تحذير أممي من قرب تدمير السودان، وزعران قوات الدعم السريع يُنشئون “أسواق دقلو” لبيع الحاجيات المنهوبة

حذرت الأمم المتحدة في بيان من جنيف اليوم الجمعة، بأن الحرب والجوع يهددان بـتدمير السودان بالكامل في ظل المعارك العنيفة الجارية منذ 15 نيسان بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، إن “الحرب في السودان تثير وضعا طارئا إنسانيا له أبعاد هائلة، وهذا النزاع الذي يتسع مع ما يخلفه من جوع وأمراض ونزوح سكاني، بات يهدد بالإطاحة بالبلاد بكاملها”، وفق ما نقلته شبكة (يورو نيوز) .

وقد اشتدت أعمال النهب بالسودان، واقيمت على جوانب الطرق ما يُعرف بأسواق “دقلو”  التي تعرض بأسعار زهيدة بضائع مجهولة المصدر نهبتها قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي/ دقلو

بضائع على الأرض

فقد وقفت بائعة في سوق جديد نشأ على جانبي الطريق الذي يربط بين الخرطوم ومدينة ود مدني جنوبا تعرض أجهزة تلفزيون جديدة أقل من سعرها بأربع مرات على الأقل.. ولكن لا تسأل عن مصدر البضاعة إذا رغبت بالشراء.
وعلى بعد 50 كيلومترا جنوبي العاصمة السودانية حيث تتواصل المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، نشأ هذا السوق الجديد الذي يحمل اسم “دقلو”، على اسم القائد العسكري.
ويقع سوق “دقلو” شمالي ولاية الجزيرة التي استقبلت معظم النازحين من الخرطوم التي فرّ منها ثلاثة ملايين شخص منذ بدء الحرب في 15 أبريل.
ويفرش الباعة بضائعهم على الأرض من أجهزة كهربائية ومواد بناء وقطع غيار سيارات إلى الأدوية والمواد الغذائية، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.
ونشر مدونون سودانيون صورا ومقاطع فيديو لعدد من “أسواق دقلو” المنتشرة في مناطق مختلفة من البلاد.
وقالت البائعة التي تعرض شاشات بأحجام مختلفة “الشاشة بخمسين ألف جنيه سوداني (80 دولارا)”، بينما يبلغ سعرها في متاجر البيع نحو 230 ألف جنيه سوداني (حوالي 383 دولارا).
وكان من الواضح عدم دراية البائعة بأبعاد الشاشات او مواصفاتها، إذ قالت باستنكار لأحد الزبائن حين سألها عن ذلك “ألا ترى بعينك؟”.
من جانبه، قال مصدر أمني فضل طلب عدم ذكر اسمه لوكالة فرانس برس إن “البضائع المعروضة في هذه الأسواق مسروقة.. لاحظ مدى انخفاض أسعارها”.
ونشر مدون صورا لما يبدو أنه سوق للأسلحة.
وفي هذا الصدد يقول سكان من العاصمة إن أسواقا تحمل الاسم نفسه نشأت في الخرطوم وضواحيها، حيث يشكو الجميع نهب ممتلكاتهم من محال أو منازل أو سيارات في ظل المعارك المستمرة.
وقال محمد حسن خليفة أحد سكان مدينة بحري وهي ضاحية شمال الخرطوم “لقد سُرقت جميع مقتنيات منزلي”.
كما أكد أحمد عبد العال وهو صاحب محل الأجهزة الكهربائية بوسط الخرطوم “تم نهب معرضي ومخزني بالكامل”.
وكان وكيل سيارات تويوتا بالسودان أعلن في بيان الأسبوع الماضي سرقة أكثر من ألف سيارة جديدة من مخازن الشركة ومعارضها، وكذلك قطع الغيار.
من جهتها أعلنت قوات الدعم السريع في يوليو بدء “حملة مكثّفة لمحاربة عمليات النهب والتخريب خاصة عمليات سرقة السيارات المدنية”.

تشتري أو تتحدث؟

في السوق، وقف بائع يعرض ثلاجات تحمل علامات تجارية مختلفة ولدى سؤاله عن سعرها، قال “الثلاجة سعرها 150 ألف جنيه سوداني (حوالي 250 دولارا)”. ويبلغ سعر هذه الثلاجة 450 ألف جنيه سوداني (880 دولارا) في المحال التجارية المرخصة.
وبسؤال أحد الزبائن لبائعة عن مصدر بضاعتها، ردت غاضبة “تريد أن تشتري أو تتحدث”.
وتتركز معارك السودان التي أسفرت حتى الآن عن نحو خمسة آلاف قتيل بحسب منظمة أكليد، في العاصمة وضواحيها، بالإضافة إلى إقليم دارفور حيث حذّرت الأمم المتحدة من أن ما يشهده قد يرقى إلى “جرائم ضد الإنسانية” والنزاع فيه يتّخذ أكثر فأكثر أبعاداً عرقية.
وأدّى النزاع الدائر الى نزوح أكثر أربعة ملايين شخص من القتال، سواء داخل السودان أو إلى بلدان مجاورة.
وكانت منظمات حقوقية وانسانية وثّقت بحسب شهادات لسكان سواء في العاصمة أو في إقليم دارفور، جرائم قالت إن عناصر الدعم السريع ارتكبوها مثل السرقة والنهب والعنف الجنسي.

نهب مخازن المنظمات الأممية

كذلك دانت المنظمات الأممية ما تعرضت له مقارها ومخازنها من “أعمال نهب”، وكان برنامج الأغذية العالمي أعلن في يونيو تعرض مخازنه وأصوله للنهب في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان.
ويقع سوق “دقلو” في بلدة المسيد في منطقة يسيطر عليها الجيش وتبعد نحو 10 كلم عن آخر نقطة تفتيش لقوات الدعم السريع، وعلى الرغم من ذلك يغض الجميع النظر عن البيع والشراء ومصادر البضائع.
وكان الطريق الذي يفترش السوق جانبيه يعد في السابق يعج بحركة المسافرين والحافلات لكنه اليوم يبدو خاويا وتنتشر عليه نقاط تفتيش بعضها للجيش وأخرى يديرها رجال أمن بلباس مدني مسلحون ببنادق آلية، الأمر الذي جعل سكان البلدات والقرى الهادئة علي جانبي الطريق يخشون من أن تمتد إليهم أعمال العنف والقتال.
وفي المسيد، وهي إحدى هذه البلدات، يقول عصام الذي طلب ذكر اسمه الأول فقط لفرانس برس “لدينا مخاوف ان تصلنا الحرب وخصوصا أننا نسمع أصوات الاشتباكات عندما تقع شمال بلدتنا”.

فراني برس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى