معركة الكرامة ليست مجرد ذكرى
بقلم: عبدالهادي الراجح

في الحادي والعشرين من اذار مارس من كل عام، والذي يتوافق مع عيد الام، تصادف الذكرى السنوية لمعركة الكرامة الخالدة.. ذلك اليوم العظيم والتاريخي الذي امتزج فيه دم الجندي الاردني البطل مع دم اخية الفدائي البطل، وفي ذلك اليوم الاستثنائي اثبت الجندي والفدائي ان الكف يمكن ان يناطح المخرز بل ويتغلب عليه .
في ذك اليوم التاريخي الحادي والعشرين من اذار مارس عام 1968م اثبت الجندي الاردني واخية الفدائي ان هزيمة الكيان الصهيوني وقطعانه في الميدان ليست مستحيلة ، رغم كل الدعم الهائل الذي تلقاه من الشيطان الاكبر يشاركه في ذلك كل اتباعه بالغرب الامبريالي .
في ذلك اليوم التاريخي فتحت ابواب النصر، واغلقت ابواب الهزائم ، ولو قرأنا حركة التاريخ جيدا لوجدنا أن العدو مجرد كلب حراسة من الورق ، وان هزيمته حتمية تاريخية اذا وجدت القيادات العربية الصادقة في مكانها الطبيعي ،
يوم الكرامة ليس يوما عاديا في سجل التاريخ والصراع مع الكيان الصهيوني، فهو اكبر دليل ان الوحدة وقومية المعركة هما اساس النصر وحتمية طبيعية لذلك .
فعندما اتحد الجندي الاردني مع اخية الفدائي الفلسطيني كانت النتيجة ؛ هزيمة العدو الصهيوني الذي اعماه الغرور حتى ان قائده موشى ديان اعلن بكل وقاحة واستخفاف بالعرب انه ذاهب لنزهة عسكرية للقضاء على ما يسمية الارهابيين ( اي الفدائيين الابطال) وجلب من يستسلم منهم اسيرا ، واجتاز الحدود الاردنية صوب منطقة الكرامة يملؤه الغرور بانتصاره الرخيص بنكسة حزيران يونيو التي ما كانت لتحدث لولا الخيانة العربية من اصحاب الجلالة اياهم، والدور المحوري الامريكي عسكريا ومخابراتيا ، ولكن ما أن اجتاز الحدود حتى فوجئ بمقاومة اسطورية ممن يريدون الموت بشرف او الحياه بكرامة انسانية من الجيش الاردني الباسل والفدائيين الفلسطينيين الابطال ، وما هي الا ساعات حتى كان موشى ديان وقطعان جيشة يغادرون ارض المعركة، بينما قيادتم في تل الربيع المحتلة تطلب من الامم المتحدة وقف اطلاق النار، واندحروا خائبين فاشلين وقد تركوا خلفهم عددا كبيرا من الاليات والاسلحة وعددا من القتلة والجرحى امام كل وسائل الاعلام في العالم خاصة الصهيونية التي رافقت موشيه ديان لتسجل انتصاراته المزعومة وبطولات قطعانه التي حولت لهزيمة مخزية ؛ الأمر الذي أقلق الصهاينة ومشغليهم في العالم وقال قائلهم : أن ذلك اليوم العصيب على قطعان جيشهم يجب أن لا يتكرر .
وللأسف هذا ما حدث بعد يوم الكرامة العظيم الذي لا شيء يسيء اليه أكثر من ادعاء كل من عنصري النصر (الجيش والفدائيين) أنه العنصر الأساس لذلك النصر ، وهذا ما عمل العدو على تعميقه والعمل عليه بواسطة عملائه ، بحيث أصبح كل واحد ينكر دور الآخر ومعنى ذلك عدم تكرار ما حدث ، وهو نفس الشيء الذي وقع بعد ذلك بخمسة اعوام في حرب أكتوبر عام 1973م ، حيث أعلن أنور الساداتي أنها آخر الحروب ولن تكون هناك حرب بعد أكتوبر، بعد أن أدار ظهره لشريكه الأساسي سوريا الأسد وكل العرب الذي شاركوا في تلك الملحمة الخالدة ، حيث كان عنوان المعركتين ( قومية المعركة) مع العدو وليس محاولة كل طرف تجيير النصر لصالحه ، ومعنى ذلك افراغه من مضمونه القومي .
ان يوم الكرامة كان وسيبقى المسمار الأول الذي دق في نعش العدو الصهيوني ، وأثبت أن هزيمته عسكريا ليست مستحيلة ؛ عندما تصدق النوايا ويوجد القادة العسكريون المؤهلون لذلك .
في ذكرى ذلك اليوم المجيد من تاريخ أمتنا العربية والمقاومة الفلسطينية ، أُثبت أن العدو كما وصفه سيد المقاومة، حسن نصر من الله ( أوهى من بيت العنكبوت ) .
ولعل أكثر ما يسيء ليوم الكرامة والسادس من أكتوبر هو محاولة كما أسلفت كل طرف تجيير النصر لصالحه ، وللأسف رأينا بعد ذلك النتائج التي أوصلتنا الى كامب ديفيد وملحقاتها المذلة في اوسلو وادي عربه والبقية تأتي .
ولعل شهداء الأمة العربية من كل الأقطار في أضرحتهم الطاهرة اليوم يلعنون كل من وقع وخان وطبع وفرط بدمائهم الطاهرة، بحجة السلام الذي لن ولم يصل اليه أي طرف مع كيان لا يؤمن الا بلغة القوة .
في ذكرى يوم الكرامة العظيم نوجه تحية تقدير واحترام ووفاء والتزام لأرواح الشهداء من الجيش الأردني الباسل والفدائيين الفلسطينيين الأبطال، والى قائد تلك الملحمة الخالدة البطل العظيم الفريق مشهور حديثه الجازي، ونقول لهم أن تضحياتكم وبطولاتكم ستبقى القنديل الذي ينير لنا الطريق نحو المستقبل .
رحم الله كل شهداء الأمة العربية في صراعنا الوجودي مع الكيان الصهيوني الغاصب ومن خلفه من شياطين الأرض ،وسيبقى يوم الكرامة يوما خالدا واستثنائيا في تاريخ الأمة العربية ، وأكبر مبرر لوحدة الصف العربي وقومية المعركة القادمة في مواجهة عدو لئيم يستهدف كل أمة الضاد ،تحت خرافات أرضهم المزعومة من الفرات الى النيل .
ولا نامت أعين الجبناء .