أسعار الذهب في مصر تسجل مستويات تاريخية غير مسبوقة، خلال الأيام الأخيرة، جراء تهافت المصريين على شرائه كملاذ آمن

وجهت شعبة الذهب في مصر تحذيرا للمواطنين، بخصوص شراء الذهب من خلال المنصات الإلكترونية والتطبيقات، واصفة هذه الطريقة بالكارثية.

وفي هذا الصدد، علق رئيس شعبة المصوغات الذهبية بالاتحاد العام للغرف التجارية، هاني ميلاد على انتشار منصات وتطبيقات لتداول وتجارة الذهب، موضحا أنه أمر كارثي ولم يصدر لأي من هذه المنصات أي ترخيص من جهات معتمدة، محذرا المواطنين من الشراء عبر تلك المنصات أو من قيام بعض الأفراد ببيع مشغولاتهم الذهبية على بعض صفحات التواصل الاجتماعي.

وأضاف هاني ميلاد قائلا: “يمكن أن يكون المعروض ذهبا مسروقا أو ذهبا مغشوشا، كما أن قيام الفرد بشرائه من بائع وتاجر يضمن للمستهلك الحصول على فاتورة معتمدة يستطيع معها ضمان حقه في حالة حدوث أي مشكلة أو رغبته في البيع”.

كما أوضح ميلاد قائلا: “إننا في فترة زمنية نعاني فيها من ظروف اقتصادية محلية وعالمية أدت إلى انخفاض السيولة وزيادة إقبال المواطنين على شراء الذهب كملاذ آمن بدلا من تذبذب أسعار الصرف”، حيث اقترح أن يتم زيادة الاعتماد على الذهب عالميا بعملة أخرى أسوة بالدولار.

وعن الأنباء المتداولة حول قيام مصر بتصدير الذهب، أكد ميلاد أنه أمر غير صحيح، إنما يتم تصدير المشغولات الذهبية هي كمية محدودة تمت خلال شهرين فقط من بداية العام الحالي وتم استبدالها بخامات من الذهب ودفع فرق المصنعية.

الاقتتال في السودان
وقد سجلت أسعار الذهب في مصر مستويات تاريخية غير مسبوقة، خلال الأيام الأخيرة، بينما كشف مختصون أسباب ذلك الارتفاع، وتوقعاتهم بشأن سعر المعدن النفيس خلال الفترة المقبلة.

وفي تعاملات اليوم الأحد، سجل سعر غرام الذهب من عيار 21، الذي يعد الأكثر مبيعا في مصر، 2650 جنيها، بدلا من 2600 جنيها، بارتفاع 50 جنيها خلال يوم واحد، وفقا لـ”وسائل إعلام مصرية”.

ويتم تداول الغرام من عيار 24 عند سعر 3028 جنيه، ويبلغ سعر الغرام عيار 18 قرابة 2271 جنيها، وسجل سعر جنيه الذهب 21300 جنيه.

سابقة تاريخية
وقد كشف المدير التنفيذي لشركة ذهب مصر، فادي كامل، أن أسعار الذهب قفزت بالأسواق المصرية بنسبة 21.4 بالمئة خلال تعاملات شهر أبريل 2023، في وقت ارتفعت الأوقية بنسبة تقارب 1 بالمئة بالبورصة العالمية.

واوضح كامل أن أسعار الذهب ارتفعت بقيمة 470 جنيها بالأسواق المصرية خلال تعاملات شهر أبريل، في سابقة هي الأولى في تاريخ مصر.

وحسب كامل فقد افتتح غرام الذهب عيار 21 التعاملات الشهرية عند مستوى 2200 جنيه، ولامس مستوى 2900 جنيه، واختتم تعاملات الشهر عند مستوى 2670 جنيها.

بينما ارتفعت الأوقية بقيمة 20 دولارا بالبورصة العالمية، حيث افتتحت التعاملات عند مستوى 1970 دولارا، ولامست مستوى 2010 دولارات، اختتمت التعاملات عند مستوى 1990 دولارا، وفقا لكامل.

والجمعة، انخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.3 بالمئة إلى 1982.65 دولار للأونصة لكنه ظل مرتفعا 0.8 بالمئة لشهر أبريل، وفقا لـ”رويترز”.

وارتفع الذهب إلى أعلى مستوى في عام، حين بلغ سعر الأونصة 2048.71 دولار في منتصف أبريل.

ما الأسباب؟

يعدد الخبير الاقتصادي المختص بأسواق الذهب، وليد فاروق، أسباب الارتفاع التاريخي لسعر المعدن النفيس، ويقول إن أسعار الذهب ترتبط بثلاثة عوامل هي “البورصة العالمية، وسعر صرف الدولار في السوق الرسمية، والعرض والطلب بالسوق المحلية”.

ويوضح أن الحكومة المصرية أوقفت استيراد الذهب نتيجة نقص العملة الصعبة في السوق المحلية، وتسبب ذلك في تحول السوق المصري من “مفتوحة إلى مغلقة”.

وبعدما تحولت السوق المصرية إلى “مغلقة”، بات المتنفس الوحيد هو “التهريب من السوق السودانية”، وكان يدخل مصر ما بين 50 إلى 100 كيلو غرام من الذهب يوميا من السودان، وفقا لحديث فاروق.

ويؤكد أنه بعد اندلاع الاشتباك والاقتتال في السودان “توقف ذلك المتنفس تماما”، مما زاد “الانغلاق داخل السوق المصري”، فأصبح من يمتلك الذهب هو القادر على تسعيره.

ومع تراجع سعر صرف الجنيه، بات الذهب “الملاذ الآمن” لغالبية المصريين، مما زاد من حالة الطلب على المعدن النفيس، وسط قله ونقص المعروض، حسبما يوضح فاروق.

وتعاني مصر، من أزمة خانقة في العملة الصعبة أدت إلى انخفاض الجنيه بنسبة تقارب 50 بالمئة مقابل الدولار.

ومنذ 9 مارس 2023، يتم تداول العملة المصرية، عند حوالي 30.90 للدولار، بينما يبلغ سعرها في السوق الموازية “السوداء” نحو 36 جنيه مقابل الدولار، وفقا لـ”رويترز”.

تلاعب وسوق موازية؟
ويرى كامل أن أسعار الذهب بالسوق المصرية تسير وفقا لـ”فوضى منظمة”، متحدثا عن “شبهة تلاعب في الأسعار”.

ويقول إن الذهب خرج من كونه سلعة مسعرة وفقا لعوامل محددة، مثل السعر العالمي وسعر صرف الدولار بالسوق المحلي، إلى سلعة تخضع لأهواء العرض والطلب.

ويشير إلى “عدم توافر بيانات وإحصائيات حقيقية، ترصد عدد محلات الذهب، وحجم عمليات البيع والتداول في الأسواق”.

وتسبب ذلك في ظهور سوقا موازية غير رسمية لتجارة الذهب “لا يمكن حصر حجم إنتاجها”، وفقا لحديثه.

ويتفق معه فاروق الذي يشير لوجود “سوق موازية لتجارة الذهب”.

ويقول “الحكومة تستفيد من الوضع الحالي، بمضاربة البعض في الذهب بعيدا عن الدولار في ظل نقص العملة الصعبة”.

ويتحدث فاروق عن “احتكار بعض التجار للسوق وتلاعبهم بأسعار المعدن النفيس”.

ويلجأ بعض كبار التجار إلى “تخفيض أسعار الذهب لدفع المواطنين لبيع ما بحوزتهم من المعدن النفيس، قبل أن يقوموا بإعادة بيعه بسعر أكبر، مما حول السوق المصري إلى مزاد”، وفقا لحديثه.

ويشير فاروق إلى أن تلك الأسباب مجتمعة جعلت “عيار الذهب يفلت في مصر”.

بيع أم شراء الذهب؟
وينصح كامل المواطنين بـ”عدم بيع ما بحوزتهم من ذهب، إلا للضرورة، نظرا لارتفاع متوقع جديد لأسعار المعدن النفيس باعتباره الملاذ الآمن في الوقت الحالي”.

ويتفق معه فاروق، الذي ينصح المواطنين بـ”شراء الذهب” لكن دون التعجل عند الإقدام على ذلك.

ويقول “أسعار الذهب غير مستقرة، ويمكن للمواطن الإقدام على الشراء عند انخفاض السعر”.

ويمكن للمواطنين شراء “مشغولات ذهبية أو سبائك، حسب حاجة واستعمال كل شخص، نظرا لعدم وجود فروق كبيرة في سعر المصنعية”، حسب فاروق.

يرجح كامل تزايد معدلات الطلب على المعدن النفيس الفترة المقبلة، مما سوف يتسبب في ارتفاع جديد لسعر الذهب.

ويتفق معه فاروق الذي يتوقع ارتفاع جديد لأسعار الذهب في السوق المصرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى