بعضَ فَرَحِكُم أيُّها الفَرِحونَ !!

 

اتفقتِ المملَكةُ السعوديةُ وَ إيرانُ ، عَلَىٰ إعادَةِ العَلاقاتِ السياسيةِ بينهما ، وكانَ ذلكَ بسعيٍ حثيثٍ مِنْ حكومةِ الرّئيسِ الصينيّ شِي جِينْ بينْغَ ، الّذِي خرجَ الخَبَرُ مِنْ حاضَرَةِ بلادِهِ ، يومَ ١٠ / ٣ / ٢٠٢٣ م .
ساءَ هَٰذَا النّبَأ كثيراً مِنَ المُحْتلّينَ المُجرمينَ ، وكانَ مِنْ جُمْلَتِهم رَئيسُ وزرائهِمُ السابِقُ يائيرُ لابيدَ ، الّذِي قالَ إنّ الاتّفاقَ السعوديَّ الإيرانيَّ فشلٌ تَامٌّ وخَطِرٌ ، لسياسةِ حكومةِ نتانياهو الخارجيّةِ ، وكذلكَ كانَ قولُ أكثرِ وسائلِ إعلامِهِم .
وسَرَّ ذلكَ النَّبَأُ قوْماً كثيراً مِنّا ، لالتئامِ ذلكَ الجرحِ بينَ بلدينِ كَبيرَيْنِ مسلِمَيْنِ ، وهاجَ الأمرُ بِبَعْضِهم فيما رأينا عَلَىٰ ( يوتيوبَ ) حَتّىٰ ظنّ أنّ هَٰذَا أهمُّ خبرٍ في العشْرِ السنينَ الماضيَةِ !
بلِ – مِنْ أسَفٍ وَ اسْتِهجانٍ – انزلَقَ إلىٰ الترحيبِ بهِ ، والثناءِ عليهِ السّيّدُ حسنُ نصرِ اللهِ ، الرّجلُ الّذِي يزِنُ قولَهُ بميزانِ الذّهبِ ، وَ لَمْ يَسَعْهُ السُّكوتُ والانْتِظارُ هذهِ المَرّةَ !
وأمّا نحنُ ، فإنّا نرَىٰ أنّ ذلكَ مِنَ السعوديّةِ الَّتِي قطعتْ هيَ العلاقاتِ مع إيرانَ سنةَ ٢٠١٦ م ، بِخُطَّةٍ مُعَدّةِ سَلفاً ، محسوبةٍ في استفزازِها ، بِقتلٍ وحشِيٍّ ذريعٍ لِلشّيخِ البَرِيئِ مِنْ كلِّ ذنبٍ نَمِرِ النّمِرِ .. نقولُ إنّ ذلكَ تمهيدٌ لاعترافِ حكومةِ محمّدِ بنِ سلمانَ ب ” إسرائيلَ ” ، فهوَ يريدُ اشْتراءَ السكوتِ الإيرانيِّ عَنْ هذهِ الجريمةِ الوَشيكَةِ ، أو – في الأقَلِّ – اختصارَ ردّ فعلها وغضبِها وغضبِ القومِ الَّذينَ يدورونَ في فلكها إلَىٰ الحدّ الأقلِّ مِنَ التنديدِ .
ولولا هَٰذَا لمَا أذِنَتْ إدارَةُ الرّئيسِ بايدِن بذلكَ ؛ فَقَدْ كانتْ ” في الصورةِ ” وعلىٰ علمٍ سابقٍ بهِ ، كَمَا قالَ المتحَدِّثُ باسمِ مجلسِ الأمنِ القومِيِّ الأميركيِّ جون كيربي .
فالسعوديةُ تذكرُ أن إيرانَ قطعَتْ علاقَتها معَ مِصْرَ بعدَ اتفاق كامپ ديڤِد سنة ١٩٧٩ م ، الّذِي اعترفَ فيه الرّئيسُ أنْوَرُ الساداتِ بتلكَ الدولَةِ ، وقادَتْ حملةً مِنْ تنظيماتٍ وبلادٍ شتّىٰ للطعنِ عليهِ ورميِهِ بالخِيانةِ .. حَتّىٰ كانَ مِنْ أمرِهِ يوْمَ ٦ / ١٠ / ١٩٨١ م ما يعلمُ الناسُ جَمِيعاً .
وَمَنْ شاءَ أن يتذكّرَ أمْراً قريباً ، ممّا يعملُ هؤلاءِ ، فليذكرْ أنّ محمدَ بنَ زايِدٍ أعادَ العلاقاتِ مع سوريّةَ ، وانفتحَ عليها بطياراتٍ تَحملُ أوْقارَ الدواءِ ومطاعيمِ كورونا ، وَ بِدَعْوَةِ الرّئيسِ الأسدِ لزيارةِ أبي ظبيٍ .. ثُمّ ما لبثَ أن اعترفَ بدولةِ المُجرمينَ عَلَىٰ أرضِ فلسطينَ ، وَ صارتْ حكومتُهُ تحملُ عَلَىٰ المُقاوِمينَ الفُقَراءِ المَظْلُومينَ في فلسطينَ ، ولا تقولُ كلمَةً عَنْ مُسلسلِ مذابِحِهم اليوميِّ ، وتُنّدّدُ بردودِ أفعالهِم عَلَىٰ جرائمِ المحتلينَ ، بلسانٍ كأنّهُ لسانُ إيتمارَ بنْ غْفيرَ .
فهَؤلاءِ ينقُلُ بعضُهم مِنْ بعضٍ ، ويعَلّمُ بعضُهم بعضاً ، لِترضىٰ عنهمُ الولاياتُ المتّحِدَةُ ، وتُطيلَ بقاءَهم .
ثُمّ – يا لَيْتَ شعري – لاسْتِرْضاءِ مَنْ يقيمُ ابنُ سلمانَ مشروعَ ” نيومَ ” في شمالِ غربِ جزيرةِ العربِ ، ويختارُ لَهُ هَٰذَا الاسمَ ؟ وَ لِمُداعَبَةِ مَنْ ؟ وَ بادِرَةً لِحُسْنِ جوارِ مَنْ ؟ ألِاستِرضاءِ إيرانَ وَ كسبِ وُدِّها ؟ وَ عَمَّنْ قالَ ابنُ سلمانَ ، يوْمَ ٣ / ٣ / ٢٠٢٢ م إنّها حليفٌ مُحْتَمَلٌ ؟
أثُمّ لَمْ يعْلَمْ قَوْمُنا بالمناورةِ البحريّةِ المشتركةِ للأسطولِ الخامسِ الأميركيِّ ، الَّتِي شاركتْ فيها السعوديّةُ إلَىٰ جانبِ ” إسرائيلَ ” قبلَ أيّامٍ معدوداتٍ في الثالث مِنْ هَٰذَا الشهرِ ( ٣ / ٣ / ٢٠٢٣ م ) وكانَ العَدُوَّ المُفْتَرَضَ فيهَا إيرانُ ، وكيفَ يكونُ القِيامُ المشتركُ في وجهها ، كَمَا قالَ قائدُ الأسطولِ بْرادُ كوبَرَ .
أمْ أنّ كثيراً مِنْ قومنا يعيشونَ أخبارَهم يوماً بيَومٍ ، وحديثُ ليلِهم يمحوهُ النهارُ ، فلا يتذكرونَ شيئاً ولا يعقلونَ !
• فَأقولُ إنَّ أمْرَ الاعْتِرافِ هَٰذَا سَيَكونُ قريباً ، وَ بأعجلَ ممّا يَظُنُّ الظَّانُّونَ ، أوْ يَتَوَقَّعُ المُتَوَقِّعونَ ( فسَتَذْكُرونَ ما أقولُ لكُمْ ، وأفَوِّضُ أمْرِي إلَىٰ اللهِ ، إنّ اللهَ بَصِيرٌ بالعِبادِ ) .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى