ألأول من أيـــــــــار

بقلم: عبد الهادي الراجح

 

الأول من أيار مايو يوم استثنائي في التاريخ الانساني، ففي هذا اليوم اجمعت البشرية كلها في حالة نادره ان يكون يوما للعمال ؛ تقديرا لهم على دورهم البناء في التاريخ ، فالعمال كما هو معلوم صناع الحضارات، وهم الدينمو المحرك لعجلة التاريخ والتقدم البشري .
لكن ياتي الاول من ايار هذا العام والعالم يقف على حافة حرب عالمية ثالثة قد تفني الحياه ذاتها على ظهر هذا الكوكب، وذلك بعد الحرب الروسية على اوكرانيا التي اوقدت نارها الولايات المتحدة الصهيونية واتباعها ؛ بهدف محاصره روسيا الصاعد دورها والتآمر عليها من خلال النازية الجديدة التي تحكم اوكرانيا الطامحة بدخول حلف الناتو والاتحاد الاوروبي الذي اصبح هو، وليس دول امريكا اللاتينية، حديقة بيتها الابيض الذي لا اعلم هل لا يزال ابيض رغم تلطخة بدماء الشعوب في معظم انحاء المعمورة .
العالم هذا العام يضع يده على قلبة، ولا يملك الا الأمنيات بأن لا تحدث مواجهة نووية بين اكبر قطبين نوويين والتي تعني نهاية الكون بكسبة زر .
كما أن احلام الشعوب تكبر وتتمنى أن يتمكن العقلاء في العالم من انهاء تلك الأزمة التي يعاني منها العالم أجمع ، وقد وجدت أمريكا الصهيونية فيها الفرصة لمحاولة تحجيم روسيا التي عادت كما يبدو بقوة لممارسة دورها الطبيعي، بعد صدمة انهيار الاتحاد السوفيتي بتلك الصورة المهينة قبل اثنين وثلاثين عاما.
ذلك الدور الذي منحته اياها الطبيعة والأمر الواقع، وبالمقابل تسعى أمريكا وأتباعها في الأتحاد الأوروبي باستغلال مأساة الحرب التي أجبرت روسيا على خوضها دفاعا عن ذاتها وعن تاريخها المستهدف من أمريكا وأتباعها .

ورغم أن اوكرانيا ليست عضوا في حلف الناتو ، ولكن صعود النازيين الجدد لسدة الحكم في اوكرانيا وادارة تلك الدولة من قبل فنان فشل في التمثيل فجاء ليمارس التمثيل في السياسة لخدمة مشغليه ؛ الأمر الذي جعل منه العوبة صغيرة بيد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعاد لنا فلاديمير زيلينسكي تجربة الهالك في امتنا أنور الساداتي بمصر ، عندما تخيل بعقلية الممثل الكامنة فيه أنه بمجرد مد يده للسلام سيقبل الصهاينة وينسحبوا من كل أراضي العرب المحتلة ، وليصبح ذلك البهلوان الهالك كما لقب نفسه (بطل الحرب والسلام) وبقي يمارس دوره التمثيلي رغم وضوح الحقائق على الأرض حتى قتله الشعب المصري البطل .

اليوم الرئيس الاوكراني يمارس نفس الدور التمثيلي من داعميه، ورغم ما لحق باوكرانيا من دمار وخراب ولكن ذلك لم يعده من عالم التمثيل الخيالي وأحلام اليقظة لعالم الواقع والحقائق على الأرض .

الأول من أيار هو يوم العمال، ومن المفارقات أن تنطلق ذكرى ذلك اليوم الخالد من الولايات المتحدة ذاتها ، وقصة ذلك اليوم معروفة في تاريخ العالم أجمع الذي اتفق أن يكون ذلك اليوم عيدا للعمال ؛ تقديرا لهم وعرفانا بتلك الفئة الأكثر عددا في كل بلاد العالم ، ولكنها الأقل حظا ونصيبا من أخذ حقوقها الأنسانية التي يجري الاعتداء عليها والتقليل منها في كل بلاد العالم، خاصة بعد انهيار دولة العمال الأولى (الأتحاد السوفيتي) وعالم احادي القطب طيلة العقود الثلاثة الأخيرة .

واليوم وفي الأول من أيار ورغم مأساة الحرب الأممية المفروضة على روسيا في أوكرانيا ، الا ان هناك بصيص أمل ومؤشر على شمعة وان بدأ ضوئها متواضعا وخافتا ولكنه يبشر بالخير، بعد صحوة المارد الصيني وقوة الهند الصاعدة وايران المتوهجة بالثورة، ودعمهم لروسيا من منطلق مصالحهم ومصالح العالم ، وعدم الخضوع لما يمليه عجوز البيت الأبيض بواشنطن، حيث تمرد الكثير من الدول حتى المحسوبة على أمريكا .

نعم نحن اليوم أمام بوادر لنظام عالمي جديد ، عالم متعدد الأقطاب وبالتأكيد سينعكس ذلك على عمل الأمم المتحدة المحسوبة في العقود الثلاثة الأخيرة وكأنها أصغر قسم في الخارجية الأمريكية .
ما نأمله أن يعاد لهذا اليوم العظيم الذي يحتفل به العالم أجمع الأول من ايار اعتباره، وأن لا يكون مجرد يوم لشرب الأنخاب والكوكا كولا الصهيوأمريكية للمستغلين وابنائهم أعداء العمال ، فيما يكون دور أبناء العمال هو لملمة الزجاج الفارغ .

الأول من ايار، كما اسلفنا، يوم أجمعت عليه البشرية ليكون يوما لكل عمال العالم وليس لمستغليهم .. وعاش الأول من ايار عيد العمال .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى