أول المصائب.. الليرة التركية تهبط لمستوى قياسي جديد بعد فوز أردوغان، وتعدد التحذيرات من سياساته “غير المستدامة”

تراجعت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد في تعاملات الثلاثاء، بعد يومين من إعلان فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية ثالثة.

هبطت الليرة التركية لمستوى قياسي جديد عند 20.2 مقابل الدولار اليوم الثلاثاء (30 أيار/ مايو 2023)، لتواصل بذلك الخسائر التي تتكبدها منذ فوز الرئيس رجب طيب أردوغان في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد.

فقد تراجعت الليرة 0.5 بالمئة عن مستوى الإغلاق الذي سجلته، أمس الاثنين، عند 20.0990 ليرة للدولار والذي كان أسوأ أداء يومي لها في ثمانية أشهر.

ويتوقع محللون اقتصاديون استمرار تراجع الليرة لتفقد حوالي 29% من قيمتها وتسجل 28 ليرة لكل دولار بنهاية العام الحالي إذا لم يتراجع أردوغان عن سياسته الاقتصادية. ويتوقع المحللون في بنك ويلز فارجو الأمريكي تراجع الليرة إلى 23 ليرة لكل دولار بنهاية الربع الثاني من العام الحالي.

من ناحيته ، قال حسنين مالك، المحلل الاقتصادي في شركة تليمير في دبي إن “فوز أردوغان لا يعتبر أمراً مريحاً بالنسبة للمستثمرين الأجانب… فمع معدل التضخم المرتفع للغاية، وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية وعدم وجود أي احتياطي صافي للنقد الأجنبي، يمكن أن تواجه تركيا أزمة مؤلمة تؤثر على كل الأصول”.

في الوقت نفسه، فإن السياسات الاقتصادية والمالية للرئيس أردوغان أدت إلى خروج استثمارات أجنبية كبيرة من سوق الأصول المالية التركية حيث تراجعت استثمارات الأجانب في الأسهم والسندات التركية بنسبة 85% تقريباً أي حوالي 130 مليار دولار منذ 2013.

وأرغم الرئيس التركي البنك المركزي على ضخ مليارات الدولارات لتعويم الليرة التركية قبل الانتخابات، وسيكون عليه أيضاً تمويل رفع رواتب موظفي القطاع العام ومعاشات التقاعد والذي وعد به خلال الحملة.

وخسرت الليرة 7.3 بالمئة منذ بداية العام، وفقدت أكثر من 90 بالمئة من قيمتها على مدار العقد الماضي إثر مرور الاقتصاد بدورات من الازدهار والكساد ونوبات من التضخم المستفحل.

 تحذيرات من سياسات إردوغان “غير المستدامة”

وبحسب صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، يجادل العديد من الاقتصاديين بأن سياسات الرئيس التركي المتمثلة في خفض أسعار الفائدة، والتدابير الطارئة لدعم العملة، لا يمكن أن تستمر مع انخفاض احتياطيات العملة التركية بسرعة.

وأوضح الخبير الاقتصادي، ليام بيتش، من وكالة كابيتال إيكونوميكس في لندن أنه “لا يمكن لتركيا أن تستمر في معدلات فائدة منخفضة للغاية وسياسة مالية فضفاضة للغاية وتحرق جميع أنواع احتياطيات العملات الأجنبية لفترة أطول بكثير”.

وانخفضت احتياطيات تركيا بنحو 27 مليار دولار هذا العام، حيث حاولت الدولة دعم الليرة وتمويل عجز الحساب الجاري عند مستويات قياسية قريبة.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن الاحتياطيات، بما في ذلك العملات الأجنبية والذهب، أعلى بقليل من 101 مليار دولار.

ومع ذلك، فإن صافي الاحتياطيات، وهو رقم يستبعد الالتزامات، هو في الواقع صفر، وهو سلبي للغاية عند استبعاد عشرات المليارات من الدولارات من الأموال المقترضة من النظام المصرفي المحلي، وفقًا لبيان مصرف “بي جي مورغان” الأميركي.

وفي هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي في بنك غولدمان ساكس في لندن، كليمنس غراف، أن الاحتياطيات الآن “قريبة من المستويات عندما زادت تقلبات الليرة بشكل حاد في السابق”.

قلق المستثمرين

فور تحقيق فوزه في جولة الإعادة التي جرت يوم الأحد بنسبة 52 في المائة، أصر إردوغان على أنه سيحافظ على سياسة أسعار الفائدة المنخفضة، وذلك على الرغم من تجاوز التضخم نسبة 40 في المئة.

وقال الرئيس التركي في تصريحات سابقة: “جرى تخفيض سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي إلى 8.5 في المئة، وسترون أن التضخم سينخفض أيضًا”.

وأضاف أن “القضاء على مشاكل ارتفاع الأسعار الناجم عن التضخم وفقدان الرفاهية هما أكثر موضوعات الأيام المقبلة إلحاحا”، لكنه لم يذكر أي تفاصيل بشأن خطته حتى الآن.

كما يشعر المستثمرون بالقلق بشأن ما يعادل 121 مليار دولار وضعها الأتراك في حسابات توفير خاصة تدفع على نفقة الحكومة إذا انخفضت قيمة الليرة.

وأدى الإجراء إلى إبطاء معدل شراء الأتراك للعملات الأجنبية، لكن وزير المالية التركي، نور الدين النبطي، قال إن الحسابات كلفت البلاد حوالي 95.3 مليار ليرة تركية (4.7 مليار دولار) منذ طرحها في العام 2021.

وبحسب خبراء، فقد يزداد الضرر على المالية العامة بسرعة إذا انخفضت الليرة بشكل أسرع في الأسابيع المقبلة، ورغم ذلك يرى محللون اقتصاديون أن إردوغان قد يكون قادرًا على الاعتماد على تمويل جديد من بعض الحلفاء في الشرق الأوسط وروسيا.

وقال إردوغان، الأسبوع الماضي، إن دول الخليج، التي لم يذكر اسمها، ساهمت بأموال للمساعدة في استقرار الأسواق التركية، لكنه لم يخض في التفاصيل.

وقال وولف بيكولي من شركة تينو Teneo الاستشارية إن إردوغان سيحصل على الأرجح على دعم قصير الأجل من عائدات السياحة الصيفية التي تميل إلى تخفيف الضغوط على الموارد المالية للبلاد.

وقفز مؤشر سهم بيست 100 التركي، الذي عززه السكان المحليون الذين يبحثون عن ملاذ من ارتفاع التضخم، بأكثر من 4 في المئة يوم الاثنين، وقد جرى رفعه بشكل عام بسبب ارتفاع التضخم، حيث يبحث المستثمرون المحليون عن فرص لتحقيق عوائد يمكن أن تنافس النمو السريع في أسعار المستهلكين.

ويقول بعض المحللين إن إردوغان قد يعين فريقًا اقتصاديًا جديدًا، ويعيد أسماء شخصيات معروفة جيدًا للمستثمرين الأجانب.

وفي هذا المنحى قال إيلكر دوماك، من بنك “سيتي جروب”: “بعد الانتخابات، ستتجه كل الأنظار إلى تركيبة الفريق الاقتصادي ومصداقية الاستجابة السياسية الأولية”.

لكن دوماك حذر أيضًا من أنه سيكون “تحديًا متزايدًا” للبنك المركزي التركي للإبقاء على أسعار الفائدة أقل بكثير من التضخم، “لا سيما خلال الربع الأخير من العام وما بعده”.

وفي المقابل، أشار اقتصاديون آخرون إلى درجة أكبر من القلق، إذ كتبت أتيلا يسيلادا من شركة “GlobalSource Partners” الاستشارية في إسطنبول: “كونوا مستعدين للأسوأ، والذي قد يستلزم ضوابط رسمية على رأس المال أو هروبًا خطيرًا من الودائع من النظام المصرفي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى