اليوم ذكرى ميلاد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي.. لسان كل الفصول

عبد الرحمن الأبنودي هو شاعر العامية المصرية الجنوبي، ولسان كل الفصول لقدرته على التنوع في أشعاره، وقد عُرف بلقب “الخال”.
والأبنودي شاعر كبير حفر اسمه بنفسه ومكانته مع أسماء مصرية كبرى، مثل فؤاد حداد وصلاح جاهين وسيد حجاب، على مدى ما يقرب من نصف قرن تقريبا، وغنى له عمالقة الطرب الكبار من أمثال عبد الحليم حافظ وصباح وفايزة أحمد ومحمد رشدى ونجاة ومحمد منير وعلى الحجار أروع الكلمات.
في مثل هذا اليوم، 11 أبريل عام 1938، ولد الشاعر الجنوبى عبد الرحمن الأبنودى في قرية أبنود بمحافظة قنا بصعيد مصر، لأب يعمل مأذونا شرعيا، عاش في شارع بني على، واستمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها وهو صغيرا.
وقد حصل على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب بجامعة القاهرة، فتوسعت معارفه الأدبية، وقرأ لكبار الشعراء العرب، لأبي العلاء المعري والمتنبى، ومن أشهر كتاباته “السيرة الهلالية”.
حكايته مع فاطمة قنديل
والدته صاحبة الفضل عليه، “فاطمة قنديل” تلك المرأة التي قامت بدور الأم والجدة في حياته، وقد اعتاد الخال ذكر اسم والدته في الكثير من أشعاره، لكنه حرص على نطقه باللغة العامية المصرية “فاطنة”.
عن والدته قال: أمى فاطمة قنديل، هى ملهمتى ومعلمى الأول التى أرضعتنى الأشعار والطقوس والأغنيات والتراث.
البداية مع محمد رشدي
كانت أولى الأغانى التى كتبها عبد الرحمن الابنودى “تحت الشجر يا وهيبة”، وببعدها ”عدوية“ التى غناها محمد رشدى ولحنها بليغ حمدى، وأغنية “بالسلامة يا حبيبى بالسلامة” التى غنتها نجاح سلام لتبدأ بعدها انطلاقته الفنية فى عالم الشعر وكتابة الأغاني.
يفسر الأديب جمال الغيطاني في كتاباته سر تسمية عبد الرحمن الأبنودى بالخال فيقول: إن الشعب المصري عندما كان يحب أحدا ويثق فيه كان يسميه الخال، لأن الخال لا يرث وليس لديه أية مطامع شخصية، ولذا فقد أطلقوا على الشاعر عبد الرحمن الأبنودي لقب الخال حبا فيه.
مشوار مع عبد الحليم حافظ
كتب الأبنودي كلمات الأغنيات الوطنية ذائعة الصيت، بصوت الراحل عبدالحليم حافظ، في أغنيات “عدى النهار”، و”أحلف بسماها وبترابها”، وأخرى رومانسية تضمنت طعم الفلكلور المصري، مثل “كل ما أقول التوبة”، و”أحضان الحبايب” في فيلم “أبي فوق الشجرة”، وغيرها من الأغاني التي حققت نجاحا كبيرا في مشواري “العندليب” و”الخال”، اللذين كانا خير معبر عن الشارع المصري وقتها.
المشروع والممنوع من شعر الأبنودى
قدم خلال مشواره الأدبى عشرين ديوانا منها: وجوه على الشط، الموت على الأسفلت، صمت الجرس، المشروع والممنوع، المد والجزر، الأحزان العادية وغيرها، وكان ديوانه الأخير باسم “مربعات” الذى كتب مقدمته الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل قال فيها: لا يحتاج إلى من يقدمه للناس، لأنه حاضر أمامهم طلعة وطلة، وصوتا هادرا، وجاذبية مغناطيس يشد ما حوله، ولا يحتاج إلى من يحلل الإنسان فيه، فالخلاصة في شأن الأبنودي، أنه شراع على النيل جاء من صعيد مصر، مرتحلًا إلى الشمال، حاملًا معه خصب النهر العظيم، ينثره حيث يصل، ويحول الطمى بالفن إلى زهر وورد وإلى شوك أحيانا.
ارتبط بتاريخ خصام مع كوكب الشرق ام كلثوم وكان دائم الهجوم عليها حيث كان ينتقد طول اغنياتها التي كانت تصل الى ساعتين للاغنية الواحدة، ويقول انه من الأفضل ان يقرأ كتابا بدلا من الاستماع اليها بل انه رفض الكتابة لها.
تزوج مرتين في حياته، الأولى هي الكاتبة عطيات الأبنودى وبعد سنوات تم الطلاق ليتزوج بعدها من المذيعة نهال كمال التي احبته حبا كبيرا وأنجب منها ابنتين آية ونور، وهو يقول عنها: هي لم تكتب الشعر لكنها هي الزوجة والحبيبة والصديقة التي أقرأ عليها كل انتاجى الشعرى.
حصل الأبنودي على جائزة الدولة التقديرية عام ٢٠٠١، ليكون بذلك أول شاعر عامية مصري يفوز بها، كما فاز بجائزة محمود درويش للإبداع العربي لعام ٢٠١٤،
موقف رافض للاخوان المسلمين
كان للأبنودي رأى ضد جماعة الاخوان المسلمين الذين حكموا مصر اقل من عام يقول فيه: أن جماعة الإخوان لا ترى إلا اتباعها وأنصارها فقط هم المسلمون والباقى كفرة، لذلك الشعب كرههم وكره أي شخص ينتمى لهم وكره حكمهم الفاسد الظالم الذي عمل على تعيين أتباعه في جميع مناصب الدولة دون أي شروط لدرجة أنهم قاموا بتعيين حملة الدبلومات في مناصب قيادية، ولكن ثورة الشعب المصرى قضت على حكمهم وسيتم تطهير المؤسسات مرة أخرى.
السجن فى عهد عبد الناصر
وبسبب آرائه السياسية سجن في عهد الرئيس عبد الناصر ستة اشهر بسجن القلعة عام 1966، ورغم ذلك كان يقول انه لولا عبد الناصر لما دخل المدارس وتعلمت، وقد ظل وفياً لذكرى هذا الزعيم العظيم
وبعد خرجه من السجن عاد من جديد لأشعاره وكتبه ومشروعه مع عبد الحليم حافظ.
وبعد رحيل عبد الناصر اطلق الابنودي كثر من قصيدة وموال في مديحه ابرزها..
التّناتيش
من يمدحُه يطلع خاسر
ويشبَّروله.. أيامه
يعيش جمال عبدالناصر
يعيش بصوته وأحلامه فى قلوب شعوب عبدالناصر
مش ناصرى ولا كنت ف يوم
بالذات فى زمنه وف حينه
لكن العفن وفساد القوم
نسّانى حتى زنازينه.. فى سجون عبدالناصر
إزاى ينسّينا الحاضر..
طعم الأصالة اللى فى صوته؟
يعيش جمال عبدالناصر
يعيش جمال حتى ف موتُه ما هو مات وعاش عبدالناصر!!
اسمه جمال وجميل فعلاً
ياما شفنا شجعان خوّافه
عظيم.. وكان إنسان طبعاً
المجد مش شغل صحافة علشان ده عاش عبدالناصر
أعداؤه كرهوه ودى نعمة
مِن كرهُه أعداؤه صادق
فى قلبه كان حاضن أمَّه
ضمير وهمَّة ومبادئ ساكنين فى صوت عبدالناصر
ملامحنا.. رجعت بعد غياب
دلوقت بس اللى فهمناه
لا كان حرامى ولا كداب
ولا نهبها مع اللى معاه أنا باحكى عن عبدالناصر
عشنا الحياة وياه كالحلم
فلا فساد ولا رهن بلاد
يومها انتشينا ثقافة وعلم
وف زمنه ماعشناش آحاد كنا جموع فى زمن ناصر
كان الأمل فى خُضرِتُه بِكْر
مافيش لصوص للقوت والمال
ومصر أبطال ورجال فكر
ومثقفين ستات ورجِال جيوش جمال عبدالناصر
كان الهلال فى قلبه صليب
ولا شفنا حزازات فى بلادنا
ولا شُفنا ديب بيطارد ديب
ولا جرَس خاصم مادنة وَحَّدْنا صُوت عبدالناصر
دفعنا تمن الحرية
بدمّ مش بدينار ودولار
يوم وقفته فى “المنشية”
خلّى الرصاص يهرب من عار أعداء جمال عبدالناصر
رغم الحصار كنا أحرار
وفى الهزيمة الشعب ماجعْش
كان اسمها “بلد الثوار”
وقرار زعيمها مابيرجعْش قرار جمال عبدالناصر
خلَّى بلادُه.. أعزّ بلاد
ليها احترام فى الكون مخصوص
لا شفنا وسط رجالُه فساد
ولا خطط سمسرة ولصوص كان الجميع عبدالناصر
لولاه ماكنتوا اتعلمتوا
ولا بقيتوا “دراكولا”
ياللى انتو زعما وإنجازكو
دخّلتوا مصر الكوكاكولا وبتشتموا ف عبدالناصر
عمره ما جاع فى زمانه فقير
أو مالتقاش دوا للعِلّة
دلوقت لعبةْ “اخطف طير”
والأمة فى خِدْمةْ شِلَّة تكره جمال عبدالناصر
يتّريقوا على طوابيرُه
علشان فراخ الجمعية
شوفوا غيره دلوقت وخيرُه
حتى الرغيف بقى أمنية يرحم جمال عبدالناصر!!
فيه ناس بتنهب وتسوِّف
لا يهمّها من عاش أو مات
ورضا العدو عنّا يخِوِّف
معناه أكيد إننا قَفَوات من يوم مامات عبدالناصر!!
الأرض رجْعت للإقطاع
وقالوا: “رجعت لصْحابها”
وصاحبَك الفلاح تانى ضاع
ضاعْت العقود واللى كتبها وخط إيد عبدالناصر!
أنا أذكُرك من غير ذكري
والناس بتفتكرك بخشوع
الأمس واليوم ده وبكره
يبكوك بعظمة مش بدموع يكفَى نقول: “عبدالناصر”
دلوقت رجعوا الفقرا خلاص
سكنوا جحورهم من تاني
رحل معاك زمن الإخلاص
وِجِهْ زمن غير إنسانى ماهوش زمن عبدالناصر!!
صحينا على زمن الألغاز
يحكمنا فيه “أهل الأعمال”
وللعدو.. صدّرنا الغاز
بفرحة وبكل استهبال نكاية فى عبدالناصر!
بنمدها بغاز الأجيال
تحويشةِ الزمن القادم
إتوحَّشوا فْ جمع الأموال
ورجعْنا سادة.. وخوادم ضد اتجاه عبدالناصر
يا جمال.. نجيب زيك من فين
يا نار.. يا ثورة.. يا ندهِةْ ناي..
البوسطجي.. إللى اسمه “حسين”
– أبوك – منين جابك؟ وإزاي.. عمل جمال عبدالناصر؟!
لو حاكتبك.. ما تساع أقلام
ولا كلام غالى وأوراق
الأمر وما فيه.. أنا مشتاق
فقُلتْ أمسِّى عليك وأنام نومةْ جمال عبدالناصر!!
“موال لجمال”
وألْف رحمة على اللى لِسَّه “قُلْنا وقال”.
اللى مَضَى وذمِّته.. مَثَل جميل.. يتقال.
ما هي نادْرة في مصر حاكم.. يطلع ابن حلال
حاكم.. يِدادى الجميع.. ويبوسْ رقيق الحال.
وده عِشْقِتُه: فلاحين.. طلَبة.. جنود.. عُمّال.
وخاض معارك جِسام.. مين طلّع الاحتلال..؟
مين اللى صحَّى الشعوب.. تكسَّر الأغلال؟
ويْبُخُّوا أكاذيب فى سيرتُه يسمِّموا الأجيال.
من بعد ما شفنا غيرُه.. فهمنا عهد جمال.