محمد صلاح .. رصاصة طائشة ام زيارة للقدس على عكس طريقة السادات؟؟

اهتزت كامب ديفيد من رصاصة .. وتعامل المصريون مع رصاصتهم كالفضيحة .. وارتدى الاعلام النفطي نظارات سوداء شمسية وكاتمات الصوت كيلا يسمع العرب شيئا مختلفا عن يسمعونه منذ عشرين عاما .. فالاذن العربية لاتسمع منذ عشرين عاما الا ايران والشيعة والبيت السني والبيت الشيعي والاستبداد والنظام النصيري وحزب الله واردوغان البطل الذي لم يطلق رصاصة على دجاجة اسرائيلية .. وقتل مليونا من المسلمين على طريق الخلافة ..
الاذن العربية سمعت رصاصة مصرية تعامل معها الاعلام العربي والمصري كما يتعامل مع فضيحة وحمل غير شرعي يريد الكل السكوت عنه واخفاءه .. حتى ان صفحته تمت السيطرة عليها وحذفت منها بوستات كيلا تقرأ .. فيما تعاملت معها اسرائيل على انها رصاصة مثل تفجير نووي قرب حدودها ..

محمد صلاح فاجأ الصمت العربي وكاتمات صوت عبد الناصر وجيل الثورة .. وبدا غريبا في هذا الزمان .. كأنه من مخلوقات ماقبل التاريخ .. ديناصور خرج من الاحقاب الجيولوجية التي غمرتها رسوبيات العصر التوراتي لكامب ديفيد .. وماكان يجدر بالاذن العربية ان تسمع رصاصاته .. ولا ان تراه عين اعتادت على رؤية اللهيب الطائفي والمذهبي والخنوع وحراس الطوائف وثعابين الفتاوى .. التي تلتف حول عيون وألسنة العرب ولغتهم ..
منذ رصاصات سليمان خاطر .. صمتت سيناء الى ان خرجت رصاصات محمد صلاح .. فهي ربما تنادي المصريين الذي غابوا عن الوعي .. وغابوا عن السياسة وغابوا عن الحلم وغابوا عن الطموح .. وتحول بلدهم الى بواب الشرق الاوسط بعد ان كان الشرق الاوسط هو العمارة التي يريد المصري ان يمتلكها في مشروعه القومي الذي أطلقه عبد الناصر .. ولكن ابن البواب (الرئيس السادات الذي كان أبوه يعمل بوابا) تولى أمر العمارة العربية واكتفى بدور البواب وسلم العمارة مفاتيحها .. وكان سعيدا جدا انه يلتقط الصور مع السيد البيه صاحب العمارة الجديد الذي كلفه بأن يكون بواب العمارة وأن يورث هذا العمل لأبنائه .. حسني ومحمد مرسي .. والرئيس السيسي .. فهؤلاء هم أولاد حارتنا التي كتب عنها نجيب محفوظ .. الذين لن يغيروا قوانين الحارة التي ورثوها ..

ما لفت نظري في رصاصات محمد صلاح انها تلقت هجوما عنيفا وتشكيكا في جدواها او سببها .. وجرت عملية تشتيت الفكرة .. ونهش جثته بين من يتهمه بالاخوانية لاظهار عمله انه ليس وطنيا بل دينيا والبعض اعتبره عملا لاأساس له الا الفردانية ومن غير دوافع وطنية وفيما أخرون رأوا فيه طيشا أخرق كان يتسبب في كارثة وجر مصر لمواجهة لاتريدها .. اي جرت عملية تجريد الرصاصات من أي قيمة وطنية .. وهذه الاصرار على التقليل من شأن العملية يذكرنا بالاعلاام الخليجي الذي سخر من بندقية منقاش العراقي الذي عطل حوامة أباتشي امريكية ببندقيته فسقطت منهكة وتعفر وجهها بالرمال العراقية بجانب منقاش .. وهذا مايثير الشك بأن هذه الرصاصات مهمة لدرجة انها هزت كامب ديفيد ..
الاخوان حاولوا بصمت ان يسرقوا العملية وينسبوها لأنفسهم للاستفادة من دمه لغسيل سمعتهم الكريهة وطمس رسالة محمد مرسي الى صديقه بيريز .. رغم ان محمد صلاح ليس من الاخوان ولا علاقة له بهم وغالبا هو شاب عادي له ميول دينية عادية ..
هناك في مصر من يعزف النشيد القديم لكامب ديفيد من ان هناك من يريد ان يجر مصر الى مواجهات وحروب ليست لها .. وان هناك من يريد توريط المصريين في صراعات الشرق الاوسط ..او ان هذا الشاب مضطرب نفسيا ولا يجب ان ينظر الى عمله الا على انه فردي او ناجم عن عدم وعي سياسي بل عمل طاش ومراهق .. وطبعا فلا شك ان أصحاب هذا التحذير من الجرجرة الى المواجهات هم الذين جلبوا على مصر هذا الهوان وهذا المصير .. فالنوم في المخابئ وتحت الارض وفي الاقبية رغم غارات الغرب على الشرق كله بحجة عدم الانخراط في المواجهات هو فلسفة كامب ديفيد وقاعدتها الذهبية التي يتم تغذية الاجيال المصرية عليها منذ عام 1977 .. وهي للحق سبب الكارثة التي تلحق بمصر التي تجنبت كل أزمات الشرق الاوسط وكل حروبه التي وقعت فيها ووصل الامر الى انها اليوم تجلس في شرق اوسط محطم ومفكك وهي محاصرة بالدول المفككة والطائشة سياسيا ..

فليبيا تفككت وستتفكك أكثر .. والسودان تفكك ويتفكك وسيتفكك أكثر .. والعراق متفكك عمليا وهو ثلاثة كيانات وسيتفكك أكثر .. ولبنان مفكك الى عشرين كيانا وسورية تصارع ضد مشروع تفكيكها بطريقة اسطورية .. والفلسطينيون مفككون بين فتح وحماس وفصائل لا تعد ولا تحصى .. واليمن مفكك .. فهل يصدق أحد ان مصر ستبقى بعيدة عن هذا التفكيك؟؟ وكل ما حولها يتفكك .. وهي التي كانت تمنع تفكيك هذه المنطقة .. ولكنها منذ ان نامت في فراش كامب ديفيد وقبو السلام البارد فان عليها للأسف ان تتذوق الطبخة التي طبخها الغرب للشرق .. وهي كما نقول آخر العنقود .. لأنه لا منجاة من وصول التفكك الى الدولة الأخطر التي يجب ان تتفكك كي تنعم اسرائيل بالامان ..
انا لا أعرف كثيرا عن هذا الشاب المصري الذي قرر القيام بزيارة خاصة مختلفة عن زيارة السادات للقدس .. ليس فيها ابتسامات ولا مصافحات .. ولا بهجة اسرائيلية .. بل فيها بضعة رصاصات .. ورسالة في بريد كامب ديفيد .. عل المصريين يستيقظون على صوت الرصاص ويكتشفون ان النوم في العسل طال .. وربما يخرجون من الكهف بعد رقاد اربعين سنة ويتجولون في الشرق الاوسط كما تجول أهل الكهف ..
رصاصات محمد صلاح هي نوع من أنواع الاحتجاج الشعبي ونداء الذاكرة العميقة في عمق اللاوعي والصراخ والنداء أن تتوقف هذه المهزلة .. وان تنتبه مصر لما يدور حولها وأن تعرف ان وظيفة بواب الشرق الاوسط وبواب عمليات السلام ليست وظيفة لائقة لمن كان صاحب الشرق الاوسط .. وكل حكام الشرق الاوسط كانوا بوابين عنده ..
هل يا ترى ستفيق الاعماق من النوم في الأعماق ؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى