الانتخابات التركية.. زحام انتخابي في توقيت استثنائي، وأردوغان يلهث خلف عرشه المُهتز

إسطنبول – الأحوال: تتجه أنظار العالم إلى تركيا التي تفصلها أيام قليلة عن انتخابات رئاسية وتشريعية استثنائية في توقيتها حيث تأتي في أعقاب كوارث طبيعية متطرفة من حرائق غابات وفيضانات إلى زلزال مدمر في 6 فبراير الماضي لا يزال يرخي بظلاله على الاستحقاق الانتخابي وتعقد تبعاته جهود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الطامح لولاية رئاسية جديدة بينما يواجه معارضة موحدة تبدو أقل تشرذما من تلك التي واجهته في السابق.

ويواجه أردوغان منافسه المعارض كمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي يحمل ارث مؤسس الجمهورية التركية كمال أتاتورك والمرشح من تحالف الأمة الذي يضم ستة أحزاب، في انتخابات محورية تضع 20 عاما من الحكم هيمن عليه حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، على المحك فيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن المنافسة شديدة التقارب قد تتطلب جولة إعادة بعد التصويت بأسبوعين.

ويعتبر حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية بزعامة أردوغان أن حزب الحركة القومية اليميني هو حليفه الرئيسي. ومن المتوقع أن يحصل تحالف المعارضة الذي يضم حزب الشعب الجمهوري العلماني وخمسة أحزاب أخرى على دعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد وهو دعم جعله يتفوق في بعض استطلاعات الرأي.

وصعد أردوغان (69 عاما) إلى السلطة قبل 20 عاما بينما كانت تركيا تشهد فجرا جديدا بعد فترة خيم عليها ظلام التضخم ووعد بحكومة رشيدة تحل مكان الائتلاف المتهم بسوء الإدارة في ذلك الوقت. وفي أوج نجاحه تمتعت تركيا بازدهار اقتصادي طال مداه ارتفعت خلاله مستويات معيشة سكانها البالغ عددهم 85 مليون نسمة.

وفاز أردوغان الأكثر بقاء في السلطة بتركيا، في أكثر من عشر انتخابات ونجا من محاولة انقلاب في عام 2016. ورسم مسارا للبلاد في إطار رؤيته لمجتمع متدين ومحافظ له كلمة على المستوى الإقليمي، حتى أن المنتقدين يقولون إنه استغل القضاء لقمع المعارضة.

وخلال الحملة الانتخابية يسعى الرئيس التركي إلى استقطاب الناخبين بالترويج لمشروعات ضخمة في البنية التحتية والبناء واستعراض الإنجازات الصناعية في تركيا والتحذير من الفوضى في الحكومة في حالة فوز المعارضة.

واختار تحالف المعارضة الذي يضم ستة أحزاب كليشدار أوغلو (74 عاما) في مارس ليكون مرشحه الرئاسي. ولم يتمكن مرشح تحالف الأمة الذي بقي لفترة طويلة محجوبا خلف ظل أردوغان، من سد الفجوة بين حزبه وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات منذ أن تزعم حزب الشعب الجمهوري المنتمي ليسار الوسط في عام 2010.

وحصل الموظف الحكومي السابق على مقعد في البرلمان في عام 2002 ضمن نواب حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.

ولجأ كليشدار أوغلو إلى أسلوب شامل لا يقصي أحدا سعيا إلى جذب الناخبين الذين خاب أملهم من خطابات أردوغان وسوء إدارته الاقتصادية. وقدم وعودا بالازدهار الاقتصادي وباحترام أكبر لحقوق الإنسان وسيادة القانون.

زعيم حزب الوطن

ويُنظر إلى محرم إنجه (58 عاما)، وهو مدرس فيزياء ومدير مدرسة سابق على أنه مرشح ليس لديه سوى فرصة ضئيلة في الفوز بالرئاسة. لمع نجمه خلال 16 عاما له في البرلمان بسبب تعليقات هجومية تتحدى أردوغان، كما خاض انتخابات الرئاسة عام 2018 عندما كان المرشح الأول للمعارضة. وحصل على 30.6 بالمئة من الأصوات مقابل 52.6 بالمئة لأردوغان.

سنان أوغان

ليس لدى المرشح سنان أوغان (55 عاما) أيضا فرصة تذكر في الفوز. ودخل الأكاديمي السابق مؤسس مركز توركسام للأبحاث البرلمان في عام 2011 نائبا لحزب الحركة القومية اليميني. وحاول الوصول إلى زعامة الحزب في عام 2015 لكنه لم ينجح في ذلك وتم فصله لاحقا من الحزب.

وساعد الزعيم القومي المتطرف دولت بهجلي (75 عاما) أردوغان في الحفاظ على قبضته على السلطة بعد دعم مساعيه إلى توسيع الصلاحيات التنفيذية للرئيس (الرئاسة التنفيذية) في استفتاء عام 2017. وبدأ حزب الحركة القومية بزعامة بهجلي، الذي كان في السابق معارضا قويا لأردوغان، التعاون مع الرئيس وحزب العدالة والتنمية بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في عام 2016. وتشكل الكراهية لحزب العمال الكردستاني والموقف المناهض بشدة للأحزاب الموالية للأكراد جزءا أساسيا من نهج بهجلي.

زعيمة الحزب الجيد ميرال أكشينار

وتقود وزيرة الداخلية السابقة ميرال أكشينار (66 عاما) ثاني أكبر حزب في تحالف المعارضة، الحزب الجيد الوسطي القومي. وصعدت إلى مكانة أرفع منذ عام 2016 عندما تم فصلها من حزب الحركة القومية بعد قيادة محاولة فاشلة للإطاحة ببهجلي. وتركز على استقطاب الناخبين المحافظين وأولئك الذين خاب أملهم في تحالف حزب الحركة القومية مع حزب العدالة والتنمية.

كما لا يزال صلاح الدين دميرطاش (49 عاما) زعيم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد سابقا واحدا من الشخصيات السياسية المهمة على الرغم من أنه يقبع في السجن منذ عام 2016. ويواجه عقوبة يحتمل أن تصل إلى السجن المؤبد في قضية اتُّهم فيها بالتحريض على احتجاجات عام 2014 التي أسفرت عن مقتل العشرات.

وسيخوض حزب الشعوب الديمقراطي الذي أعلن دعمه لكليشدار أوغلو، الانتخابات باسم حزب اليسار الأخضر للتحايل على حظره المحتمل قبيل الانتخابات.

من التحالف إلى الخصومة

وانضم للمشهد السياسي التركي في السنوات الأخيرة اثنان من أبرز القيادات التي كانت حليفة ومقربة من أردوغان قبل انشقاقهما وتحولهما إلى خصمان للرئيس التركي وهما علي باباجان (55 عاما) نائب رئيس الوزراء سابقا الذي ترك حزب العدالة والتنمية في عام 2019 بسبب خلافات حول توجهات الحزب. وأسس حزب الديمقراطية والتقدم (ديفا) وحث على إجراء إصلاحات لتعزيز سيادة القانون والديمقراطية. ويحظى السياسي الذي تولى منصب وزير الاقتصاد وكذلك منصب الخارجية سابقا بتقدير المستثمرين الأجانب.

والشخصية الثانية التي تحولت من التحالف إلى العداء والخصومة هو رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلو (64 عاما)، الذي انشق عن حزب العدالة والتنمية في عام 2019 وأسس حزب المستقبل. وفي العقد الأول لحزب العدالة والتنمية في السلطة، دافع داود أوغلو عن سياسة خارجية أقل صدامية رافعا شعار “صفر مشاكل مع الجيران”، وانتقد منذ ذلك الحين ما يصفه بأنه ميل إلى الاستبداد في ظل الرئاسة التنفيذية.

ويبرز في المشهد التركي أكرم إمام أوغلو (52 عاما) فبعد خمس سنوات من توليه السياسي المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري لمنصب رئيس البلدية في إحدى بلدات إسطنبول، لمع نجم رجل الأعمال السابق في عام 2019 عندما تفوق على مرشح حزب العدالة والتنمية في انتخابات بلدية إسطنبول. وصدر بحقه حكم بالسجن لأكثر من سنتين في عام 2022 لإدانته بتهمة إهانة مسؤولين حكوميين، ويواجه المنع من العمل السياسي حال تأييد الحكم، في قضية تعتبرها المعارضة كيدية وأنه جرى استبعاده من طريق أردوغان كونه كان يعتبر أشد منافسيه وأكثرهم قدرة على الإطاحة به.

وفاز السياسي والمحامي القومي منصور ياواش (67 عاما) في انتخابات رئاسة بلدية أنقرة عام 2019 التي خاضها مرشحا لحزب الشعب الجمهوري ومدعوما من تحالف للمعارضة. وشغل قبل ذلك منصب رئيس البلدية في بلدة في أنقرة ممثلا لحزب الحركة القومية لعشرة أعوام حتى 2009. وترك حزب الحركة القومية وانضم إلى حزب الشعب الجمهوري في عام 2013.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى