الذكرى الــ50 لحرب أكتوبر المغدورة

بقلم: عبد الهادي الراجح

 

نعم أن التاريخ سيذكر بأحرف من نور أن هناك أمة عظيمة تعرضت، قبل 6 أعوام من حرب أكتوبر تشرين المجيدة عام 1973، لأبشع أنواع التآمر والخيانة التي قادتها لوجستيا ومخابراتيا الولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت أدواتها هي الكيان الصهيوني اللقيط رأس الحربة للاستعمار، وأنظمة عربية معروف تاريخها بالخيانة والتآمر ، والهدف للاسف اسقاط المشروع القومي العربي الناصري .

ولكن الأمة العربية بقيادة مصر الناصرية استطاعت وخلال ثلاثة أعوام قبل رحيل الزعيم جمال عبد الناصر ، هزيمة الهزيمة ،وعمل ما يمكن أن يكون مستحيلا باعادة جيش مصر العظيم من حالة الصفر ليأخد دوره الطبيعي والقيادي في الاعداد لحرب وتحرير الأرض والانسان ، يسانده شعب واعي عظيم رفض الهزيمة وقدر أبعادها وأهدافها ، لذلك كان يومي 9و10 من حزيران يونيو 1967م ، ثورة وتصحيح حقيقي لمسار ثورة 23 يوليو المجيدة.

واستطاعت مصر الناصرية بأعظم قادتها العسكرية أمثال الفريق أول محمد فوزي ، الفريق الشهيد عبد المنعم رياض ، الفريق سعد الدين الشاذلي ، اللواء والمشير فيما بعد محمد عبد الغني الجمصي وغيرهم ، اعادة الجيش أقوى مما كان قبل مؤامرة حزيران يونيو ، وخاضت مصر أعظم حروبها وتضحياتها التي عرفت بحرب الاستنزاف الذي استشهد رئيس هيئة أركانها الفريق عبد المنعم رياض وسط جنوده لتنتهي تلك الحرب العظيمة بقبول مبادرة روجرز وليس (مشروع روجرز ) ، وكان الهدف المصري من ذلك استكمال بناء حائط الصواريخ الذي كان العامود الأساسي لحرب أكتوبر والعبور العظيم لقناة السويس الذي نحتفل بذكراه الـــ50.

وفي نفس اليوم وكما كان مقررا ومتفقا عليه بين مصر وسوريا ، اجتاح الجيش العربي السوري العظيم بتوجيه وقيادة أسد تشرين أكتوبر الرئيس حافظ الأسد رحمه الله ، هضبة الجولان وكاد أن يتم تحريرها لولا خيانة وغدر أنور الساداتي الذي أراد من تلك الحرب أن تكون تحريك وليس تحرير ليقوي مركزه في المفاوضات التي قرر أن تكون نهجه وخياره المستمر حتى اليوم ، ولم يسفر الا عن المزيد من التطرف الصهيوني وانكار حقوق العرب ، وحتى سيناء عادت بشروط صهيونية والسبب ؛ أن الخائن أنور الساداتي اتصل في اليوم الثاني للحرب بوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر الذي كان هو من يقود أمريكا فعليا بعد فضيحة نيكسون المعروفة ووتر جيت الشهيرة ، وكان صهيونيا أكثر من الصهاينة ويهوديا متطرفا .

وبموجب ذلك أصبح كيسنجر وبعد أن أخبره الساداتي بأنه لن يتقدم بالحرب أكثر من ذلك ، يمسك بكل الخيوط للحرب والتفاوض معا فيما بعد ؛ الأمر الذي أدى بكل أسف لثغرة الدفرسوار وحصار الجيش الثالث ، وبكل أسف انقلبت موازين المعركة لصالح العدو ، ومارس الساداتي كعادته الكذب والخداع لشعبه وأمته ، عندما كان يقول عن الثغرة بأنها سبع دبابات فقط وليس لواء كما هي الحقيقة ، وفاوض من موقع الضعيف والمهدد ، وكانت مفاوضات 101كم التي أبكت اللواء محمد عبد الغني الجمصي من حجم ما رأى من هول التنازلات وبكى قهرا وهو يرى تضحياته ورفاقه يهدرها الخائن في بازار المفاوضات حتى بدون اخباره كما جاء في مذكراته المعروفة وحواره الشهير مع احدى الاعلاميات المعروفات .

وكما خذل الخائن الساداتي شعبه وأمته خذل السوفيات وهم أصدقاء العرب وشركاء الحرب ، وهم الذين جعلوا مصر تقف على قدميها بعد النكسة ، ناهيك عن الدعم والمساندة بكل شيء وعلى رأس هذه المساعدات بناء السد العالي والعلاقات الاستراتيجية .
ويومها قال الزعيم السوفيتي المعروف ليونيد برجينيف للسفير المصري في موسكو ( لا أعلم ماذا قصرنا معكم ، عملنا لكم كل شيء من الأسلحة للمصانع واعادة بناء جيشكم وزودناكم بأسلحة لم تصل حتى لحلف وارسو ولكن عندما جاء وقت الجد صعدتم بطائرة سوفيتية ولكنكم نزلتم بمظلة أمريكية ) .

وهكذا كانت نهاية الحرب غير بدايتها لتنتهي بتمزيق الصف العربي وتحييد أكبر قوة عسكرية وهي مصر من الصراع العربي الصهيوني ، رغم أن الخطر الصهيوني يهدد الجميع وعلى رأسهم مصر الدور والمكانة ، وهذا ما وعته مصر حتى قبل ثورة 23 يوليو المجيدة ، عندما شاركت في حرب فلسطين عام 1948م ، وبعد ثورة يوليو التي أكدت وجه مصر وانتماءها الحقيقي الذي فرضته حقائق التاريخ والجغرافيا وانها جزء من الأمة العربية .

وبعد الثورة أثبت الكيان الصهيوني اللقيط عدوانيته واستهدافه لمصر أولا من خلال العدوان على غزه في 28/2/1955 م التي كانت تحت الادارة المصرية في ذلك الوقت ، واستشهد 28 جنديا مصريا والعشرات من الجرحى والمدنيين واختلط الدم المصري مع شقيقه الفلسطيني في غزه ليؤكد لنا أننا أمة واحدة ومصير واحد ، وقتل أيضا من قطعان جيش العدو وتحديدا من الوحدة 101 وهي نخبة جيش العدو المهاجمة 11 جندي صهيوني وجرح عدد أكبر كما جاء في مذكرات ارئيل شارون .

وستبقى حرب اكتوبر تشرين خالده في تاريخ الامة واكبر اثبات ان الكيان الصهيوني اهون من بيت العنكبوت كما قال سيد المقاومة العربيه السيد حسن نصر الله ، وتحيه تقدير واعتزاز لروح الزعيم الاستثنائي جمال عبدالناصر الذي شاء القدر انه لم يرى ثمره جهده ونضال عمره بعد النكسة ، وحتى فاجعة رحيله المؤلم ، والى اسد تشرين اكتوبر القائد الخالد حافظ الاسد وكل ارواح شهداء ملحمة تشرين اكتوبر في مصر وسوريا وكل الامة العربية .

وتبقى حرب تشرين اكتوبر ملكا للاجيال وبرهانا على ان امتنا العربية قادره على هزيمة الكيان الصهيوني ، ولو كانت نهايه ملحمه تشرين اكتوبر كبدايتها لتغير وجه التاريخ ،
المجد الخلود لشهداء الامه ولا نامت اعين الجبناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى