صَمَد الأسد وتغيّر الآخرون.. الرئيس السوري يُشارك من موقع الأنتصار بالقمة العربية المقرر عقدها، بعد غدٍ الجمعة، في جدة
سبوتنيك عربي
أعلن وزير خارجية السوري، فيصل المقداد، مساء اليوم الأربعاء، أن الرئيس السوري بشار الأسد سوف يترأس وفد بلاده خلال القمة العربية المقرر عقدها بعد غد الجمعة في جدة السعودية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده المقداد عقب اختتام الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية.
وفي وقت سابق من اليوم، انطلق بمدينة جدة غربي السعودية اجتماع تحضيري لمجلس وزراء الخارجية العرب، للإعداد للقمة العربية على مستوى القادة المقرر انعقادها الجمعة بالمملكة.
وأكد المقداد على ما نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) على ترحيب سوريا “بأي دور عربي يحقق أهداف العمل المشترك لمواجهة تحديات المرحلة القادمة”، مشيراً إلى أن “مشاريع القرارات المطروحة خلال الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية تعكس وجهة نظر سورية لتجاوز الأزمة فيها، واحترام دورها على المستويين الإقليمي والدولي”.
وقال المقداد في تصريح صحفي عقب الاجتماع التحضيري للقمة: “نعمل سوية مع أشقائنا العرب، وكل العرب يرحبون بدور سوريا وليس هناك خلافات حول القضايا المتعلقة بها”.
وأضاف: “مرتاحون لأجواء الاجتماعات التحضيرية، حيث ناقشنا الكثير من القضايا لأن الوضع بين الدول العربية والوضع الإقليمي والدولي يحتاج لمثل هذا النقاش للوصول إلى قرارات تخدم العمل المشترك والتضامن العربي، لمواجهة تحديات المرحلة القادمة”.
وتوجه المقداد بالشكر للمملكة العربية السعودية “على الدور الذي قامت به في الأشهر الماضية من أجل تفعيل العمل العربي المشترك ومن أجل وضع سوريا اليوم للمشاركة في القمة على قدم المساواة مع كل الدول العربية الأخرى”.
وأضاف أن “سوريا تتطلع لأن يكون هناك دور عربي فاعل في مساعدة كل اللاجئين السوريين للعودة إلى بلادهم”، مؤكدًا أن بلاده “ترحب بعودة أي مواطن من كل أنحاء العالم، حيث أعدت دمشق خطة لتسهيل هذه العودة، بدأت منذ وقت طويل عندما أصدر الرئيس بشار الأسد ما يزيد عن 20 مرسوما رئاسيا والقانون رقم 7، والذي يلغي كل الأوامر السابقة التي قد تحول دون هذه العودة”.
ورفض وزير الخارجية السوري الربط بين إعادة اللاجئين وبدء عملية الإعمار، معربا عن ترحيب بلاده بأي دور عربي في هذا الصدد، حيث تسهل إعادة الإعمار عملية العودة.
وأكد أن دمشق وفت بجميع التزاماتها للعمل مع الأشقاء العرب بشكل مشترك، مؤكدأ أن الاجتماع شهد تفاهما كبيرًا، وعدم وجود خلافات على الأقل فيما يتعلق بسوريا، حيث رحب الجميع بالمشاركة وبعودة دمشق إلى جامعة الدول العربية.
وفي تصريحات لقناة “الجديد” اللبنانية من جدة، أوضح المقداد قائلا: “كل الدول العربية هي نجوم، ونعود الآن بفضل الحكمة والقيادة الصحيحة إلى وضعنا الطبيعي كعرب”.
وأضاف المقداد لـ”الجديد”: “الرئيس بشار الأسد سيكون هنا لحضور القمة العربية”.
وتعليقا على شروط عودة “النازحين السوريين” وإعادة الإعمار، قال المقداد: “من يشترط علينا عليه أن يأخذ هذه الافكار ويحتفظ بها لذاته..نحن لم نقم بالاستجداء، ولن نقوم بذلك، وخضنا حرب ضد الإرهاب، ومن أراد المساعدة فأهلا وسهلا”.
ووصل المقداد، أمس الأول (الاثنين)، إلى مدينة جدة على رأس وفد، للمشاركة في الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية.
الأسد سيسرق الأضواء في القمة العربية
الرياض (رويترز) – من المتوقع أن يخطف الرئيس السوري بشار الأسد الأضواء في القمة العربية التي تعقد بالسعودية يوم الجمعة بعد عزلة قبع فيها منذ أكثر من عقد، حيث سيلتقي بزعماء من المنطقة دعموا في وقت من الأوقات خصومه في الحرب.
وتعد عودة حكومته إلى المحفل العربي إشارة على انتهاء عزلة بلاده التي مزقتها الحرب، بعد أن ظلت معظم الدول العربية تنأى بنفسها عنه بعد لاحتجاجات على حكمه في 2011 والحرب الأهلية التي نشبت بعد ذلك.
ودعمت السعودية وقطر وغيرهما المعارضة المسلحة المناهضة للأسد لسنوات. لكن الجيش السوري استعاد السيطرة على معظم البلاد بدعم من إيران وروسيا وجماعات مسلحة شبه عسكرية.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الدول العربية أخرجت الأسد من عزلته، فإنها تطالبه أيضا بالحد من تجارة المخدرات، وتمكين لاجئي الحرب من العودة.
مع ذلك يمثل هذا التطور تحسنا مذهلا في حظوظ الزعيم السوري.
ويقول ديفيد ليش أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة ترينيتي في تكساس “هذه بالتأكيد لحظة انتصار لبشار الأسد، حيث يتم قبول (عودته) مرة أخرى في جامعة الدول العربية، وفي العالم العربي، بعد النأي عنه وفرض العزلة عليه لأكثر من عقد”.
وعبرت عدة دول منها قطر والكويت عن معارضتها لعودة الأسد. لكن القمة ستبرز على الأرجح حقيقة أن قطر قلصت طموحاتها في أن تكون لاعبا دبلوماسيا رئيسيا في المنطقة وقبلت بدور سعودي مهيمن.
ولا يمثل الأسد القضية الخلافية الوحيدة بين العرب، فالجامعة منقسمة حول مسائل عدة منها التطبيع مع إسرائيل وسبل دعم القضية الفلسطينية والأدوار الإقليمية لتركيا وإيران وإلى أي جانب تنحاز في السياسة العالمية التي تشهد حالة استقطاب.
كما يحضر القمة في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر مبعوثون من طرفي الصراع في السودان. ومن المتوقع أن يهيمن هذا الصراع على المناقشات. وتستضيف السعودية محادثات بشأن وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية في السودان منذ أسابيع.
وتريد المملكة إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن العرب سيعملون معا، هذا وفقا لما يراه عبد الله با عبود مدير كرسي دولة قطر لدراسات المنطقة الإسلامية والأستاذ الزائر في جامعة واسيدا في طوكيو.
وقال با عبود “هذا يساعدها (الرياض) ليس فقط من حيث مكانتها في الشرق الأوسط، ولكن أيضا فيما هو أبعد من ذلك فيما يتعلق بالتعامل مع القوى الدولية سواء كانت الولايات المتحدة أو أوروبا أو الصين”.
وواشنطن متشككة فيما يتعلق بعودة الأسد إلى الجمع العربي. وقدمت مجموعة من أعضاء الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع قانون في الأسبوع الماضي يهدف إلى منع اعتراف الولايات المتحدة بالأسد كرئيس لسوريا وإلى تعزيز قدرة واشنطن على فرض عقوبات.
لكن الأسد أثبت قدرته على الصمود، رغم ضغوط قوى غربية ودول عربية دعمت أعداءه في الحرب.
وتشكل الأزمة السورية وصراعات إقليمية أخرى منها اليمن وليبيا مزيدا من التحديات لجامعة الدول العربية التي غالبا ما تتسبب الانقسامات الداخلية في تقويض دورها. ويقول القادة العرب إن الأمن أهم من الديمقراطية.
قال جوزيف ضاهر الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا “هناك بالفعل استعداد في السنوات القليلة الماضية من قبل السعودية وجهات إقليمية فاعلة أخرى لتعزيز شكل من أشكال الاستقرار في المنطقة”.
وأضاف “على الرغم من الخلاف المستمر بين مختلف الدول… فإن لديهم موقفا مشتركا يتمثل في الرغبة في العودة إلى وضع مشابه لما كان عليه قبل انتفاضات 2011”.
تأتي قمة هذا العام أيضا في الوقت الذي تعاني فيه مصر وتونس ولبنان من تفاقم التضخم والبطالة والغضب الشعبي.
لكن السعودية والإمارات وضعتا نهجا جديدا للتعامل في أوقات الأزمات، مفاده أن زمن المساعدات دون قيود أو التزامات قد ولى.