التقارب الإيراني السعودي برعاية صينية “يعمق” حالة الانقسام السياسي في الداخل الإسرائيلي

على مدار الساعات القليلة الماضية، تعمقت حالة الاستقطاب السياسي الداخلي في إسرائيل على وقع صدور البيان الثلاثي المشترك الذي أعُلن فيه عن استئناف العلاقات السعودية الإيرانية برعاية صينية.

وبسبب تقارب السعودية نحو إيران، ألقت المعارضة الإسرائيلية باللوم على الحكومة الجديدة التي تعتبر أكثر حكومة يمينية في تاريخ البلاد.

في الطرف الآخر، كانت الأصوات المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، تشير إلى أن ملامح الصفقة السعودية الإيرانية تشكلت خلال عهد الائتلاف الحكومي السابق الذي يتكون من أيدولوجيات متباينة.

وتخوض إيران حرب ظل مع إسرائيل منذ سنوات، إذ تتهم طهران، إسرائيل بالوقوف وراء سلسلة من الهجمات التخريبية والاغتيالات التي استهدفت برنامجها النووي.

وقال المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، إن ما حدث من استقطاب سياسي حاد “يدل على عمق الأزمة الداخلية التي تعيشها البلاد”.

في حديثه لموقع قناة “الحرة”، قال شتيرن إن الاتهامات المتبادلة للسياسيين الإسرائيليين بشأن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، تسلط الضوء على “كيفية استغلال موضوع خارجي في الصراعات الداخلية”.

“حان الوقت لحل الخلافات”
وجاء إعلان، الجمعة، بشأن استئناف العلاقات السعودية الإيرانية في غضون أقل من شهرين، بالتزامن مع تصريحات لنتانياهو في رحلته بإيطاليا عن مساعيه إنشاء قطار يربط المملكة الخليجية بإسرائيل عبر ميناء حيفا.

ولطالما صرح نتانياهو بأنه يرغب في ضم السعودية لمعاهدة إبراهيم التي أبرمت خلال ولايته السابقة صيف العام 2020 وأفضت بإقامة إسرائيل لعلاقات دبلوماسية كاملة مع 4 دول عربية، بما في ذلك البحرين والإمارات التي لديها علاقات دبلوماسية مع إيران أيضا.

وقد اعتبر زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لبيد، أن “الاتفاق بين السعودية وإيران يشكل فشلا تاما وخطرا لسياسة الحكومة الإسرائيلية الخارجية”.

في المقابل، لم يصدر نتانياهو بيانا رسميا على الفور، لكن وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أن مسؤولا إسرائيليا كبيرا – لم تكشف عن هويته – أبلغ المراسلين المرافقين لرئيس الوزراء أن إدارة لابيد السابقة هي المسؤولة عن تحسن العلاقات السعودية الإيرانية.

وقال يولي إدلشتاين، عضو الكنيست البارز عن حزب الليكود برئاسة نتانياهو، إن “العالم لا يتوقف بينما نحن مشغولون هنا بالصراعات على السلطة”.

وأضاف إدلشتاين، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”: “لقد حان الوقت للجلوس والتحدث وحل خلافاتنا من أجل أن نتحد ضد التهديد الوجودي لنا”.

وتعيش إسرائيل خلافات سياسية وصفت على أنها “الأعمق في تاريخ البلاد” بسبب مشروع تقوده الحكومة التي أدت اليمين الدستورية نهاية العام الماضي، من شأنه أن يقوض صلاحيات المحكمة العليا لصالح أعضاء الكنيست المنتخبين.

ويرفض المعارضون مشروع الإصلاح القضائي على اعتبار أنهم يرون فيه تهديدا للطابع الديمقراطي لإسرائيل، لكن المؤيدين يعتبرونه ضروريا للحفاظ على مسيرة البلاد الديمقراطية.

ومنذ شهرين، تخرج تظاهرات حاشدة في إسرائيل احتجاجا على مشروع الإصلاح القضائي الذي صوت عليه الكنيست قبل نحو أسبوعين في قراءة أولى.

التقارب مع إيران وصفقة التطبيع المحتملة
وبعيدا عن الاستقطابات السياسية الداخلية في إسرائيل، يقول محللون إن استئناف الرياض لعلاقاتها مع طهران لا يمكن أن يؤثر على أي صفقة تطبيع محتملة بين السعودية وإسرائيل.

في هذا الإطار، يرى أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، عبدالله العساف، أن علاقات المملكة مع إيران لن تؤثر سلبا أو إيجابا على أي صفقة تطبيع محتملة مع إسرائيل.

وقال العساف لموقع “الحرة” إن القرار السعودي بشأن إقامة علاقات مع إسرائيل معروف مسبقا، وهو مرتبط بالمبادرة العربية لعام 2002.

في عام 2002 وعلى هامش القمة العربية، أعلنت السعودية أنها ستطبع علاقاتها مع إسرائيل شريطة أن تعترف الأخيرة بدولة فلسطينية كاملة الحقوق على حدود 1967.

وأضاف العساف: “السعودية صريحة. إذا تم الالتزام بمخرجات المبادرة العربية لعام 2002 ستتجه (المملكة) للتطبيع … العلاقات السعودية الإيرانية لن تحرك ساكنا تجاه العلاقات مع إسرائيل سلبا أو إيجابيا”.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية السعودي أن المملكة “قادرة على أن تقيم علاقات متوازنة مع كافة الأطراف”، مستشهدا بعلاقاتها “الجيدة” مع الصين وروسيا من جانب والدول الغربية من جانب آخر.

وقال إنه بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع طهران، فإن إسرائيل ترغب بأن تحافظ على التفوق العسكري في المنطقة و”لا تريد أي قوة صاعدة”.

في الناحية المقابلة، يعتقد شتيرن وجود تأثير للتقارب السعودي الإيراني على المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة لتطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل، لكنه لا يستبعد شيئا في العلاقات الدبلوماسية.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال”، كشفت الخميس، أن السعودية تسعى للحصول على تعهدات أمنية ومساعدة نووية من الولايات المتحدة مقابل التطبيع مع إسرائيل.

أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن شخص مطلع، بأن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يلعب دورا مباشرا في المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة لإبرام اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن أشخاص مطلعين على المناقشات بين البلدين، القول إن الرياض طلبت من واشنطن تقديم ضمانات أمنية والمساعدة في تطوير برنامجها النووي المدني، بالتزامن مع سعي الولايات المتحدة التوسط لإقامة علاقات دبلوماسية بين المملكة وإسرائيل.

وقال المحلل الإسرائيلي شتيرن، إن تأثير صفقة طهران والرياض السلبي على احتمالية التطبيع سيكون “على المدى القصير فقط” على اعتبار أن “السعودية لديها مصالح مختلفة”.

وتابع: “مصلحتها الآن التقارب مع إيران والصين … فيما بعد قد يكون من مصلحة السعودية التقارب مع إسرائيل والولايات المتحدة”.

بدورها، تعتقد سيما شاين، خبيرة الشؤون الإيرانية والمسؤولة السابقة في الموساد، إن العلاقات السعودية مع إيران وإسرائيل ليست متعارضة.

في حديثها لصحيفة “نيويورك تايمز”، قالت شاين إنه “بطريقة ما، فإن هذا يحسن من إمكانية حدوث نوع من التطبيع بين إسرائيل والسعودية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى