حزب البعث العربي الإشتراكي الأردني يرد على تخرصات وتحرشات حزب الدعوة الشيعي العراقي وقائده نوري المالكي

عبر حزب الدعوة الإسلامية العراقي، بقيادة نوري المالكي، عن احتجاجه لما قال إنه إعادة إحياء لحزب البعث في الأردن، رغم أن الأخير موجود منذ عشرات السنين، ويحظى بترخيص رسمي.

ونشر حزب الدعوة بيانه، الأربعاء الماضي، محتجا بشدة على إجازة عمل “حزب البعث الصدامي” في الأردن، وعد ذلك “عملا عدائيا واستفزازيا”، الأمر الذي استدعى ردا من حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني.

وجاء في البيان: “فوجئ العراقيون وانتابتهم الصدمة والغضب العارم من خبر إجازة الحكومة الأردنية لحزب (البعث الصدامي) ممارسة النشاط السياسي، وكان يكفي دليلا على منع هذا الحزب الفاشي من العمل تاريخه الأسود وما ترتب على وجوده في السلطة من مآسي لشعوب المنطقة بسبب إذكائه للصراعات الداخلية والحروب العدوانية، ومنها غزو الكويت، وفتح أبواب العراق للاحتلال الأجنبي”.

وأضاف: “ومع الحرص على العلاقة الأخوية المشتركة مع الدولة الجارة والشقيقة الأردن، غير أننا نجد أن هذا الفعل لا ينسجم مع مبادئ حسن الجوار، ولا يحترم مشاعر الغالبية العظمى للشعب العراقي، بل إنه ينطوي على نوايا غير سليمة إزاء العراق واستقراره، مما سيؤثر سلبا على الموقف الشعبي والسياسي الذي سيضغط باتجاه مراجعة العلاقة الحالية مع الجانب الأردني”.

وجاء الرد من حزب البعث، عبر بيان كتبه عوض ضيف الله، نشر على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك” أن “حزب البعث العربي الإشتراكي الأردني، هو حزب أردني، مرخص رسميا من قبل الدولة الأردنية، وفق الدستور والقانون، منذ أكثر من ثلاثة عقود، وإنه ملتزم بأدائه، وتفاعلاته، ونشاطاته، وتوجهاته، وأهدافه، وسياساته، ونهجه بنصوص مواد قانون الأحزاب الأردني”.

وأضاف: أن “ما حصل مؤخرا يندرج ضمن تصويب أوضاع الحزب ليتماشى مع التعديلات الأخيرة على قانون الأحزاب الأردني (…) وليطمئن الأشقاء في العراق بأن هذا الحزب الأردني، الذي يحمل اسم الأردن يعتبر واحدا من 26 حزبا قامت بتصويب أوضاعها خلال نفس الفترة، وفق متطلبات قانون الأحزاب الأردني ليتوافق مع التعديلات التي طرأت على قانون الأحزاب”.

ووسط هذه البيانات المتبادلة، تطرح تساؤلات عن أسباب الجدل الحاصل، وانعكاس ذلك على العلاقات بين البلدين الجارين، في وقت تشهد فيه العلاقات الرسمية تحسنا وينخرط الجانبان بمشاريع تنموية واستثمارية مشتركة.

استشعار مبالغ به
ويرى المحلل السياسي، إبراهيم الصميدعي، أن مثل هذه البيانات تعبر عن “استشعار مبالغ به” ويبقى تأثيرها محدودا خاصة على العلاقات بين البلدين.

وقال في حديث صحفي إن “حزب البعث مرخص وموجود في عدة دول عربية (…) وباستثناء تجربتي العراق وسوريا، حزب البعث حزب هامشي جدا، ولا يمكن أن يأخذ الإطار القومي العام الذي يهدد منظومة الدولة العراقية المعادية لهذا الحزب”.

وأضاف الصميدعي “أعتقد أن هناك نوع من الاستشعار (الحساسية) المبالغ به لدى بعض الأطراف السياسية العراقية”، في إشارة لبيان حزب الدعوة، و أن “حزب البعث في الأردن هو جزء من الحياة السياسية وجزء من الواقع”.

ووفقا لمديرية سجل الأحزاب، التابعة للهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن، فإن حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني، حزب مرخص ومدرج في القائمة وفق أحكام قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022.

وأوضح الصميدعي أن “حزب البعث في الأردن رخص، ثم منع، أكثر من مرة، وأعتقد أن وجوده داخل الأردن يأتي في إطار تنظيم الحياة السياسية (…) ولا يمكن أن يكون نواة لإحياء حزب البعث بالنسخة القومية (..) ولن يكون بادرة لإحياء البعث العراقي”.

وأشار بيان الدعوة إلى أن “هذا الحزب (البعث) بماضيه الدموي لن يخدم مصالح الأردنيين بل سيؤثر سلبا على علاقتهم بعدد من الدول العربية والإسلامية التي تضررت بسبب سياساته العدوانية الهوجاء”.

ودعا حزب الدعوة، الحكومة الأردنية إلى “إلغاء إجازة هذا الحزب ومنعه من ممارسة أي نشاط صيانة للمصالح المشتركة التي بدأت عهدا جديدا متناميا، وحرصا على التعاون والعلاقات الأخوية بين الشعبين”.

ووصل الحد بحزب الدعوة إلى مطالبة وزارة الخارجية العراقية “باستدعاء سفير المملكة الأردنية الهاشمية في بغداد للاحتجاج على هذا الإجراء غير الودي إزاء العراق”.

الموقف الرسمي
وفي شأن الموقف الرسمي العراقي، فلم يصدر أي تعليق من جانب الحكومة أو الرئاسة، على إعادة ترخيص حزب البعث في الأردن، وبقي الأمر في إطار أحزاب سياسية وعلى رأسها حزب الدعوة.

واستبعد الصميدعي أن يكون لذلك تأثير على العلاقات المتنامية بين البلدين، وقال إنه “يجب التفريق بين الموقف الرسمي وبين مواقف الأحزاب السياسية (…) وهناك تناقضات داخل البيت السياسي الواحد، السني والشيعي والكردي، لكنها تبقى بعيدة عن المواقف الرسمية، والحكومة ترسم مسارا محايدا”.

وكمثال على العلاقات المزدهرة بين الجارين، شارك وفد أردني بمؤتمر عقد، السبت، في العاصمة بغداد، بشأن مشروع خط بري وخط سكك حديد يصل الخليج بالحدود التركية، والذي يعول عليه ليصبح خط نقل أساسيا للبضائع بين الشرق الأوسط وأوروبا.

وتطمح بغداد إلى تنفيذ هذا المشروع الذي أطلق عليه اسم “طريق التنمية”، بالتعاون مع دول في المنطقة، هي قطر والإمارات والكويت وعُمان والأردن وتركيا وإيران والسعودية وسوريا، التي دعي ممثلوها إلى العاصمة العراقية للمشاركة في المؤتمر المخصص للإعلان عن المشروع.

حزب قديم ومحدود
من جانبه قال المحلل السياسي، خالد شنيكات، إن “حزب البعث موجود في الأردن منذ خمسينيات القرن الماضي، وهو حزب محدود الاعداد مثل باقي الأحزاب الأردنية، وليس له قواعد شعبية واسعة”.

وأضاف في حديث صحفي أن “الأردن وفي إطار الإصلاح السياسي، حدد مجموعة متطلبات من الأحزاب، وحزب البعث التزم بها (…) وحزب الدعوة غير مدرك للعملية السياسية الداخلية في الأردن، ويعتقد أن ترخيص البعث تحرك ضد العراق، وهذا خطأ”.

وتابع شنيكات قائلا “معروف أن هناك اتجاهات داخل العراق تعادي الأردن، في حين أن الأردن تاريخيا وقف إلى جانب الشعب العراقي، والعراق يشكل عمقا استراتيجيا للأردن، والأردن رئة يتنفس منها العراق”.

وأكد شنيكات عدم وجود مواقف مناوئة للعراق داخل الأردن، وأن هناك علاقات وثيقة بين الجانبين، من النواحي الأمنية والعسكرية والاقتصادية، وأنه رغم ذلك تبقى هناك أبواق مناوئة للأردن.

ولفت إلى أن “بعض الفصائل العراقية تناصب الأردن العداء (…) ومنها ما يعتبر أن وجود رغد صدام حسين (ابنة صدام حسين) في الأردن يمكن أن يشكل طريقة للضغط على العراق، وهذا غير صحيح، لأن استضافتها تحمل بعدا إنسانيا فقط (…) والأردن منفتح على تطوير العلاقات مع العراق”.

ويقول حزب البعث الأردني في بيانه إن “اسم هذا الحزب موجود ومنذ عقود طويلة في غالبية الأقطار العربية مثل سوريا، ولبنان، والسودان، وتونس، وموريتانيا. وإنها أحزاب قُطرية، تم تأسيسها وفق متطلبات كل قُطر، وإنه لا ضير في أنها تحمل نهجا قوميا، لكن اهتماماتها الأساسية قُطرية”.

ومثل باقي الأحزاب، فإن الأحزاب الأردنية “أُسست وتمارس نشاطاتها وفق قانون الأحزاب الأردني. ويعني أن كل الأحزاب في الأردن سواء كانت تحمل فكرا أُمميا، أو إسلاميا، او قوميا، هي أحزاب قُطرية، أردنية، وأن قانون الأحزاب الأردني هو الذي يحكم، ويحدد نشاطاتها، ويمنعها من التمدد، أو التفاعل، أو التواصل مع الخارج سواء أقطاراً، أو أحزابا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى