرب)، وهذا شيء مقلق”، معتبرا أن “كل المعطيات تقول إن الاقتصاد في خطر”.
وفي حال استمرار الحرب لفترة طويلة، سيكون “الاقتصاد الإسرائيلي على حافة الهاوية، وهذا شيء خطير جدا”، حسبما ذكر حلبي.
“أسوأ من الحرب مع حزب الله”
وقدّرت السلطات الإسرائيلية فاتورة الحرب – حتى الآن – بقرابة 7 مليارات دولار أميركي، لكن التكلفة الحقيقية “أضعاف هذا المبلغ، إذا تم احتساب الأضرار الإجمالية على اقتصاد الدولة الكلي”، حسبما قال الباحث الاقتصادي البارز، عامر الشوبكي، في حديثه لموقع قناة “الحرة”.
وقال الشوبكي إن “تأثيرات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي ستكون ذات شقين: قصيرة المدى تتمثل في التكلفة المباشرة، وطويلة المدى المتعلقة بابتعاد رؤوس الأموال”.
وكان اقتصاد إسرائيل، وحجمه نحو نصف تريليون دولار، هو الأكثر تطورا بالشرق الأوسط، بفضل نقاط القوة في قطاع التكنولوجيا الفائقة والسياحة، وبقي معافى على مدار معظم عام 2023.
وقال كبير الاقتصاديين في شركة “بساغوت” للاستثمار، جاي بيت أور، إن “التداعيات الحالية يمكن أن تكون أسوأ من الحرب التي استمرت شهرا بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في يوليو عام 2006، وهي واحدة من أكبر حروبها الأخيرة”.
وأضاف في تصريح لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أن الناتج الاقتصادي للبلاد “مرجح للانكماش بنسبة تصل إلى 3 بالمئة، بين الربعين الثالث والرابع”.
وتابع: “نحن أمام تداعيات طويلة، وستلحق خسائر فادحة بالاقتصاد الإسرائيلي. يقوم الناس بإلغاء العطلات والحفلات والمناسبات ويمكثون في منازلهم، ولا يستطيع الكثير منهم الذهاب للعمل، كما تحولت المدارس في جميع أنحاء إسرائيل إلى التعلم عن بعد”.
وكان نمو الاقتصاد الإسرائيلي في طريقه للوصول إلى 3 بالمئة هذا العام، مع انخفاض معدلات البطالة قبل الهجمات التي شنتها حركة حماس المصنفة على لائحة الإرهاب.
وشنت حركة حماس هجمات على إسرائيل في 7 أكتوبر، أسفرت عن مقتل 1400 شخص، أغلبهم من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال.
وردا على ذلك، قطعت إسرائيل جميع إمدادات الغذاء والمياه والوقود والكهرباء عن قطاع غزة، وتشن غارات جوية متواصلة على القطاع الفلسطيني، مما أدى لمقتل أكثر من 7 آلاف شخص، معظمهم من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة.
القطاعات المهمة “معطلة”
والإثنين، قال بنك إسرائيل إن الحرب “ستؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد الإسرائيلي بشكل مفاجئ هذا العام والعام المقبل، وارتفاع عجز ميزانية البلاد، مع زيادة إنفاق الدولة لدعم الجيش والمدنيين والشركات خلال الصراع”.
وقال محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، في مؤتمر صحفي: “من الواضح أن مدة الحرب وكذلك أي امتداد إلى ساحات إضافية”، من شأنها أن تضيف حالة من عدم اليقين إلى التوقعات الاقتصادية.
وتسبب حشد جنود الاحتياط في إسرائيل، في “فجوة كبيرة في القوى العاملة، وتعطيل سلاسل التوريد من الموانئ البحرية إلى متاجر التجزئة، في حين يقوم تجار التجزئة بإعطاء إجازات للموظفين، وانخفضت قيمة الشيقل”، وفق وكالة رويترز.
وفي هذا الصدد، أوضح الشوبكي أن “الشيقل انخفض إلى أدنى مستوياته منذ مارس عام 2015، بعد أن تخطى سعره 4 دولارات للمرة الأولى”.
وأضاف أن العملة الإسرائيلية كانت “مستمرة في الهبوط لولا تدخل البنك المركزي، وضخه مليارات الدولارات للحفاظ على قيمة الشيقل”.
وسرد الشوبكي الأضرار الاقتصادية، قائلا: “يخسر قطاع التكنولوجيا الفائقة كبيرة بعد توقف الأعمال، نظرا لأن كثيرا من المجندين الجدد كانوا يعملون في هذه الصناعة، عدا عن التكلفة اليومية للحرب وتجهيز جنود الاحتياط، والخسائر المترتبة على نزوح سكان المناطق الحدودية إلى الأماكن الآمنة، وتوقف حركة الملاحة الجوية والبحرية”.
بدوره، قال حلبي إن “المرافق الاقتصادية والسياحة تكاد تكون معطلة بشكل أو بآخر، فضلا عن قطاع الزراعة المتضرر كليا جنوبي البلاد.. كما أن البناء، وهو فرع أساسي في اقتصاد إسرائيل، معطل”.
كذلك، “فقدت البورصة 6.5 بالمئة من قيمتها، مما يشكل إجمالي خسائر تصل إلى 20 مليار دولار، على اعتبار أن سوق المال يشكل 57 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لإسرائيل”، وفقا للشوبكي.
وبحسب رويترز، فإن صناعة التكنولوجيا الفائقة التي تمتاز بها إسرائيل، تمثل 18 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ونصف إجمالي الصادرات.
وتعهدت الحكومة بـ”عدم وضع حدود” للإنفاق على تمويل الحرب، و”تعويض الأسر والشركات المتضررة”، مما يعني عجزا أكبر في الميزانية ومزيدا من الديون.
وكانت وكالة “ستاندرد آند بورز” قد خفضت توقعاتها الخاصة بإسرائيل إلى “سلبية” من “مستقرة”، في خطوة وصفها وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بالـ”مثيرة للقلق”.
“انتظار ما ستؤول إليه الحرب”
وقال سموتريتش في مقابلة مع إذاعة الجيش، إنه “لم يقيّم بعد التكاليف غير المباشرة على الاقتصاد”، وقدّر التكلفة المباشرة للحرب بـ”مليار شيقل (246 مليون دولار) يوميا”.
وفي هذا الإطار، انتقد حلبي الحكومة الإسرائيلية بسبب “سلم أولوياتها” خلال الحرب، التي يبدو أنها مستمرة لفترة طويلة مع استعداد إسرائيل لتوغل بري واسع النطاق في غزة بعد تعهدها بـ “القضاء على حماس”.
وقال حلبي: “توقعات الخبراء كانت تشير إلى أن الحكومة عندما ترى الاقتصاد في انهيار، ستغير من سلم أولويات الإنفاق، لكن ذلك لم يحدث”.
وتابع: “الحكومة تستمر في صرف الميزانيات لشركاء (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو في الائتلاف الحكومي من الأحزاب الدينية والقومية، وهم عمليا لا يدعمون الاقتصاد الإسرائيلي”.
وقال إن هذه الأحزاب “تستفيد بـ3.5 مليار دولار من الدولة، دون أن تدعم الاقتصاد”.
وفي ذات السياق، يمتد الضرر الاقتصادي للغاز الطبيعي أيضا، بعد إغلاق حقل “تمار” البحري، حسبما قال الشوبكي، وهو محلل متخصص في قطاع الطاقة.
وأشار إلى أن “أي اتساع للصراع قد يؤدي إلى إغلاق الحقول الشمالية للبلاد، وربما حقل كاريش البحري، مما يضيف المزيد من الأضرار”.