الخريطة القدرية !!
بقلم: غادة عايش خضر/ غزة

هي من تمنحك السعادة حين تشعر بالرضا ، تجعل النسيان درباً من دروب النفس عن ما مضى ، هي الأجمل وإن كانت الأعنف أيام الصبا ، هى الزهر في زمن القهرِ وشذا ، لا تعاتبها حين تغضب فهى طاقة أمان و بئر حنان من المنان لا ينضب ولا يغلبك الهوى …..
لا تشبه الخريطة الجغرافية، وهى ليست خريطة سياسية توزع عليها الحدود النهائية ، إنما لكل البشر هي الخريطة القدرية …..
هي تطهير الساحات ، وفتح من الله وآيات ، وأهلا وسهلا بالقادم وكل ما هو آت ، ستنثر أوراقك وذكرياتك وحكاياتك على كل المفترقات ، ومن فُتاتِها تصنع قناديل تضيء الطرقات ، حلم تحقق يمشي كالعسكر بكل حزمٍ وثبات ، لا ينظر خَلفه ولا يستذكر من كسره ، بل يشكر خالقه على ما تم من معجزات …..
الى كل مكتئب وحزين في هذه الدنيا الفانية ، ويرى العالم من زاوية واحدة ، انظر الى غيرك مرة والى نفسك الف مرة ، ستجد ما تملكه وغيرك لا يستطيع بكل ما أُوتى من مال وقوة ، لا يمكن في يوم أن يملكه والصحة خير مثال …. …….
لا تعد السنوات وتبكى عليها ذلك ليس من شأنك ، ولا من إختصاص غيرك ، بل هى وانت وغيرك من أملاك العزيز الجبار …….
الى كل من أوجعه الخذلان والخداع ، هو خير مغلف في باطنه و شر في ظاهره ، حتماً ستكتشف مع الأيام ما حدث هو الخير ….
الى كل من جرب مرارة الفقد بنوعيها النهائية ونقيضها ، تلك هى حكمة الله وتستمر الحياة وكأن شيئاً ما لم يكن …..
الى من حرمه الله نعمة البنين وكل يوم ينظر الى قائمة السنين المفقودة ، انظر هناك من أنعم الله عليه بالبنين وفي ذات الوقت عاقي لوالديهم ، فأنت وحياتك بكل ما بها وفيها وعليها أفضل منهم بالطبع…..
الى كل أمراة مطلقة أهانها المجتمع ، يكفى أنك اخترت الحرية وأسقطِ علم العبودية ، فالحياة مرة واحدة لا يكررها الزمن ، لا تغضبى فإن لم يكن سوء إختيار ، فهو ما كتبته لكي الأقدار ، والخيرة فيما اختاره الواحد القهار …. … …
الى كل من طعنه في ظهره أقرب الناس ، فأنت ليس أفضل من يوسف عليه السلام حين تآمر عليه اخوته ، تذكر دوماً أن يوسف من طفل ضعيف مغلوب على أمره أصبح عزيز مصر ، هكذا هى الأيام ضعيف الأمس هو قوى اليوم …….
الى كل من أثقلته الأيام هماً وألماً ، الحياة فانية ، وما نحن بها الا ممثلون بارعون كل منا له دور في هذه الرواية الطويلة ،فإجعل من دقائقها فرح ومن ساعاتها مرح ، لا تستوطن الحزن في ذاتك حتى يرحل ….. وليرحل دون عودة
تلك هى الخريطة القدرية التي نرضى بها ، وما أجملها حين تفتح أبواب العطاء ، وتُلقى بما لم تتوقعه يوماً وأكثر مما تتمناه حتى ولو كان حلماً.