تَزايَدَ في العقود الثلاثة الأخيرة الاهتمام بدراسة المُدن من نواحٍ عدّة، سوسيولوجيّة وديموغرافيّة وأنتروبولوجيّة وعمرانيّة وتنمويّة وبيئيّة وغيرها، وذلك بعد أن أضحى أكثر من نصف سكّان العالَم يعيشون الآن في مناطق حضريّة، مع توقُّع ارتفاع نسبة قاطِني المُدن في العام 2030 إلى 60%.
من هنا قرّرت مؤسّسة الفكر العربي أن تُخصّص كِتابَها السنوي السادس “أفق” لموضوع “المُدن العربيّة بين العراقة والاستدامة”، مدرِكةً أنّ المدينة عالَمٌ شاسعٌ يكاد لا يُحَدّ، وأنّ الموضوعات التي ترتبط بها لا تُحصى، لكنّها اختارت هذا الموضوعَ بالذّات، نظراً لما تُمثّله المدينة العربيّة من تراثٍ فريدٍ وثريّ تنبغي حمايته، ولما يُفرض عليها من تحديّاتٍ داهِمة ومُنوّعة يَتعيّن علينا العمل الجادّ لمُواجهتها، ونظراً أيضاً لما تَنشده من حداثةٍ واستدامة يحسن بها أن تتهيّأ للانخراط الفعلي في فضاءاتهما ومَساراتهما.
يتألّف الكتاب الصادر حديثاً عن مؤسّسة الفكر العربي من أربعة مَحاوِر، يتناول أوّلها تاريخ المدينة العربيّة وهويّتها، مستعرِضاً خصائصها وتراثها المعماريّ. ويعالِج المحور الثاني التحوّلات العميقة التي طَرأت على المدينة بفعل الهجرة الكثيفة من الريف والنموّ المدينيّ السريع. وينظر المحور الثالث إلى مستقبل المدينة العربيّة، من خلال التعريف بالمدن الذكيّة والخضراء والإبداعيّة. أمّا المحور الأخير فيهتمّ بحضور المدينة في المِخيال الروائيّ الذي وثّق تاريخ المدن العربيّة وساهم في الحفاظ على ذاكرتها من التبدّد والنسيان.

في ذكرى رحيله الـ ٥٣ .. قراءة في حيثيات “العروة الوثقى” بين عبد الناصر وجماهير الشعب العربي
بعض الناس يشبهون الوطن، إن غابوا عنا شعرنا بالغربة (نجيب مح... إقرأ المقال