هل جاء دور تدمير السودان، بعد العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال؟

نجح التحالف المعادي للأمة العربية المكون من الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، خاصة فرنسا وألمانيا، ومن تعاون معهم من الحكام العرب في تمزيق النسيج الاجتماعي لدول العراق وسوريا وليبيا واليمن، وتهجير وإفقار الملايين من أبنائها، وتدمير جيوشها واقتصادها وبنينها التحتية وإعادتها عشرات السنين إلى الوراء. ويبدو ان الدور جاء على السودان بإشعال حرب بين أبنائه مشابهة لما حدث في عدد من الدول العربية! فهل ستقود هذه الحرب التي أشعلتها الخلافات بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي إلى تفكيكه لدويلات؟
هذه الحرب التي فتحت الباب على مصراعيه لتدخلات بعض الدول الأجنبية، والمنظمات الإرهابية في الشأن السوداني تتماشى مع استراتيجية أعداء الأمة العربية الرامية لتدمير السودان الذي يعاني أصلا من التسلط والفساد والفقر والبطالة وسوء البنية التحتية وانقسامات جهوية اثنية وقبلية، وتقسيمه إلى دويلات متناحرة يسهّل وجودها الهيمنة الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية عليه والتحكم بثرواته، واستخدام موقعه الجغرافي لزيادة تغلغلها ونفوذها في القارة الإفريقية.
الحليفان السابقان والعدوان اللدودان البرهان وحميدتي وجهان لعملة تآمر واحدة؛ فمنذ سيطرتهما على السلطة تفاقمت مشاكل البلد، وانهار الاقتصاد، واستمرت الاحتجاجات في الشوارع، وعملا معا لإجهاض الثورة الشعبية وإفشال وإقصاء حكومة عبد الله حمدوك، وتنصلا الشهر الماضي من الاتفاق مع قوى التحالف والتغيير لعودة السلطة للمدنيين وإقامة نظام ديموقراطي.
ولم يخفيا تنافسهما وحماسهما للتطبيع مع دولة الاحتلال. فالبرهان اجتمع ببنيامين نتنياهو في شباط/ فبراير في عنتيبي بأوغندا، ومع وزير الخارجية الإسرائيلي في السودان، واتفق الجانبان على المضي قدما في تطبيع العلاقات بين بين الخرطوم وتل أبيب، وتأسيس تعاون مشترك في المجالات السياسية والعسكرية والاستخباراتية والاقتصادية.
وحميدتي معروف بدفاعه عن إقامة علاقات مع إسرائيل والتطبيع معها؛ فهو من ادعى بأن السودان يحتاج لدولة الاحتلال، ” وكذب بالقول” أن 90% من الشعب السوداني يؤيد العلاقات مع إسرائيل.” وأكدت صحيفة ” جيروزاليم بوست ” ما تناقلته وكالات الأنباء وهو ان حميدتي قام بزيارة سرية لإسرائيل خلال الأسبوع الأول من شهر فبراير 2022، وعقد سلسلة اجتماعات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين حاول خلالها إنشاء علاقات مستقلة معهم من أجل تعزيز أجندته السياسية، وان قواته تلقت شحنة من تقنيات التجسس الإسرائيلية المتطورة تسمح بالتنصت على الهواتف المحمولة، وهربتها إلى معقلها في دارفور لمنع الجيش السوداني من الاستيلاء عليها.
إذا استمرت المعارك الدائرة في السودان ذي الموقع الاستراتيجي المميز في القارة الإفريقية، والشاسع المساحة المرشح في حالة تطوير الزراعة فيه ان يكون ” سلة غذاء العالم العربي “، وتحولت إلى حرب أهلية، فإنها ستعزز التدخلات الأجنبية في شؤونه الداخلية، خاصة التدخلات الأمريكية والإسرائيلية الرامية الى السيطرة على ثرواته ومقدراته، وستؤدي الى تفكيكه، وإبعاده عن محيطه العربي، واستخدامه لزعزعة أمن واستقرار مصر ودول الجوار الأخرى؛ وسيكون ذلك بمثابة نكسة جديدة للعالم العربي تعرض المزيد من أقطاره لعدم الاستقرار والشرذمة، وتفتح الباب على مصراعيه لأعدائه، خاصة أمريكا وإسرائيل للهيمنة عليه وإعاقة ازدهاره وإمكانية توحيده!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى