32 قمة عربية منذ عام 1964 بدون نتائج إيجابية تٌذكر

عقد أصحاب ” الجلالة والسمو والفخامة ” ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية مؤتمر قمتهم الثاني والثلاثين يوم الجمعة 19/5/ 2023 في جدة بالمملكة العربية السعودية التي وصلوا إليها بطائراتهم الخاصة الباهظة الثمن، واستقبلوا ببوس لحى وابتسامات لا تعبر عما في القلوب، وأقاموا هم وأعضاء وفودهم في قصور فارهة وفنادق فاخرة، وأصدروا بيانهم الختامي ” إعلان جدة ” المعد سلفا الذي كرّر المكرّر ولم يحتوي على شيء جديد.
البيان الختامي أشار إلى ضرورة التكاتف حول قضايا الأمة العربية المزمنة والمستجدة، وإلى أهمية التنمية المستدامة، والأمن، والاستقرار، والعيش بسلام، وصيانة حقوق المواطن العربي؛ وأكد مركزية القضية الفلسطينية وأدان كالعادة الممارسات العدوانية الإسرائيلية التي تستهدف الفلسطينيين وأرضهم ووجودهم، ودعا إلى تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سلمي، وأعرب عن قلق القادة من خطورة وتداعيات القتال الدائر في السودان وليبيا على امن واستقرار الدول العربية. وجدد القادة دعمهم للجهود العربية والدولية الرامية إلى إنهاء الحرب اليمنية، وأعربوا عن تضامنهم مع الشعب اللبناني وحثوا الأطراف اللبنانية على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعن رفضهم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وتشكيل المليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة.
قرارات قمة جدة لم تأت بجديد، وبيانها الختامي صورة طبق الأصل عن بيانات القمم السابقة التي بقيت في الملفات، وعفى عليها الزمن، ولن تطبق أبدا لأنها تفتقر إلى آليات للتطبيق، وإلى النوايا الصادقة والحرص على العمل الجماعي العربي، وعلى مصالح الأمة؛ إذا كان القادة صادقين، وحريصين على مصالح الأمة، ويرغبون فعلا في تطبيق قرارات مؤتمر جدة فلماذا لا يعملون على تسهيل التبادل التجاري بين دولهم والعمل الجاد لإقامة سوق عربية مشتركة؟ ولماذا لا تقلص دول الخليج اعتمادها على العمالة الأجنبية وتفتح أبوابها للعمالة العربية؟ ولماذا تستمر الحروب والقتل والدمار في اليمن وليبيا والسودان وسوريا المدعومة من بعض الدول العربية؟ ولماذا تتجاهل الأنظمة العربية، خاصة دول التطبيع اعتداءات دولة الاحتلال على الفلسطينيين والأماكن المقدسة ولا تتخذ أي إجراءات حقيقية ضدها؟
التطور الهام الإيجابي الوحيد في قمة جدة هو عودة سوريا لجامعة الدول العربية ومشاركتها في صنع القرارات التي تهم حاضر ومستقبل أمتنا. ولكن اللافت للنظر في هذه القمة هو مشاركة الرئيس الأوكراني المتصهين فولوديمير زلينسكي المعروف بعدائه الشديد للشعب الفلسطيني ودعمه المطلق لدولة الاحتلال، الذي القى خطابا لم يذكر خلاله القضية الفلسطينية والاحتلال ومعاناة الشعب الفلسطيني، وهاجم بعض القادة العرب بوقاحة وجها لوجه بقوله” للأسف، هناك البعض في العالم وبينكم هنا، يغضون الطرف عن السجون والضم للأراضي الأوكرانية.” وأضاف ” أنا متأكد أنه لن يشاهد أحدا منكم بدون قتال كيف يسرق الأجانب أبناء شعبك” متناسيا أن فلسطين محتلة، وأن أصدقاءه الصهاينة سرقوا فلسطين وشردوا وأذلوا شعبها! ونسي، أو تناسى، أن المملكة العربية السعودية قدمت 410 ملايين دولار أمريكي، والإمارات العربية المتحدة قدمت 100 مليون دولار كمساعدات إنسانية لبلاده، وكان من الأولى أن تقدم هذه المساعدات للقدس وللفلسطينيين وحركات المقاومة.
الشعوب العربية تتوق لتحقيق التوافق والعمل العربي المشترك لحل مشاكل الأمة، وتتمنى أن يتم وضع آليات لتنفيذ ال 32 بندا التي تضمنها ” إعلان جدة. ” لكنها ليست متفائلة بتطبيق تلك القرارات بناء على تجاربها مع قرارات ال 60 قمة العادية والطارئة التي سبقت هذه القمة، وتتوقع أن تظل حبرا على ورق كما حدث لسابقاتها، مما قد يؤدي إلى زيادة عدم الثقة والهوة الحالية القائمة بينها وبين حكامها، ويقود ذلك إلى عدم استقرار هذه الأنظمة، وانبطاحها وانصياعها أكثر فأكثر للإملاءات والتدخلات الأجنبية، خاصة الأمريكية والإسرائيلية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى