في ذكرى رحيله.. لهذا السبب أحب أحمد رامي أم كلثوم ولم يتزوجها؟

شاعر الشباب أحمد رامي.. (1892 – 5 يونيو 1981)، شاعر رومانسي، شعره مليء بالأحاسيس والمشاعر الدافئة، قصائده شاهدة على موهبته وعبقريته الفنية، أكسبته الشراكة مع أم كلثوم خلودا لأغانيه، خاصة أنها غنت له أكثر من مائة أغنية عبرت كلها عن حبه وهيامه بها وعشقه لها لمدة تزيد عن نصف قرن، رحل في مثل هذا اليوم ،الخامس من يونيو 1981، أي منذ 42 عاما.
ولد شاعر الشباب أحمد رامي، كما كان يحب أن يوصف، بحي الناصرية بالقاهرة، عام 1892.. اسمه بالكامل أحمد محمد رامي، جده الأميرلاي حسن الكريتلي، وكان ضابطًا في الجيش العثماني، جاء إلى مصر في عهد الخديو إسماعيل، أما أبوه فهو محمد بك رامي، الذي اختاره الخديوي عباس الثاني ليعمل طبيبًا في جزيرة قولة، ومن هنا أمضى الابن أحمد رامي عامين في جزيرة قولة، وعندما بلغ التاسعة تركه والده مع عمته لتربيته، وذلك في منطقة الإمام الشافعى بالقاهرة وسط المقابر والأضرحة؛ مما ترك في نفسه الشعور بالكآبة والعزلة.
ترجمة رباعيات الخيام
عمل مدرسا فى مدرسة المنيرة الابتدائية بالقاهرة بعد حصوله على البكالوريا، فاقترب من حي السيدة زينب الذى أثر فيه دينيا وتراثيا، ترك المدرسة ليعمل في مكتبة مدرسة المعلمين، ثم انتقل إلى دار الكتب لينهل من كتبها، فتم اختياره للسفر في بعثة على نفقة الدولة إلى السوربون بباريس لدراسة اللغات الشرقية فأتقن اللغة الفارسية، وعاد وقد بدأ عملا وصف بالإعجاز فى ترجمة “رباعيات الخيام”، حتى إنه لقب بعمر الخيام.
سر لقب شاعر الشباب
يكشف شاعر الشباب أحمد رامى عن سر اللقب، فيقول: نشرت أشعاري في مستهل حياتي في مجلة اسمها “مجلة الشباب”، وكان صاحب المجلة يكرمني وينسبني إلى المجلة فيقرن اسمي بلقب “شاعر الشباب”، أي شاعر مجلة الشباب، فلما عدت من أوربا وقمت بترجمة رواية “النسر الصغير” لفرقة يوسف وهبي، كتبوا في الإعلانات أن الرواية من ترجمة “شاعر الشباب” فلُصق بي اللقب، ولعل السر في أن شِعري يتميز بالشباب وروح الشباب، هو أنني أزاول الحياة بكل نواحيها كأني شاب، كما أني أحب الجمال في الطبيعة والأغاني وفي كل شيء، وآخذ كل شيء في الحياة بالرضا، وأحب أن أعيش وأجالس الشباب وأحدثهم بلغتهم، وأعتقد أن الشباب هو شباب القلب، وكثير من الشبان ينظرون إلى الحياة بمنظار أسود، أما أنا فأنظر إلى الحياة نظرة شاعر من حيث وجوب الاستمتاع بها في كل مظاهرها إلى الحد المعقول لأنها لا تدوم، ولذلك فحبي لعمر الخيام ودراستي للغة الفارسية خصيصاً كي أترجم رباعياته ترجع إلى الخاصية الواضحة في شعره بالذات، خاصية الشباب المتجدد، والإقبال على الحياة، وحب الاستمتاع بها وبمباهجها.
الصب تفضحه عيونه
غنت له كوكب الشرق في بدايتها عام 1924 أغنية “الصب تفضحه عيونه”، وكانت ترتدى العقال والجلباب، دون أن تعرفه أو تعرف من هو صاحب الأغنية الذي كان يقيم في باريس، بعد أن أخذها ملحنها أبو العلا محمد ولحنها لها، وعندما عاد شاعر الشباب أحمد رامى إلى مصر بحث عن صاحبة الصوت التي غنت أشعاره دون إذنه، وبدأت سنوات حبه الطويل لها ليقدم لها أجمل أشعاره.
حب حتى النهاية
عندما سئل شاعر الشباب أحمد رامي؛ لماذا أحب أم كلثوم ولم يتزوجها؟! قال ـ وكما ذكر ابنه توحيد – لو تزوجتها لكنت أبطل كتابة الشعر، بالطبع سأجعلها تترك الغناء، وسيكون هذا أسوأ شيء أفعله للغناء.
بدأ كتابة الأغنية مقابل جنيه واحد، ومنها أغنية “إن كنت أسامح وأنسى الأسية” لأم كلثوم عام 1926، وكتب أغنية “انت الحب” مقابل 3000 جنيه، وكتب للمسرح مسرحية “غرام الشعراء”، وترجم مسرحيات سميراميس، وفي سبيل التاج، وشارلوت، ورباعيات الخيام وهى مكونة من 175 بيتا، وكانت من أولى الترجمات العربية عن الفارسية.
ارتبط اسمه بعشرات الأشعار الغنائية الشهيرة التي خرجت بصوت سيدة الغناء العربى أم كلثوم، والتى قيل انه لم يتقاضَ عنها مليما واحدا، وزادت عن مائة أغنية.
“يا مسهرني” آخر أغانيه
آخر أغنية غنتها له أم كلثوم كانت “يا مسهرني”، وكانت بمثابة همسة عتاب منه لها، لأنها لم تفكر في زيارته رغم مروره بحالة من الاكتئاب حبسته في منزله فترة طويلة، تقول كلمات الأغنية: “ما خطرتش على بالك يوم تسأل عني”، لكن عندما دعاه الرئيس السادات في عام 1975 لتأبينها قال:
ما جال في خاطري أنّي سأرثيها بعد الذي صغت من أشجى أغانيها
يـــا درة الفـــن، يـــا أبـهى لآلئه سبحــــــان ربي بديع الكونِ باريها
جائزة الدولة فى عيد العلم
عمل شاعر الشباب أحمد رامي مستشارا بالإذاعة عام 1954، بعد خروجه من المعاش فى دار الكتب، واختير عضوًا بلجنة النصوص واللجنة الدائمة لجمعية المؤلفين والملحنين في باريس وعضوًا بلجنتى الشعر والفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1965، وسلمها له الرئيس جمال عبد الناصر فى عيد العلم، كما حصل عليها مرة ثانية عام 1967 فى الآداب ووسام الفنون والعلوم، فيما منحه انور السادات الدكتوراه الفخرية فى الفنون.