استرجع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ذكرياته مع الزعيم الكوبي الراحل، فيدل كاسترو، مؤكداً أنّ الأخير “كان يفكّر في الناس في كلّ لحظة، ويعمل من أجل المصلحة العامة”.
وشدّد بوتين في كلمة ألقاها، اليوم الجمعة في المؤتمر البرلماني الدولي “روسيا – أمريكا اللاتينية”، على أنّ كاسترو، الذي التقاه عدة مرات، كان “متميّزاً، لا يفكّر بالكوبيين وحدهم، بل في كل أميركا اللاتينية، والجميع على هذا الكوكب”.
كما أضاف الرئيس الروسي أنّ وعي كاسترو “كان مشبعاً بضرورة تحقيق المصلحة العامة والعدالة”، مع الإشارة إلى أنّه كان “شخصاً فريداً، ومثالاً للرجال الذين تصنعهم أميركا اللاتينية”.
وفيدل كاسترو هو أحد قادة الحركة الثورية الكوبية، وقد شغل منصب رئيس الحكومة الكوبية، منذ عام 1959، حتى عام 2008. وقد تعرّض القائد الكوبي إلى ما يزيد عن 600 محاولة اغتيال، باءت كلها بالفشل، حتى توفي في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، عن عمر 90 عاماً.
وفي كلمته، استذكر بوتين، إلى جانب كاسترو “المناضلين المخلصين من أجل العدالة والمساواة الاجتماعية في أميركا اللاتينية، كالمناضلين التشيلي سلفادور الليندي، والأرجينتي إرنستو تشي جيفارا”.
وبعد أن استقبل الجمهور، أسماء هؤلاء المناضلين بتصفيق حار، علّق بوتين مؤكداً أنّ “هذا التصفيق في محله، ويليق بدور هؤلاء الذين أذكرهم”.
روسيا تدعم تطلّعات دول أميركا اللاتينية للانضمام إلى “بريكس”
وخلال كلمته، أكد الرئيس الروسي أنّ بلاده ستستعى للتواصل بين أميركا اللاتينية والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، مشدّداً على دعم تطلّعات عدد من دول المنطقة للانضمام إلى مجموعة “بريكس”.
وأعلن بوتين أنّ موسكو ستساعد في “إقامة علاقات عملية مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ومقاربة النهج في القضايا الملحة للسياسة التجارية، وتنظيم التعريفات الجمركية، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمارات ونقل التكنولوجيا”.
كما رحّب بنيّة عدد من دول أميركا اللاتينية الانضمام إلى أنشطة “بريكس” بوصفهم “أعضاء وشركاء كاملي العضوية”.
ورأى بوتين أنّ بلدان أميركا اللاتينية “تُظهر حالياً نجاح متّسقاً ومتدرّجاً في نظام متعدد الأقطاب للعلاقات الدولية، يقوم على المساواة والعدالة واحترام القانون الدولي والمصالح المشروعة لكل منها”.
وتابع بوتين مؤكداً أنّ هذه الدول ستكون صاحبة “دور عالمي رائد عبر إمكاناتها الاقتصادية الهائلة ومواردها البشرية، ورغبتها في اتّباع سياسة خارجية مستقلة”، في مثل هذا الهيكل الجديد متعدد الأقطاب، “ولا شك في ذلك”.
وفي حديثه عن مجموعة “بريكس” الاقتصادية، أوضح بوتين أنّ المجموعة ليست تحالفاً عسكرياً، بل “منصةً من أجل تنسيق المواقف وتطوير حلول مقبولة، على أساس السيادة والاحترام المتبادل”.
دول “المليار الذهبي” وقادتها يستغلّون بلدان العالم
وكان بوتين قد أكد أنّ العلاقات المصرفية الائتمانية الحديثة، صُمِّمت كي تخدم مصالح الدول المتبنية نظرية “المليار الذهبي” وقادتها، الذين “يستغلّون جميع البلدان الأخرى في العالم تقريباً، ويسيئون استغلال مواقعهم التكنولوجية والإعلامية والمالية”.
وأشار بوتين أيضاً إلى أنّ “المؤسسات المالية الدولية منظّمة بطريقة تجعلها غير مربحة لأي أحد باستثناء “المليار الذهبي”.
كما أعلن أنّ “روسيا مستعدة لإقامة علاقات مع دول أميركا اللاتينية على أساس الثنائية، وفي إطار المؤسسات الدولية، وتدعو إلى أن تكون دول هذه المنطقة، في وحدتها وتنوعها، قويةً ومستقلةً وناجحة”.
موسكو تحتضن المؤتمر البرلماني “روسيا – أميركا اللاتينية”
يُذكر أنّ المؤتمر البرلماني الدولي الأول لروسيا وأمريكا اللاتينية يُعقَد في العاصمة الروسية موسكو، في الفترة الممتدة من 29 أيلول/سبتمبر إلى 2 تشرين الأول/أكتوبر، وفق ما أعلن مجلس الدوما الروسي.
وسيناقش المشاركون في هذا الحدث دور الديبلوماسية البرلمانية في “بناء عالم عادل متعدد الأقطاب، وفي القضايا الأمنية”.
وسيتألف المؤتمر من موائد مستديرة مخصّصة من أجل التعاون الاقتصادي المتساوي للجانبين، بالإضافة إلى تطوير الروابط الإنسانية بين روسيا وأميركا اللاتينية.
وتوقّع رئيس مجلس الدوما، فياتشيسلاف فولودين، أن يحضر الحدث أكثر من 200 مشارك، بما في ذلك برلمانيون وشخصيات عامة وديبلوماسيون من دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
ووفقاً له، قرّر أكثر من نصف دول أميركا اللاتينية حضور المؤتمر، حيث سيتم عقد عدة من اجتماعات ثنائية في إطار الحدث، وسيرئِس زعماء برلمانيون العديدَ من الوفود.
وكان فولودين قد ذكر في وقت سابق أنّ المزيد من الدول “تختار انتهاج سياسات مستقلة، ملتزمةً نموذج التنمية القائم على الدفاع عن المصالح الوطنية”، مضيفاً أنّ هذه الدول ترى روسيا “شريكاً موثوقاً يمكن بناء علاقات قائمة المساواة والاحترام المتبادل معه”.