الصحافة اللبنانية تخسر اليوم الجمعة الزميل الكبير طلال سلمان، مؤسس جريدة السفير و“صوت الذين لا صوت لهم”/ فيديو

بيروت – خسرت الصحافة اللبنانية، اليوم الجمعة، أحد أركانها المتميّزين الأستاذ طلال سلمان بعد مسيرة حافلة بالنجاحات منذ تأسيسه جريدة “السفير” في بيروت في 26 آذار/مارس 1974 لتكون “صوت الذين لا صوت لهم” ولتحمل شعار “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”، حيث شكّل مرجعية إعلامية على مدى سنوات طويلة وحظي بالتقدير والمتابعة والتأثير في الرأي العام، واشتهر بحواراته مع غالبية الرؤساء والقادة والمسؤولين العرب.

دافع طلال سلمان عن القضية الفلسطينية في كتاباته ومؤلفاته وكانت افتتاحياته محور متابعة من القراء والسفارات والحلفاء والخصوم، وكانت مقالاته تحت عنوان “على الطريق” تتميّز بصلابة الموقف السياسي وتمزج بين رهافة الوجدان السياسي والموقف الصلب، وقد تعرّض سلمان نتيجة لكتاباته إلى ضغوط ومخاطر أبرزها محاولة اغتيال في 14 تموز/يوليو من عام 1984 أمام منزله في رأس بيروت ما أدى إلى إصابته بجروح تركت ندوباً في وجهه وصدره، وسبق ذلك تفجير لمطابع الجريدة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1980 بعد رسائل تهديد لمنزله.

ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار في البقاع الشمالي عام 1938، وبدأ مسيرته في نهاية الخمسينيات كواحد من متخرجي بيروت “عاصمة العروبة”.

واستهل هذه المسيرة مُصححاً في جريدة “النضال”، فمخبراً صحافياً في جريدة “الشرق”، ثم محرراً وسكرتيراً للتحرير في مجلة “الحوادث”، فمديراً للتحرير في مجلة “الأحد”. وفي خريف العام 1962 غادر إلى الكويت ليصدر مجلة “دنيا العروبة”، لكن الرحلة لم تطل لأكثر من ستة أشهر عاد بعدها إلى بيروت ليعمل مديراً لتحرير مجلة “الصياد” ومحرراً في مجلة “الحرية” حتى تفرغ لإصدار “السفير”، وكان عضواً في مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ عام 1976 حتى عام 2015.

لقد كانت “السفير” مختبراً مهماً للأفكار والآراء، وطوال أكثر من 40 سنة، اشتعلت فيها مجادلات فكرية وسياسية، ما كانت لتنتهي البتة، وفيها تلاقحت خلاصاتٌ شتى لتجارب فكرية وثقافية عربية ولبنانية، الأمر الذي جعلها تجربة نادرة في الصحافة العربية.

وحملت صفحات “السفير” منذ الأعداد الأولى أسماء لامعة في الفكر العربي المعاصر وفي الأدب العربي الحديث معاً، أمثال ياسين الحافظ وعبد الرحمن منيف وعصمت سيف الدولة وسعد الله ونوس وطارق البشري ورفعت السعيد وعبد الرحمن الخميسي وكلوفيس مقصود وغيرهم. كما فتحت صفحاتها أمام اتجاهات فكرية وسياسية متحالفة أو متخالفة كالناصرية والبعث والقوميين العرب والسوريين القوميين والعَلمانيين والشيوعيين بمختلف اتجاهاتهم السوفييتية والماوية والتروتسكية.

واستمرت مسيرة طلال سلمان في الصحافة حتى 4 كانون الثاني/يناير 2017، حيث اختار بملء إرادته إطفاء شمعة “السفير”، التي صدرت في عددها الأخير وهي تحمل عنوان “الوطن اليوم بلا سفير”، موجهاً “أطيب تحية وداع” إلى الزملاء بعد المشاكل المالية، وقائلاً “الرحلة كان لا بد لها أن تنتهي”.

لسلمان العديد من المؤلفات؛ “مع فتح والفدائيين” (1969)، “ثرثرة فوق بحيرة ليمان” (1984)، “إلى أميرة اسمها بيروت”، “حجر يثقب ليل الهزيمة (1992)، الهزيمة ليست قدراً (1995)، “على الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام” (2000)، “هوامش في الثقافة والأدب” (2001)، “سقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق” (2004)، “هوامش في الثقافة والأدب والحب” (2009)، “لبنان العرب والعروبة (2009)، وآخر ما صدر له “كتابة على جدار الصحافة” (2012).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى