جولة في أرشيف الوثائق.. هكذا جاءت القراءة البريطانية أدق من مثيلتها الأمريكية لمشهد ما قبل ثورة 23 يوليو

تحل اليوم الاحد 23 يوليو الذكرى الـ71 لقيام ثورة يوليو عام 1952، والتي قادها الضباط الأحرار، وباركها الشعب المصري، بعد ذلك لتجتمع الإرادة على الإطاحة بحكم أسرة محمد علي، والذي دام لنحو 150 عاماً.

وتعد ثورة يوليو من بين اللحظات الفارقة في التاريخ المصري المعاصر، حيث انطوت من بعدها حقبة “الحكم الملكي”، والتي وصفها بيان الثورة الأولى، صبيحة 23 يوليو، بأنها فترة عصيبة من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وأن الأمور أصبحت في يد خائن أو جاهل أو فاسد.

ومع تلك الذكرى، نطل في جولة تاريخية في أرشيف الوثائق، والتي ستكشف عنها الرؤية التي صاغها الأطراف الدولية حول ثورة يوليو في لحظات حرجة قبل اشتعال فتيلها بساعات، وذلك كما أوردها الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، في كتابه “سقوط نظام.. لماذا كانت ثورة يوليو لازمة؟”، والذي صدر عن “دار الشروق” في عام 2003.

 بريطانيا: تغيير قواعد اللعبة

يبدأ هيكل الحديث من نقطة فوز اللواء محمد نجيب بانتخابات نادي الضباط، وهو الحدث الذي أثار قلق القصر الملكي، مع تردد معلومات بوجود مجموعة غاضبة ومناهضة للقصر بين ضباط الجيش، لذا جاءت رغبة الملك في إبعاد نجيب واستبداله برجل مضمون ولائه للقصر بشكل تام.

وينقل هيكل نصب برقية هامة صدرت عن القائم بالأعمال البريطاني يوم 20 يوليو، والتي قال فيها: “إننا نسمع نقلا عن القصر الملكي أنهم هناك يستعدون لتوجيه ضربة إلى الضباط الذين يثيرون القلاقل”.

وتبعها في اليوم التالي ببرقية إنذار إلى وزارة الخارجية في لندن يقول فيها: “لدينا معلومات مؤكدة أن هناك مشاكل كبيرة داخل الجيش، وعلمنا أن الموقف قد يتدهور سريعا، ولذلك فإننا نوصي بإصدار تحذير وقائي إلى القوات البريطانية في منطقة قناة السويس برفع درجة استعدادها، مع إحاطة القائد العام للقوات البريطانية في مصر بخطورة الموقف”.

وأضاف، “أننا سمعنا أنباء متضاربة عن تحركات عسكرية لقوات كبيرة نحو الإسكندرية، ونسمع أن عددا من ضباط الجيش رفضوا إطاعة أوامر صدرت إليهم، ويبدو لنا أن الأحوال مهيأة لعصيان عسكري، وذلك يغير قواعد اللعبة”.

 أمريكا: لا داعي للقلق

ويكمل هيكل تقديم الصورة بموقف الولايات المتحدة الأمريكية، والتي باتت قوة فاعلة بشكل كبير بعد انتصارها لجانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية قبل سنوات قليلة من ثورة يوليو1952.

وفي نفس اليوم 21 يوليو يكتب السفير الأمريكي، جيفرسون كافري إلى واشنطن، وفي تقريره لهجة مختلفة تماما عن لهجة نظيره البريطاني، فهو يقول: “يبدو أن التوترات التي كانت مستحكمة داخل الجيش المصري خفت حدتها قليلا، وقد تلقينا أنباء عن صدور أمر ملكي إلى اللواء محمد نجيب رئيس مجلس إدارة نادي ضباط الجيش بأن يبتعد عن القاهرة فورا وأن يتوجه إلى جنوب الصعيد”.

ويشير هيكل، إلى أن تقرير السفير الأمريكي لم يكن دقيقا، وكان تقرير الوزير البريطاني المفوض أكثر دقة، وأقرب إلى حقائق موقف يتغير مع كل دقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى