ورطة أمريكا بالشرق الأوسط.. جيشها يعزز المراقبة مع تزايد تهديد قواته، والألوف من رعاياها يتأهبون لمغادرة المنطقة

 

واشنطن – قال مسؤولون لرويترز إن الجيش الأمريكي يتخذ خطوات جديدة لحماية قواته في الشرق الأوسط مع تزايد المخاوف من هجمات تشنها جماعات مدعومة من إيران، وأضافوا أنه يترك الباب مفتوحا أمام إمكانية إجلاء عائلات العسكريين إذا لزم الأمر.

وذكر المسؤولون، الذين تحدثوا بشرط عدم نشر هوياتهم، أن الإجراءات تشمل زيادة الدوريات العسكرية الأمريكية، وتقييد الوصول إلى مرافق القواعد التي تضم القوات، وزيادة جمع المعلومات الاستخباراتية، بما في ذلك باستخدام الطائرات المسيرة وعمليات المراقبة الأخرى.

وقال المسؤولون إن الجيش الأمريكي يعزز أيضا المراقبة من أبراج الحراسة بالمنشآت العسكرية، ويعزز الإجراءات الأمنية عند نقاط الوصول إلى القواعد، ويكثف العمليات لمواجهة الهجمات المحتملة بالطائرات المسيرة والصواريخ والقذائف.

وقد تزايد استهداف القواعد الأميركية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حيث تم قبل أيام استهداف قاعدة فكتوريا قرب مطار بغداد والتي تضم قوات أميركية بصاروخي كاتيوشا، كما استهدفت قاعدة عين الأسد الجوية التي تستضيف قوات أميركية وأخرى دولية وتقع بمحافظة الأنبار غربي العراق.

وفي سوريا تعرض حقل العمر النفطي وخط الغاز الواصل إلى معمل كونيكو للغاز الطبيعي بهجومين منفصلين بالصواريخ، وهما موقعان تتخذهما القوات الأميركية قواعد لها بريف دير الزور شمال شرقي سوريا.

وقبل ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن المدمرة “يو إس إس كارني” تمكنت من إسقاط 3 صواريخ وعددا من المسيرات أطلقها الحوثيون من اليمن، مشيرة إلى احتمال أن تكون موجهة نحو أهداف في إسرائيل.

إجلاء مئات آلاف الأمريكان عن المنطقة

وتتأهب الولايات المتحدة لاحتمال إجلاء مئات آلاف الأمريكيين من الشرق الأوسط، في حال لم يتم احتواء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة لليوم الثامن عشر على التوالي.

ذلك ما نقلته صحيفة “ذا واشنطن بوست” الأمريكية، اليوم الثلاثاء، عن مسؤولين مطلعين على خطط الطوارئ للحكومة الأمريكية،

المسؤولون، الذين لم تكشف الصحيفة عن هويتهم، قالوا إن الأمريكيين الذين يعيشون في إسرائيل ولبنان المجاور يثيرون قلقا خاصا، معتبرين في الوقت نفسه أن عملية إجلاء بهذا الحجم تعتبر “أسوأ سيناريو”.

مع ذلك، قال أحد المسؤولين للصحيفة: “سيكون من غير المسؤول عدم وجود خطة لكل شيء”.

وبمساعدة أسلحة ومستشارين عسكريين أمريكيين، يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لشن هجوم بري على غزة؛ في محاولة للقضاء على حركة “حماس”، وسط قلق في تل أبيب وواشنطن من احتمال تدخل الجماعات الحليفة لإيران، ولاسيما جماعة “حزب الله” اللبنانية، التي تمتلك ترسانة ضخمة من الصواريخ.

ونقلا عن المسؤولين، قالت الصحيفة إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعلى الرغم من دعمها القوي لإسرائيل، تشعر بقلق عميق من احتمال التصعيد.

ومنذ أيام، تركز واشنطن على تجهيز خدمات لوجستية معقدة؛ تحسبا لاحتمال إجلاء عدد كبير من الأشخاص، وفقا لثلاثة مصادر. والحديث يخص نحو 600 ألف أمريكي في إسرائيل و86 ألفا في لبنان، بحسب الخارجية الأمريكية.

غضب شعبي

لكن قلق واشنطن يمتد إلى ما هو أبعد من إسرائيل ولبنان، إذ يراقب المسؤولون الأمريكيون احتجاجات الشوارع التي انتشرت في جميع أنحاء العالم العربي تضامنا مع الفلسطينيين، وهو “ما يعّرض الموظفين والمواطنين الأمريكيين في المنطقة لخطر متزايد”، كما زادت الصحيفة.

وأضافت أن القصف الإسرائيلي على غزة “أدى إلى تأجيج الغضب الإقليمي تجاه إسرائيل، رغم الاعتقاد الذي كان سائدا لدى بعض المسؤولين بأن القضية (الفلسطينية) لم تعد تحظى بالقدر نفسه من الأهمية في العالم العربي”.

وحتى الإثنين، قتلت قصف الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد عن 5087 فلسطينيا في غزة، بينهم 2055 طفلا و1119 سيدة، وأصاب 15273 شخصا، بحسب وزارة الصحة في القطاع، بالإضافة إلى عدد غير محدد من المفقودين تحت الأنقاض.

وقال بروس ريدل، خبير في معهد “بروكينجز” ومسؤول سابق في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، إن “الشارع الآن هو المسؤول إلى حد كبير”.

وتابع: “قيل لنا على مدى السنوات العشر الماضية إن العالم العربي والعالم الإسلامي لم يعد يهتم بفلسطين، واتفاقيات إبراهيم كانت دليلا على ذلك. حسنا، لقد عادت فلسطين”.

واتفاقيات إبراهيم هي اتفاقيات وقَّعتها الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، عام 2020، لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ عربية في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 1967.

تصعيد محتمل

وفي الأيام الأخيرة، وفقا للصحيفة، أصدرت وزارة الخارجية نصيحة لجميع المواطنين الأمريكيين في جميع أنحاء العالم لـ”توخي المزيد من الحذر”؛ بسبب “التوترات المتزايدة في مواقع مختلفة حول العالم، واحتمال وقوع هجمات وتظاهرات أو أعمال عنف ضد المواطنين والمصالح الأمريكية”.

وقال خبراء إنه اعتمادا على حجم عملية الإجلاء الأمريكية المحتملة، فقد تكون أكثر صعوبة من أي عمليات سابقة في الذاكرة الحديثة، ويمكن أن تشمل طائرات تابعة للقوات الجوية أو سفنا حربية تابعة للبحرية.

وبحسب مديرة السياسة الخارجية في معهد “بروكينجز” سوزان مالوني فإنه “مع وجود 600 ألف أمريكي في إسرائيل والتهديدات التي يتعرض لها أمريكيون آخرون في جميع أنحاء المنطقة، من الصعب التفكير في عملية إجلاء يمكن مقارنتها بهذا الوضع من حيث الحجم والنطاق والتعقيد”.

والإثنين، قال الجنرال باتريك رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) للصحفيين إن “التصعيد الأوسع” ممكن “في الأيام المقبلة”، وكبار القادة العسكريين يتخذون “جميع الإجراءات اللازمة” لحماية الأمريكيين.

والقوات الأمريكية، التي يُقدر عددها بنحو 3400 جندي منتشرين في العراق وسوريا، هي الأكثر عرضة للخطر بشكل خاص، كما أضافت الصحيفة، في إشارة إلى احتمال تعرضها لهجمات من جماعات حليفة لإيران التي تعتبر إسرائيل العدو الأول لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى