النيوليبرالية.. كيف نعيش على نبؤاتٍ زائفة
بقلم: أحمد منتصر

نعيش منذ الثمانينيات على وعد السياسيين، والإقتصاديين الليبراليين، ورُسُل نظرية “تساقط الثمار” التي جوهرها أن التركيز فى الاقتصاد على رجال الأعمال والطبقة العليا التي تقوم بالاستثمار سيعود بالفائدة على باقى طبقات المجتمع من خلال تساقط ثمار المكاسب الإقتصادية من الطبقة العليا إلى باقى الطبقات، والتي تتدفق في شكل فرص اقتصادية جديدة ومستويات معيشة أفضل ومسارات مضمونة للارتقاء الطبقي وبالنهاية يتبلور مجتمع تعايش إنساني متطور وتتحسن الظروف الاجتماعية.
كل هذا سيتحقق بمجرد تحرير الأسواق وتفكيك شبكات ومؤسسات الدعم والرعاية الاجتماعية وتقديم التسهيلات والعون للرأسماليين وشركاتهم وأعمالهم ومغامراتهم التي تعزز الأسواق بملايين الدولارات.
السلع الزائفة
يرصد كارل بولاني هذا الإنقلاب العام في مجرى الأحداث في كتابه التحول الكبير، حيث يرى أن الأسواق قبل زماننا كانت لا تعتبر إلا مساعدة ثانوية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وبشكل عام، فإن النظام الاقتصادي كان مدمجًا بالنظام الاجتماعي، حتى جرى ما جرى وابتلع الاقتصادي كل شيء، وأنتج لنا بحسب بولاني ثلاثية السلع الزائفة: العمل والأرض والمال، والإستهلاك كغاية ومنطق ترتهن به أدق التفاصيل المعيشية والحياتية. كان لينين على حق حين عرّف الرأسمالية بأنها الرعب بلا نهاية. رعب مقنع يجعلك تصدّق دعاياه، بأن هناك دومًا استهلاك سعيد لا يشعر بالذنب، وهناك دومًا ثمن لكل شيء. وما بين الاستهلاك والثمن، يوجد الفرد وحياته، ويوجد أيضًا ما هو لا يُقدر بثمن.
السوق، مصطلح وبالرغم من كونه مألوف على آذان وأذهان الجميع، إلا أنه لا يستوعب الجديد فقط من المنتجات والبضائع، إنه عالمنا الجديد، حيزنا الذي لا نستطيع مغادرته، كل شيء يباع ويشترى. فلم يعُد مهمًا ماذا تبيع؟! بل كيف تبيع ؟! ففي أغلب مقابلات العمل يُطلَب من كل متقدِم للوظيفة بأن يبيع أي شيء أمامه، قلم أو نظارة أو حقيبة أو أيًا كان. لقد أصبح طقسًا وركنًا ثابتًا في أغلب المقابلات، خصوصًا بعد المشهد الشهير من فيلم “ذئب وول ستريت” والذي يجتمع فيه البطل دي كابريو بمجموعة من الحمقى الفاشلين ويخبرهم بأنه لن تكون لهم قيمة ولن ينجحوا إلا إذا تعلموا كيف يبيعوا أي شيء.
من هنا أصبحت هناك كيفية يتم بها خلق المستهلكين، علوم ومؤسسات بحثية وشبكات عالمية تهتم بالتسويق والدعاية التي تعمل على خلق احتياج عند الشخص المستهدف ” create the need “. وهذه الكيفية تنطبق على تسويق الأدوية والأغذية والسيارات والموبايلات والملابس…إلخ من سلع لا حصر لها.
جميعنا نعلم القانون المقدس للسوق الرأسمالي، حيث احتكامه لقانون العرض والطلب، ولكن ما يحدث من آليات خلق الحاجة يعكس جانب كبير من التشوّه الذي يحكم عملية الإنتاج، والتي تعتمد على شكل متضخم من العرض المتزايد لمنتجات وسلع لا علاقة لها بمفهوم الطلب الضروري، أو الإنتاج الضروري. فالإنتاج المادي للسلع أصبح يسبقه إنتاج للحاجات والميول، وتحريك مستمر للرغبات والخيال، وسياسات للدعايا والتسويق والإلحاح والإقناع والإستحواذ المتنامي على بصيرة ووعي الأفراد، باعتبارهم ليسوا مجرد “مستهلكين متوقعين” ، بل اعتبار وجود الفرد هو وجود استهلاكي بالأساس، وأنه دائمًا في حاجة مستمرة لاكتشاف حاجاته الغير متحققة.
فربما لا تحتاجين لمستحضر تجميلي ما، ولكن حين يوجد أمام عينيكِ إعلان تجاري لنجمة سينمائية فائقة الجمال، فهذا من الممكن أن يحرك داخلكِ رغبة وميل تجاه أن تصبح بشرتك مثلها، أو لمعان وأناقة شعرك مثل شعرها.
فالإعلانات تحاصرنا في التليفزيون وعلى مواقع التواصل الإجتماعي وعلى جانبي الطريق وعلى تيشيرتات فريقك المفضل، ولو جلست مع أحدهم بعيداً عن الإعلانات ودعايا الاستهلاك، فمن الممكن أن يخبرك عن شيء ما يريد شراءه، دومًا هناك استهلاك ما نبحث عنه، نتسوق ونشتري، ثم نجد أنه ينقصنا شيء، لا نعلم هذا الشيء في وقته، ولكن نعلم أننا نفتقد شيء ما، وهذا ما نقع فيه جميعاً، فجوة الطموح. المصطلح الذي صاغته الاقتصادية الأمريكية جوليت شور، الفجوة التي لا تتناسب عندها تطلعاتنا ورغباتنا واستهلاكنا مع دخلنا وراتبنا الشهري. حيث النزعة الاستهلاكية الجديدة، يتطلع الفرد إلى الاستهلاك الذي حققه الآخرون. فالاستهلاك في حد ذاته يصبح قيمة، تتحول على أثرها حياة الفرد لمسيرة ركض متواصلة تجاه تحقيق هذه القيمة.
لقد جرى استيعاب كم هائل من خريجي الكليات بمختلف التخصصات للتخديم على متطلبات الاستهلاك. والآن أصبحنا نتعلم كيف نبيع أي شيء، لأن هناك الكثير ممن ينتظرون إغراقهم في سيل من المنتجات والسلع. لا مجال للحديث عن عمل منتِج أو البحث عن قيمة حقيقية ننتجها أو نحتاجها، أو بمعنى أكثر دقة، لقد ضاع مفهوم “القيمة” بالأساس وأصبح البحث عنه درب من الجنون، أو مضيعة للوقت وانشغال بتوافه الأمور. إذًا ما المهم؟! حسناً المهم أن نبيع أي شيء ونجني أموالًا ونفكر خارج الصندوق- مثلما يرددوا دومًا-
لقد لاقت مثل هذه الأفكار ترحيبًا ورواجًا، لا على سبيل الأفراد فقط، بل أصبحت فلسفة ومنطق تحتكم له حكومات ومؤسسات، وأصبح لها تشريعات وقوانين وأطر تنظيرية. فما الفائدة من الحفاظ على صناعة محلية ما، وحمايتها وامدادها برأسمالها البشري والمادي؟! كل هذا أصبح عبء لا قيمة له، والأجدى أن نبيع الشركات والأراضي ونجني أموالاً. ما فائدة أن نزرع ما نحتاجه ونستفيد من المراكز البحثية والعلمية للوصول لبدائل زراعية واستحداث تقنيات جديدة تمكننا من إنتاج غذائنا؟! كل هذا مضيعة للوقت والجهد والأموال، الأسهل أن نستورد كل شيء، لإننا انشغلنا ببيع كل شيء.
قيمة العمل المهدور
غياب التساؤل عن قيمة ما نفعله وضرورة إنتاج ما نحتاجه ألقى بنا في وضعية يُرثى لها، وما علينا إلا أن نثق في أقوال الخبراء والمديرين، الذين يعتمدون على حِس العشَم التاريخي في الرأسمالية بكونها تجسّد حالة التقدم اللانهائي للبشرية، ولكن هذه نصف الحقيقة فقط، أما النصف الثاني يخبرنا عن مجتمعات سابقة على الرأسمالية، توافرت فيها على مدار قرون سمات التقدم والرفاهية، وانتهى بها المطاف بالهلاك، بطبقاتها المتصارعة. والدرس التاريخي الأشهر: الإمبراطورية الرومانية. فما افتقده المجتمع الروماني أنه لم تكن هناك جهود مبذولة لإدخال نمط إنتاج جديد أرقى من خلال إعطاء حافز إنتاجي.
في المجتمع الروماني كان عمل العبيد هو الأساس الذي بُنى عليه المجتمع. وبالتالي بجانب كبار الملاك وحاشيتهم تواجدت فئات وقطاعات لم يكن لديها أي حافز أو قيمة اجتماعية لتقديم شيء ذات مردود لها أو لمجتمعها، فكان كل ما يشغلها هو نصيبها في مُتع الأغنياء ليس أكثر، توزيع مختلف للملذات من خلال حياة تُعاش على استهلاك الأغنياء وعلى أنقاض العبيد. وبالنهاية عمل هذا المجتمع على توسيع قاعدة وزيادة الأفراد الغير منتجين في المجتمع، مما دفع المنتجين لخفض إنتاجهم، لإنهم وجدوا العديد من المتطفلين الذين لا ينتجون بينما يعيشون عالة على الإنتاج الضروري. وبدلاً من السير نحو توسيع الإنتاج، وبالتالي إشراك أكبر قدر من الأفراد وإسهامهم في تأمين وجودهم الحالي وحياة أجيالهم المستقبلية، جرى تقهقر وتراجع عن قاعدة الحد الأدنى للإنتاج، ما أصاب السلطة والمجتمع في مقتل، وانهارت الإمبراطورية وسقط المجتمع في أيدي الغزاة الجرمان.
والآن نظرة على مجتمعاتنا، ربما لا توجد إمبراطورية ولا عبودية بالمعنى الذي عرفه المجتمع الروماني، ولكن توجد إمبراطوريات مالية متعددة الجنسيات تحتكر قطاعات إنتاجية على مستوى العالم، وتفوق ميزانيتها أحياناً كثيرة ميزانيات دول مجتمعة. وتوجد أيضا عبودية جديدة تحت بند عولمة الإنتاج وحرية التجارة، سمحت لتلك الإمبراطوريات وحيتان السوق الحر بإستغلال شعوب كاملة لرخص طبقتها العاملة. تم تسمية هذه الحجة من قبل بالعبودية، والآن يسمونها حق الإستثمار وحرية العمل وخلق أسواق ناشئة للإستهلاك. لقد أصبح العالم قرية صغيرة بالفعل، وزادت أصوات التبشير بحياة أكثر رفاهية وتطور إيجابي لصالح الفرد والمجتمع، ولكن تقرير أوكسفام السنوي للفقر، وعلى عكس توقعات جهابذة الليبرالية الجديدة، يتحدث عن أربعة إخفاقات اقتصادية-اجتماعية كبرى طالت المجتمعات عمومًا: هشاشة النظم الاجتماعية/ التفاقم التاريخي لظاهرة الفقر والتزايد المطرد في عدد الفقراء/ الفشل التاريخي لكل ما بشرت به الليبرالية الجديدة ومؤسساتها المالية من رفاه إجتماعي ووعود سخية بالثروة/ عدم قدرة المنظومة الدولية على تأمين الحد الأدنى من التعاون الضروري من أجل معالجة الآثار الجانبية الفادحة لخيار اقتصادى ساد لنصف قرن.
قد يعجبك أيضًا
العقيدة الاقتصادية الاغترابية
نعود لنتساءل ثانيةً، ونفتش عن مفهوم القيمة التائه، أو باللغة التي أصبح يألفها الجميع، ما الثمن؟! الثمن بكونه المخزن والمستودع الوحيد للقيمة.
يحكي المفكر اليوناني يانيس فاروفاكيس واحدة من القصص، والتي تُبرز مفارقة عن مفهوم القيمة، حيث المناوشة بين المحاربين اليونانيين آياس وأوليس على من سيحصل على أسلحة العظيم أخيل بعد مقتله. وكانت تحفاً فنية رائعة صنعها الإله هيفيستوس بيديه بناء على طلب والدة أخيل. السؤال الآن كيف يمكن حل هذا النزاع على تحف فنية نفيسة؟! يجيب يانيس الإجابة التي تبدو بديهية بالنسبة لعصرنا وما يحمله وعينا، بأن سنقيم على الأرجح مزاداً علنياً، يخرج بعده من يدفع المبلغ الأكبر متهادياً بأسلحة أخيل. ولكن ما حدث في نهاية المطاف أن تغلبت الحجج التي عرضها أوليس المهندس العبقري الذي بنى حصان طروادة، على حجج المحارب الشجاع آياس الذي قتل نفسه بصورة مأساوية بعد سماع قرار أقرانه.
إذاً، لماذا لم يفكر اليونانيون القدامى في عرض الأسلحة بمزادٍ علني؟! لإن إقامة مزاد علني كانت لتكون عديمة الجدوى ومُهينة طالما أن آياس وأوليس لم يهتما بالقيمة التبادلية للأسلحة. ما كان مهمًا لهما نوعٌ مختلف تمامًا من القيمة: شرف أن يعتقد أقرانهما أنهما جديران بأسلحة أخيل. يحدد يانيس سبب هذا الإختلاف بين عالمهم وعالمنا في الفارق بين مجتمع توافرت فيه أسواق ومجتمع السوق في أيامنا، والذي أصبح يطابق المجتمع وأفراده بالسوق، وبالتالي تفسير جميع العلاقات والسلوكيات الحياتية وفق مصطلحات سوقية بحساب الأرباح والخسائر المادية وفق ما يخدم ويتوافق مع السوق، وهذا ما أطلق عليه كارل بولاني العقيدة الاقتصادية، والتي أوجدت مديرين ومخططين جدد لشكل الحياة الجديدة ومتطلباتها، قادرين على إعادة تشكيل الفرد ودوافعه من خلال سياسات تقييم الأداء المهني ” professional performance appraisal “. يستند الجوهر الفعلي لهذه السياسات لفلسفة السلوك البشري، عن طريق ترويض الناجحين وإبعاد الفاشلين. والنجاح أو الفشل ما هما إلا مفهومان مجردان ليس لهما علاقة بالظروف الموضوعية للأفراد أو الخلفية الثقافية والبيئة الاجتماعية. من أركان هذه العقيدة الجديدة إعادة تعريف الأفراد/العاملين بإعتبارهم إما استثمارًا أو عبء تكلفة، وبالتالي تمت إعادة تعريف النجاح بكونه التكيّف مع شروط الاستغلال الجديدة، والتي أوصلتنا لعالم يضع لكل شيء ثمن.
خاتمة.. أنسنة العالم
تكمن خطورة هذه التصورات التسليعية في قدرتها على إفقاد الفرد للإدراكات الحسية والتضامنية تجاه الآخر، وتركنا غارقين في وضع بائس ومخزٍ، محصورين في أدوار إجتماعية محددة بالخطوط العريضة التي أرساها مديرو المجتمع ، لنصل إحالة أطلقت عليها حنة أرندت “worldlessness” ، لتوصيف حالة فقدان الصلة بالعالم، وتلك الحالة مبالغ فيها بشكل كبير، فالموضوع لا يقتصر على تفكيك الشعوب، ولا الطبقات، ولا أصحاب الدين الواحد، أو العرق والجنس الواحد، بل تفكيك الفرد بذاته وعزله وإفقاده الثقة بنفسه وبالغير وبالتالي إلغاء كافة المشاعر الإنسانية وتعطيل حس التضامن، لجعل كل شيء حوله تشوبه الغرابة، وبالتالي قبل أن نفكر وندعوا البشر للتفكير وطرق إعمال التفكير نفسه، نحتاج أن نؤنسن ما يدور بعالمنا، من أفكار ومصطلحات ومواقف وسياسات ورؤى، أي نجعل ما يدور حولنا يرتبط بنا، لنرى تأثيرنا فيه وتأثيره فينا، لنفهم ما يعمل من أجلنا وما يعمل ضدنا، لنؤمن بما في صالحنا وإمكاننا ونترك ما يستخدم لكبحنا وإخضاعنا. وهذا هو مغزى البحث عن قيمة تجعل لحياتنا معنى.
تبدأ إعادة الإعتبار لأنفسنا، ومحاولة انتشال ما تبقى من قيمنا وكرامتنا الإنسانية حين نميز بين حافزين: الحافز المادي والحافز المعيشي. فالحافز الأول أصبح هو الحاكم لبقاء ووجود الفرد، بمعنى أن أصبح تعليمك وتغذيتك وصحتك وسلامتها، بالإضافة لزواجك وتربية وتنشئة أطفالك…إلخ من ضرورات حياتية أصبحت جميعها مرتبطة بالحافز المادي، حتى الممارسات الفردية والهوايات الشخصية أو ممارسة الرياضة أو الشغف بالفن… كل هذا وأكثر أصبح يلزمه حافز مادي. لكن بوجود الحافز المعيشي الذي يمكن الفرد من احتياجاته الأساسية: غذاء وعلاج وسكن، هذا يسقط العبء المادي على الأقل بالنسبة لما هو أساسي، هنا يصبح لعملك ذاته قيمة. حينها ستعمل ما ترى فيه إبداعك، لا ما ترى فيها اضطرارك. ستعمل لإنك تنتظر قيمة وتريد معنى، بدلًا من انتظار راتب غير كافٍ على الأقل لتشعر أنك أخذت ما تستحق.
بالنهاية فنصيحة أرندت بأنسنة ما يدور بعالمنا ربما تساعدنا على إزالة الإلتباس والغموض الذي أحاط بنا ونحن نبحث عن قيمة في وظائفنا، في حياتنا الخاصة، مع أسرتنا و أصدقائنا وفي أوقات فراغنا، لكن إزالة الإهانة من على كاهلنا شيء آخر. لو أن ملكية أسلحة أخيل قُررت وفقاً لمن قدم أعلى عرض بأكبر ثمن، لكان حمل الأسلحة بالنسبة لآياس وأوليس إهانة بالغة لكليهما. فما بالك في عالم اليوم وأنا وأنت نبيع أنفسنا برضا تام، ونرهن أعمارنا وصحتنا، في سباقٍ محموم ومعارك ضارية، ربما تستمر طوال العمر، لماذا؟! لكي نحاول أن نعيش. ولكن إذا أردنا جدياً التفكير في محاولة للعيش فما علينا إلا أن نعيد التفكير في نمط حياتنا وجدوى ما نفعله وما نريده، وأننا كبشر أكبر من أن نكون مجرد رقم في إحصائيات عديدة في سوق الاستهلاك اليومي، وأن ما زال هناك أشياء عديدة لا تُقدر بثمن وربما تكون هذه قيمتها الوحيدة.