أخرسوهم في هذه الأوقات

بقلم: د. وائل مُحيي الدين الزرد

دأب بعض أصحاب الألسنة الحِداد، أن يطلقوا ألسنتهم في مثل هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها القضية الفلسطينية -قضية الأمة- يريدون من وراء ذلك أن يورثوا الناس خوفًا وهلعًا، يزيدون الناس يأسًا وإحباطًا، يقولون للناس كلما لاح بريقُ جولة عسكرية، أو معركة مرحلية، يقولون: سيذبحونكم من الوريد إلى الوريد، لن يبقوا فيكم أحدًا، سيجعلونكم قطعًا يطعمونكم للقطط !!!
مثل هؤلاء المُعوِّقِين ليسوا الأوائل في التاريخ البشري، فمثلهم كثيرون، عرفهم الناس ولكنهم لم يجدوا لهم مكانًا إلا تحت نعال المجاهدين المقدامين، بل إن جماهير الأمة أطلقوا عليهم ألقابًا تليق بهم، من مثل: المُثبطين، المُرجفين، المُخذلين، وفيما أعلم أن علماء الأمة من أولهم لآخرهم يقولون بضرورة إخراج المُخذلين من الجيش، فلا يشاركون في معركة، ولا يتكلمون في جمعٍ، بل حدُّهم السكوت، وواجبهم الإنصات، فهم من جملة المأمومين، ولا يمكن أن يُقبلوا في حيز الأئمة…
وهؤلاء المُثبطون المُرجفون ليسوا الأوائل في التاريخ، بل لهم سلفُ سوء وشر.
فقد حدَّثنا القرآن الكريم عن نفرٍ ممن كانوا قبلنا، استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا، وإذا بهم يسعون للفتِّ في عضد إخوانهم الثابتين، فيقولون {لا طَاقةَ لنَا اليومَ بجَالوتَ وجُنودِه} فكان الرد من قِبل المؤمنين المجاهدين {كَم مِن فِئةٍ قَليلةٍ غَلَبت فِئةً كَثيرةً بِإذنِ الله والله مَعَ الصَّابِرين}.
وحدثنا القرآن أيضًا عن قوم أرادوا تثبيط المؤمنين عن الجهاد ومقارعة العدو، فقالوا {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} فكان الرد على لسان المؤمنين ما سُطر في القرآن الكريم {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}
وحدثنا القرآن الكريم أيضًا عن قوم أرادوا إقعادَ المُقاتلين عن المُقاومة، فأطلقوا ألسنتهم الحِداد فقالوا {غرَّ هؤلاءِ دِينُهُم} فتولَّى القرآن الكريم الردَّ عليهم، مُدافعًا عن المؤمنين المقاتلين فقال {ومَن يَتوكَّل عَلَى اللهِ فَإنَّ اللهَ عَزيزٌ حَكِيم}
ثمَّ مَا الذي يُريدُه هَؤُلاءِ؟
أيريدون منا أن ننكس راية الجهاد؟ وأن نسقط علم المقاومة؟ أيريدون منا أن نسلم البنادق وأن نطمس الخنادق؟ أيريدون منا أن نشحذ السكاكين وأن نسلمها للذباحين وأن نقول لهم: تعالَوا اذبحونا دون أن تسموا علينا أو أن تكبروا ؟
ونحن نقول: وربِّ الكعبة لن يحدث هذا حتى ولو في الأحلام، وكيف يحدث هذا وقد منَّ الله عليَّ في الاسبوع الماضي وطفتُ على عددٍ من سرايا المجاهدين، من إخواننا في كتائب القسام، فرأيت شبابًا أُباةً كماةً، قد امتشقوا أسلحتهم وحملوا بنادقهم، وعيونهم ترنوا نحو بيت المقدس، ينتظرون لحظة النزال ويتحرقون للوصول لميدان القتال، فقلت لهم وأنا أنظر إلى علو همتهم، وصدق عزيمتهم:
يا سيدَ الرُّسلِ طِبْ نَفسًا بِطَائفةٍ    بَاعُوا إِلى اللهِ أروَاحًا وَأبدَانًا
قَاُدوا السّفينَةَ ما ضَلُّوا ولَا وَقفُوا      وكَيفَ لا وَقدْ اختَارُوك رُبَّانًا؟!
أعطَوا ضَريبَتَهم للدِّينِ مِن دَمِهم      والنَّاسُ تَزعُمُ نَصرَ الدِّينِ مَجَّانًا
أعطَوا ضَريبَتَهم صَبرًا علَى مِحنٍ     صَاغَت بِلالاً وَعمَّارًا وسَلمَانًا
اللــــهُ يَعرفُهـم أنصَـــارَ دَعــــوَتِه      والنَّاسُ تَعرفُهم للخَيرِ أعوَانًا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى