بعدما نال دعم بوتين والاخوان والناخبين الأتراك المحافظين والقوميين.. أردوغان يسارع الى الإلتحاق بالمعسكر الغربي

ذكر موقع “راديو ليبرتي” (إذاعة أوروبا الحرة) أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتجه حاليا نحو التموضع الى جانب المعسكر الغربي، فمع بداية ولايته الرئاسية الجديدة تشير تحركاته إلى أن بدائله لمراعاة مصالح تركيا ووضعها الاقتصادي شديد الحساسية صارت أكثر ووضوحا من أي وقت، لكن ما يثير التساؤل هو نظرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتقارب أردوغان الحالي مع الغرب.
ويقول الموقع، في تقرير بهذا الخصوص، إن أردوغان هاجم الغرب وتدهورت علاقاته معه حتى الانتخابات، لكن ذلك التدهور خدمه في تلك الانتخابات، وجمع حوله أصوات الناخبين المحافظين والقوميين.
العلاقات مع بوتين
لكن بعد فوزه، يبدو أن أردوغان أعطى إشارات مختلفة لتحسين علاقاته المتوترة مع الغرب، لكن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول ما يعنيه ذلك لعلاقته الودية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعلاقات أنقرة الاقتصادية العميقة مع موسكو ونهج تركيا تجاه كييف والحرب في أوكرانيا.
وقبل أيام، وأثناء استضافته للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في أنقرة، قال أردوغان إن أوكرانيا تستحق عضوية الناتو، وهي خطوة تعتبرها موسكو خطا أحمر.
وقبل ذلك أفرجت أنقرة عن خمسة قادة عسكريين أوكرانيين قبل الموعد الذي وعد به بوتين، مما أثار احتجاج الكرملين.
ويقول التقرير إن هذه التحركات جلبت مكاسب لأردوغان، بما في ذلك لقاء ثنائي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووعود بالحصول على طائرات مقاتلة من طراز F-16 يحتاجها الجيش التركي بشدة.
كذلك حصل أردوغان على التزامات من السويد لإعادة تحريك عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي والتعاون ضد الإرهاب، والتنظيمات الكردية المعادية لأنقرة.
الغرب ليس بديلا لروسيا
لكن الخبراء يقولون إن هذا التقارب الواضح لا يعني أن أردوغان مستعد لتهديد علاقته مع بوتين، فقد سبق ان ألقى بوتين بشريان حياة مالي لأردوغان خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، بينما كان القادة الغربيون ينتظرون بهدوء خسارته.
ويرى الخبراء أن ميل أردوغان نحو الغرب مدفوع إلى حد كبير باعتبارات مالية براجماتية، مثل الحاجة إلى مزيد من الاستثمار الأجنبي لإنعاش الاقتصاد التركي.
كذلك يعتقد هؤلاء أن تمرد زعيم مجموعة “فاجنر” ضد الكرملين هزت صورة بوتين كزعيم قوي لروسيا، وهذا يمكن أن يلعب دورا أيضا في تغيير توجهات أردوغان.
وينقل التقرير عن الزميلة في معهد بروكينجز بواشنطن، أسلي أيدينتاسباس قولها إن أردوغان يحاول تحسين العلاقات مع الغرب” الآن بعد انتهاء الانتخابات، لكنه يريد أن يحدث هذا التقارب “بشروطه الخاصة”.
وتضيف إن أردوغان لم يُظهر أي نية حتى الآن لمعالجة المشاكل التي تسبب بها وأدت إلى تدهور علاقاته مع الغرب، ومنها قمع المعارضة وتفكيك المؤسسات التركية.
وقد أغضب أردوغان حلف شمال الأطلسي بشراء نظام “إس 400” من روسيا بنحو 2.5 مليار دولار في أعقاب محاولة انقلاب فاشلة ضد عام 2016 ألقى باللوم فيها على رجل دين مقيم في الولايات المتحدة، وبالاشتراك مع واشنطن.
بعد صفقة الشراء، وصلت علاقاته مع الولايات المتحدة لأدنى مستوى لها منذ عقود، وطردت واشنطن أنقرة من برنامج الطائرات المقاتلة الأكثر تطورا “F-35” في عام 2019 ورفضت بيعها له.
تداعيات غزو أوكرانيا
ومع ذلك فتح الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 الباب لأردوغان لجعل نفسه لاعبا لا غنى عنه لحلف شمال الأطلسي وواشنطن.
حاليا يعتبر أردوغان الزعيم الوحيد في حلف شمال الأطلسي الذي لديه اتصال مستمر مع بوتين ولديه أيضا علاقات جيدة مع زيلينسكي، مما يجعله وسيطا محتملا فعالا بين روسيا وأوكرانيا.
حافظ أردوغان على توازن دقيق منذ الغزو، حيث أدان الكرملين وساعد في الوقت ذاته أوكرانيا، بينما عزز التجارة مع روسيا وغض النظر على تهربها من العقوبات الغربية.
وقد ساعد أردوغان في التوسط في صفقة، انهارت هذا الأسبوع بعد عام من توقيعها، بين موسكو وكييف سمحت لأوكرانيا بتصدير الحبوب خلال الحرب مما خفف من تداعيات أزمة غذاء عالمية محتملة.
لقاءات بوتين وأردوغان
والتقى بوتين بأردوغان ربما أكثر من أي زعيم آخر خارج الاتحاد السوفيتي السابق، في علامة على علاقة العمل الجيدة بينهما وقدرتهما على تنظيم مصالحهما المتعارضة في أوكرانيا وأذربيجان وسوريا وليبيا.
من المرجح أن يقوم بوتين بزيارة لأنقرة الشهر المقبل، حيث يرى خبراء أنه في حال تمت، فمن المرجح أن يناقشا الحرب في أوكرانيا وإحياء صفقة الحبوب مجددا وتوسيع العلاقات الاقتصادية.
ويؤكد خبراء أنه مع حسم أردوغان لملف الانتخابات الرئاسية لصالحه وتراجع التوتر مع الغرب، سيكون الرئيس التركي في موقف أقوى عندما يلتقي بوتين هذه المرة.
ومع ذلك تكمن نقطة ضعف أردوغان في اعتماد تركيا الشديد على الطاقة الروسية وفي اقتصادها الضعيف.
ونتيجة لذلك رفض أردوغان الانضمام إلى الغرب في فرض عقوبات على روسيا بسبب غزوها غير المبرر لأوكرانيا.
ومع ذلك يشير خبراء إلى أن ميل أردوغان نحو الغرب وتحسين العلاقات مع جيرانه في الشرق الأوسط يظهر أن لديه الآن خيارات أخرى غير بوتين وروسيا لمساعدته في الخروج من متاعبه الاقتصادية.
فقبل زيارة بوتين المتوقعة، زار أردوغان دول الخليج وحصل على وعود باستثمارات ضخمة.