الخرطوم – أفادت تقارير بإطلاق النار بكثافة من جديد، اليوم الخميس، في وسط العاصمة السودانية الخرطوم ومناطق أخرى مع محاولة الكثيرين الفرار من المدينة مع اقتراب عيد الفطر.
وشهدت الخرطوم وأم درمان وبحري، التي تشكل معا ولاية الخرطوم، معارك ضارية هذا الأسبوع بين الجيش وقوات الدعم السريع مما أدى لإغلاق المدينة ونقص الإمدادات الغذائية.
وأظهر بث قنوات تلفزيونية من الخرطوم انحسار الدخان والحرائق التي شهدتها المدينة في الأيام القليلة الماضية قبل أن يندلع القتال من جديد.
وسُمع إطلاق نار في بحري وتحدث سكان عن اشتباكات عنيفة غربي أم درمان التي قالوا إن الجيش تحرك إليها لمنع وصول تعزيزات لقوات الدعم السريع.
وقال الجانبان في وقت سابق إنهما سيلتزمان بوقف لإطلاق النار لمدة 24 ساعة وكان من المقرر أن يبدأ في السادسة من مساء يوم الأربعاء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت جرينتش) لكن سرعان ما انتُهك وقف إطلاق النار بتجدد القتال.
وأصدرت قوات الدعم السريع بيانا عن خرق الهدنة وقالت إنها تعرضت للهجوم في أم درمان وكبدت الجيش خسائر ردا على ذلك بما في ذلك إسقاط طائرتي هليكوبتر.
ولم يتسن التحقق من مزاعم قوات الدعم السريع على نحو مستقل.
وتركز بعض من أعنف القتال حول المجمع الذي يضم مقر القيادة العامة للجيش ومقر إقامة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.
ويتحكم الجيش في مداخل الخرطوم ويحاول فيما يبدو قطع طرق الإمدادات لمقاتلي قوات الدعم السريع حسبما قال سكان وشهود.
وتضغط قوى دولية مرارا في سبيل وقف إطلاق النار لكن دون جدوى تذكر، وتكابد لإجلاء رعاياها بعد أن وصل العنف إلى المطار وعدة مناطق تضم سفارات.
وقال سكان ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إن المزيد من الناس يغادرون العاصمة وإن معظمهم يستطيعون العبور لكن بعضهم يجري توقيفهم في نقاط التفتيش.
وقال ساكن في الخرطوم يدعى عبد الملك “لا يوجد غذاء والمتاجر الكبيرة خاوية والوضع ليس آمنا لذلك يرحل الناس بصراحة”.
ومن جانبه، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، أن استئناف الانتقال إلى المسار الديمقراطي سيكون بعد هزيمة قوات الدعم السريع، فيما أصرّ قائد الأخيرة محمد حمدان دقلو “حميدتي” على الاستمرار بالمعركة حتى تحقيق أهدافها.
ونقلت صحيفة “فيننشال تايمز” البريطانية، الخميس، عن البرهان قوله: إن جزءا كبيرا من قوات حميدتي خرجت عن سيطرته”.
وأضاف البرهان: “سنستأنف الانتقال إلى المسار الديمقراطي بمجرد هزيمة قوات حميدتي”.
وشدد على أن الجيش ملتزم باستكمال العملية السياسية وفق الاتفاق الإطاري، مشيراً إلى أن “قوات الدعم السريع تحاول الاستيلاء على السلطة”.
وأشار البرهان إلى أن قوات الدعم السريع مسؤولة عن أعمال نهب وسرقة في الخرطوم ودارفور.
واتهم قائد الجيش، قوات الدعم السريع بمهاجمة قافلة تابعة للسفارة الأمريكية، إضافة لقتلها عددا من موظفي برنامج الغذاء العالمي، وفق قوله.
كما اتهم البرهان حميدتي بإشعال فتيل أزمة دبلوماسية باختطافه جنودا مصريين موجودين بالسودان في مهمة رسمية.
وفي الشأن الميداني، أكد البرهان أن مطار الخرطوم ليس تحت سيطرة أي من الطرفين حتى الآن.
حميدتي يعد بالمواصلة
بالمقابل، نقلت الصحيفة نفسها عن حميدتي قوله: “لن نتراجع عن أهدافنا وأرض المعركة ستحدد كل شيء”، مشددا على أن “البرهان ليس مستعدا للانتقال للحكم المدني”.
حميدتي أضاف: “منفتحون على وقف أعمال العنف لكن البرهان لن يتوقف”.
وأشار إلى أن قواته “تسعى لاعتقال البرهان ومحاكمته”.
وأوضح حميدتي: “لا نعارض من حيث المبدأ دمج قوات الدعم السريع في الجيش”.
واتهم قائد قوات الدعم السريع البرهان بتزعم ما وصفها بالعصابة المتطرفة، مشيرا إلى رغبة البرهان في ترسيخ الحكم الديكتاتوري.
وأبدى حميدتي استعداد قواته لوقف القتال، لكنه أشار إلى أن البرهان غير مستعد لذلك.
وفيما يتعلق بميزان القوة مع خصمه (الجيش السوداني)، قال حميدتي إن “قوات البرهان تتمتع بميزة القوة الجوية بالإضافة إلى المدفعية الثقيلة، لكننا متساويان في ساحة المعركة”.
وقد اتهم حميدتي البرهان بالمسؤولية عن نشر الخوف بين المواطنين والدبلوماسيين في السودان.
وفي موضوع آخر، قال حميدتي إنه لا حقيقة للتكهنات الغربية باحتمال انخراط مقاتلي فاجنر الروسية في القتال لصالح قوات الدعم السريع.
ولليوم السادس على التوالي، يشهد السودان الخميس اشتباكات بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع” بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلوا (حميدتي).
وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر، بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلا منهما.
وعام 2013 جرى تشكيل “الدعم السريع” لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور (غرب)، ثم تولت مهاما منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن قبل أن يصفها الجيش بأنها “متمردة” عقب اندلاع الاشتباكات.
وتفَّجر الاقتتال إثر خلافات بين البرهان وحميدتي أبرزها بشأن دمج مقترح لقوات “الدعم السريع” في الجيش، حيث يريد البرهان اتمام العملية خلال عامين هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك حميدتي بعشر سنوات، وهو خلاف يرى مراقبون أنه يخفي أطماعا من الطرفين في السلطة والنفوذ.
وجراء خلافاتهما تأجل مرتين، آخرهما في 5 أبريل/نيسان الجاري، التوقيع على اتفاق بين العسكريين والمدنيين لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان إجراءات استثنائية يعتبرها الرافضون “انقلابا عسكريا”، بينما قال هو إنها تهدف إلى “تصحيح المرحلة الانتقالية”، متعهدا بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.